لبنان

رئاسيًا: مفعول “الإبرة الخماسية” يزول… تعطيل في انتظار نوبة تحريك ثانية

24 شباط, 2024

جاء في “الجمهورية”:

الكواليس السياسية عابقة بالكلام وليس أكثر من ذلك. كلام في مجمله يائس غير قابل للصرف، يدور حول كل الملفات والقضايا، ويستحضر الإنقسامات ويجترّ التعقيدات، ويحيي التوترات، وينعى النقاشات والحوارات، ولا يُلامس مخرجاً جدياً أو حلاً موضوعياً لأيّ منها.

الملف الرئاسي يتعرّض بين حين وآخر لنوبة تحريك من «اللجنة الخماسية» توحي وكأنه وضعَ على نار التعجيل بحسمه. ثم ما يلبث أن يزول مفعول الإبرة الخماسية المنشطة، ويعود هذا الملف الى التموضع في زاوية التعقيد والتعطيل في انتظار نوبة تحريك ثانية.

اللجنة الخماسية تؤكد انها ستواصل مسعاها لإنضاج حلّ رئاسي، خصوصاً بعدما تأكّدت لها استحالة حل رئاسي صنع في لبنان، لكنّها تعترف في الوقت نفسه بصعوبة مهمتها هذه، ذلك انّ الشرط الاساس لنجاحها هو تجاوب المكوّنات السياسية في لبنان مع مسعاها، والإنخراط في حوار فيما بينها يُفضي الى توافق على رئيس للجمهورية. وهو ما لم يحصل حتى الآن، ومعنى ذلك البقاء في مربع السلبية والتعطيل الى ما شاء الله.

اللافت في هذا السياق، التقييم التشاؤمي الذي نَعت فيه مصادر سياسية مواكبة لحراك «الخماسية» المسعى الذي تقوم به اللجنة، حيث قالت لـ«الجمهورية»: الحراك الأخير للسفراء الخمسة تمحور حول نقطة وحيدة، وهي الدفع نحو حوار رئاسي، وليسوا مع أي مرشّح وليسوا ضد أي مرشّح. على هذا الاساس اجتمعوا وتواصلوا مع الاطراف، بصورة علنية وربما غير علنية. ولكن في خلاصة الأمر يبدو جلياً انّ الفشل هو النتيجة الحتمية المتوقعة لهذا الحراك، لأنّ رافضي الحوار ثابتون في هذا الرفض، وليس في ذلك فقط اشارة اكيدة الى إحباط مسعى «الخماسية»، بل هو تأكيد بأنّ هؤلاء لا يريدون لا رئيس جمهورية ولا حكومة جديدة ولا بلد».

ولعل ما يُفاقم إرباك الداخل اكثر، هو الخلل الذي تفشّى على كل المستويات الاجتماعية والمعيشية، بالتوازي مع اعباء مرهقة للمواطنين حملتها الموازنة التي أُقرّت اخيراً، من دون ان توفر للمواطن بدائل توازيها ليتمكن من تحمل اكلافها. يضاف الى ذلك أن الادارة في ذروة شللها، وها هي الاضرابات تشمل العديد من المؤسسات والقطاعات والادارات والوزارات، ويتواكب ذلك مع حراكات مطلبية، تَجلّت بالأمس في حراك العسكريين المتقاعدين، الذين اعتصموا في وسط بيروت وقطعوا الطرقات المؤدية الى السرايات الحكومية، وحالوا للمرة الثانية دون انعقاد جلسة مجلس الوزراء.

واعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي تأجيل الجلسة الى مطلع الاسبوع المقبل، وقال في تصريح: «كنّا قد توصّلنا بالأمس مع كل الأطراف من العسكريين في الخدمة والقطاع العام وجزء كبير من المتقاعدين الى حل مقبول من الجميع، وكنت سأطرح هذا الامر على مجلس الوزراء، ولكن ولسوء الحظ فوجئنا اليوم بالسلبية في الشارع وبالأعمال الشعبوية. وحفاظاً مني على تفادي أي تصادم مع أحد، وكي لا نزيد في الطين بلة، ولتفادي اي مشكلة اضافية، لكل هذه الاعتبارات، أبلغتُ السادة الوزراء عن تأجيل انعقاد الجلسة، وسأقوم بالدعوة الى عقد الجلسة الأسبوع المقبل، وهي ستكون مهمة. إذا لم يحصل النقاش في مجلس الوزراء فأين يحصل؟ هل يحصل النقاش في الشارع؟».

اضاف: «نحن سنعقد جلسة لمجلس الوزراء وسنتخذ القرارات اللازمة مع الأخذ بعين الاعتبار بأننا محكومون بأمرين، الأول: الموازنة التي لا نستطيع أن نتجاوز الاعتمادات المرصودة فيها لتحسين الرواتب. والثاني: بنتيجة اتصالاتنا ونقاشاتنا مع مصرف لبنان، فإننا محكومون بسقف معين من الانفاق، وأيّ إنفاق قد يتجاوز هذا السقف قد يؤدي إلى تضخم اضافي، وبذلك يكون ما أعطيناه بيد قد أخذناه باليد الأخرى. وليس وارداً لدينا ابداً أن نزيد الانفاق فوق السقف الذي حدّده مصرف لبنان بالاتفاق معنا، وبقناعتنا التامة. من هنا أناشِد الجميع التحلي بالايجابية، خصوصاً أن الحوافز التي كانت ستُعطى كانت كما طلبوا، وهي مغرية وكبيرة للرتب الدنيا للمتقاعدين وترضي كل الفئات».

شارك الخبر: