منوعات

الصيادون يرحبون بـ”المطوق”: بغياب القانون الكلمة لـ”البواريد”

11 تشرين الثانى, 2023

قبل انبلاج الفجر، تتسابق السيارات باتجاه البقاع للحاق الوقت المثالي للصيد. تكون منطقة شتورا محطتها الأولى حيث تنتشر محال بيع مستلزمات الصيادين، ثم تُكمل طريقها باتجاه القاع، الفاكهة، اللبوة وحربتا، وغيرها من المناطق التي تجذب صيادي طائر “المطوق” الذي يمر في لبنان في هذه الفترة من العام، وتحديداً خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأول.

هكذا كان المشهد في الأعوام الماضية، ما قبل العام 2020 تحديداً، بحسب ما يرويه سعد، أحد العاملين في محل لبيع مستلزمات الصيد، حيث تسببت الأزمة الإقتصادية بانخفاض أعداد الصيادين بعض الشيء، وساهمت الأزمة “الأمنية” اليوم بانخفاضهم أكثر، ولو أن من المبكر الحكم على الموسم الحالي الذي انطلق منذ أسبوع تقريباً.

الصيد هواية مكلفة

يُحب الصيادون صيد طائر المطوق الذي يمر في لبنان في موسم زراعة القمح، فيأكلها بحسب ما يقول أحد المزارعين في منطقة اللبوة. وحسب “المجلس العالمي لحماية الطيور”، يُصنّف لبنان كثاني أكبر مسار للطيور المهاجرة على مستوى العالم، والبقاع هو المسار الأساسي لها، كون خريطة طريق الطيور المهاجرة التي تبدأ في القليعات في الشمال، وتصل الى دير ميماس بالجنوب، تمر بسهول البقاع وجروده التي تشكل مساحة “آمنة” وميسرة لتواجد الصيادين وممارسة هوايتهم التي تبدأ قبل “طلوع الشمس”، لعدة ساعات خلال النهار.

خلال الأزمة الاقتصادية، وقبلها أزمة “الكورونا”، تغير شكل الموسم، إذ لم يعد بإمكان الجميع ممارسة هواية الصيد كما كانوا يفعلون سابقاً لأنها باتت مكلفة، والأسعار هذا العام ارتفعت أكثر، حيث، بحسب سعد، فإن الصندوق الذي يحتوي على 10 علب من الخرطوش، وكل علبة تحتوي على 25 خرطوشة، يتراوح سعره اليوم بحسب “المصدر” ما بين 70 و90 دولاراً، بينما العام الماضي كان ما بين 50 و70.

“يحتاج الصياد الماهر بحال كان “المرق” جيداً، أي ان عدد الطيور كبير، الى صندوق على أقل تقدير خلال 5 ساعات من الصيد” بحسب ما يؤكد حسن وهو أحد صيادي “اللبوة” الذين ينتظرون الموسم كل عام؛ ويقول لـ”المدن” الى أن “كلفة الخرطوش جعلت أيام الصيد أقل، وساعات الصيد أقل أيضاً، أما بالنسبة لمن يقصدون المنطقة من أماكن بعيدة فهي مكلفة عليهم أكثر، إنما هناك فئة من الميسورين لم يغيروا من عاداتهم”.

رخصة صيد!!

في سهول البقاع عائلات بأكملها تقصد المنطقة للصيد وتمضية “نصف نهار” في الطبيعة، فتكون السيارات محملة بالكراسي والطعام والشراب، لكن أغلب هؤلاء لا يُدركون أن الصيد بلا رخصة أمر ممنوع، ومن يُدرك منهم لا يبالي، مثل حسن الذي يؤكد أن الأجهزة الأمنية “لا تسأل” عن هذه الأمور.

قد لا تكون “رخصة” الصيد وحدها ما لا تسأل عنه الأجهزة الأمنية في البقاع، وفي هذه الظروف، فخلال رحلة بالسيارة من بيروت الى اللبوة، لا تُصادف سوى عسكري واحد على حاجز معروف بنقطة “حربتا” وهو الحاجز المعروف في المنطقة باجراءاته القاسية لأسباب أمنية.

في شباط عام 2004، صدر قانون الصيد البري رقم 580 لتنظيم هواية الصيد وكيفية الحصول على ترخيص لممارستها، فبقي القانون حبراً على ورق حتى العام 2012 عندما نصت مراسيمه التطبيقية على كيفية الاستحصال على الرخصة في وزارة البيئة، فتُحدد، بعد خضوع الصياد طالب الرخصة “الأولى” لامتحان يُثبت قدراته الجسدية والنفسية كصياد، الأنواع التي يمكن صيدها، وعدد الطرائد، وغيرها من التفاصيل. لكن ذلك لم يُطبق سوى بنسب قليلة، مع العلم أن القانون في المادة 14 منه ينص على حبس المخالفين له وتغريمهم، ومؤخراً لم يُطبق القانون إطلاقاً، حتى أن جيلاً كاملاً من الصيادين لا يُدركون وجود هذه التفاصيل.

في لبنان مواسم صيد تُفتح وتُغلق بقرار وزارة البيئة بناءً على توصية من قبل المجلس الأعلى للصيد البري، تقول مصادر متابعة في وزارة البيئة، لكن الموسم الذي أقفل في العام 2021 لم يُفتح مجدداً. وتُشير المصادر لـ “المدن” الى أن الوزارة فضلت التفرج بدل أن تفتتح الموسم فتحصل أولا على بعض الأموال للدولة مقابل التراخيص، وتنظم عملية الصيد وتضع الضوابط لها ثانياً قدر الإمكان، خصوصاً أن بعض الصيادين يعتبرون مجرمين بحق الطيور والطبيعة.

لا يوجد موسم صيد في لبنان، رسمياً على الأقل، فبالنسبة للصيادين، الموسم يُحدد بوصول طائر المطوق الى لبنان، أما بالنسبة الى الطيور الأخرى، وتحديداً تلك التي لا يجب اصطيادها، ويُمنع اصطيادها، فأمرها متروك، بظل غياب المعنيين، لرحمة الله، وبعض ضمير حملة “البواريد”.

شارك الخبر: