متجر يخطئ ويبيع الآيباد بـ 15 يورو فقط!

في واقعة غريبة أثارت ضجة واسعة في أوروبا، قامت سلسلة الإلكترونيات “ميديا وورلد” بعرض جهاز آيباد إير بسعر لا يُصدّق بلغ 15 يورو فقط بدلاً من السعر الحقيقي الذي يقترب من 879 يورو. ظهر العرض في 8 تشرين الثاني لحاملي بطاقة الولاء، وتزامنه مع تخفيضات موسم “بلاك فرايداي” جعله يبدو كصفقة حقيقية، ما دفع العديد من المستهلكين إلى الشراء فوراً، خصوصاً عبر خيار “الدفع والاستلام من المتجر”. المفاجأة أن العملية سارت بسلاسة؛ الطلبات قُبلت، والمنتجات توافرت في الفروع، وتم الدفع بمبلغ 15 يورو فقط، وغادر بعض العملاء بالفعل وهم يحملون أجهزة آيباد جديدة، من دون أن تشير الشروط والأحكام إلى أي استثناء أو حق في تعديل السعر لاحقاً، بحسب تقرير موقع “Wired”.
بعد 11 يوماً من تسليم الأجهزة، أرسلت “ميديا وورلد” بريداً إلكترونياً غير رسمي الطابع إلى العملاء، أوضحت فيه أن السعر المعروض كان “خاطئاً بشكل واضح”، وطالبتهم بالاختيار بين حلين: الاحتفاظ بالآيباد مع دفع فارق السعر بعد منح خصم قدره 150 يورو، أو إعادة الجهاز واسترداد مبلغ 15 يورو مع الحصول على قسيمة خصم بقيمة 20 يورو. وأكدت الشركة أن ما حدث ناجم عن خلل تقني غير متوقع أدى إلى ظهور أسعار لا تتوافق إطلاقاً مع القيمة السوقية، واعتبرت أن الخطأ جوهري، ويقع ضمن الحالات التي تتيح قانونياً تصحيح العقد.
من الناحية القانونية، يشير محامون إلى المادة 1428 من القانون المدني الإيطالي، التي تسمح بإبطال العقد إذا كان الخطأ أساسياً وقابلاً للإدراك. غير أن المحامي المتخصص في قضايا المستهلك ماسيميليانو دونا يرى أن القضية أكثر تعقيداً؛ فالرسالة التي أرسلتها “ميديا وورلد” ليست إخطاراً رسمياً بل مجرد اقتراح لتسوية، وإذا تجاهلها المستهلك فقد تضطر الشركة إلى اللجوء للإجراءات القضائية لإثبات أن المشتري كان يدرك وجود خطأ في السعر. وهنا تبرز الإشكالية: فلا يكفي الادعاء بأن خصماً بنسبة 98% يجعل الخطأ بديهياً، خصوصاً في زمن العروض الفلاشية والأسعار المتغيرة خلال مواسم التخفيضات.
ويشير دونا إلى أن سلوك المشتري يلعب دوراً حاسماً في تقدير النية؛ فالشخص الذي اشترى جهازاً واحداً قد يُعتبر حسن النية، بينما من قام بشراء عدة أجهزة بغرض إعادة بيعها قد يُنظر إليه على أنه كان مدركاً للخطأ واستفاد منه عمداً. وحتى الآن، تبقى القضية مفتوحة: عملية شراء اكتملت دون اعتراض، يليها تراجع مفاجئ بعد أيام، ونقاش قانوني يدور حول سؤال محوري واحد: هل كان بإمكان المستهلك العادي أن يدرك أن السعر المعروض مجرد خطأ واضح؟
تحولت قضية “ميديا وورلد” إلى مثال جديد يُطرح في النقاش حول الأخطاء التقنية والأسعار غير الواقعية في التسوق الإلكتروني، ومن المرجح أن نشهد حالات مشابهة مع تزايد الاعتماد على المنصات الرقمية ونظم التسعير الآلي.
