دمار ونزوح… القرى الحدودية في مواجهة العزل والتفريغ
كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
لم يعد خافياً على أحد، محاولات إسرائيل المتكرّرة تحويل قرى الجنوب الحدودية منطقة عازلة، بتكثيف الغارات على القرى، ما ألحق دماراً واسعاً بالمنازل، وقضى على القطاعات الزراعية والحيوانية التي تُعدّ العمود الفقري الأساس لسكّانها.
لا يستبعد رئيس بلدية كفركلا حسن شيت هذا المخطط، «فالإسرائيلي لم يتقبّل فكرة تحوّل مستوطناته إلى مدن أشباح، لذا يحاول أن يجعل القرى الحدودية منطقة عازلة من خلال التدمير والتهجير». غير أنّ شيت يؤكّد أنّ «الناس بمجرد انتهاء الحرب سيعودون إلى ديارهم لإعمارها».
يُخيّم الدمار على بلدة كفركلا. لا يمرّ يوم من دون غارتين أو ثلاث مع قصف مدفعي وفوسفوري. نزح الجزء الأكبر من سكانها نحو قرى النبطية وصور. يقول شيت إنّ «الاستهداف المباشر والمتكرّر يصيب المنازل السكنية. الخسائر كبيرة جدّاً لكنها تعوّض، لأننا أصحاب هذه الأرض ولن نتخلى عنها»، مشدّداً على أنّ «الإسرائيلي لن ينجح في تهجيرنا وعزل قرانا مقابل الأمان لسكان المستوطنات». وبحسب شيت «لولا قوّة الردع التي فرضتها المقاومة، لكان العدو قد أمعن في إجرامه أكثر».
يمكن قراءة «نوايا» العدو المخفية من توسيع عملياته العسكرية في القرى، وقصفه الأراضي الزراعية بالقذائف الفوسفورية، والتي تعني القضاء على مصدر عيش الجنوبيين ومنهم سكان بلدة رامية الحدودية. هذا ما يشير إليه رئيس بلدية رامية علي مرعي الذي لفت إلى أنّ «هذا المخطط لن يمرّ، ونردّ عليه بتمسّكنا بأرضنا والبدء بزرع البذور من قمح وخضار التي تحتاج إلى شهرين لتنبت إضافة إلى شتل الدخان بالتعاون مع «الرّيجي».
يعتمد سكّان رامية بغالبيّتهم على الزراعة في توفير سبل عيشهم، إذ لا توجد قطاعات إنتاجية أخرى وفق مرعي الذي يركّز على ضرورة «قطع الطريق على أي مخطط إسرائيلي بتفريغ القرى وعزلها لتوفير الضمان لسكان المستعمرات». ويشير إلى أنه يجري العمل على توعية المزارعين حول مخاطر الفوسفور وأثره السلبي على الزراعة وكيفية مكافحته.
بدوره، يرى رئيس بلدية يارون علي تحفة أنّ «العدوان يرفع سقف اعتداءاته ويوسّع غاراته ليدمّر أكثر وهذا ما برز في الأسابيع الأخيرة، كي يقبل الآخرون بشروطه، وأبرزها عزل منطقة الشريط الحدودي». فرغت يارون من معظم سكانها، فهي تقع مباشرة على الحدود مع القرى السبع المحتلة. في حرب تموز 2006 دُمّرت بالكامل، ومع انتهاء الحرب عاد أهلها وبنوا منازلهم من جديد، وهذا الأمر سيتكرر اليوم، يقول تحفة.
دمّر القصف الإسرائيلي أكثر من 150 وحدة سكنية ويواصل عملياته التدميرية فيها وهذا يندرج وفق تحفة ضمن خانة «تحويل القرى إلى منكوبة غير قابلة للعيش، غير أنّ أهل يارون يتمسّكون بأرضهم حتى الموت». ويضيف تحفة أنّ «العدوّ يتقصّد تدمير القطاعات الحيوية في القرى، ويصعب إحصاء الأضرار التي لحقت بمزارع الدواجن والمواشي والمزروعات، لكن العدوان تناسى أن أهل يارون يموتون ولا يتخلون عن أرضهم».
كما شيت، يعتبر تحفة أنّ «العدو لن ينجح في مخطّطاته، طالما توجد قوة ردع توقفه عند حدّه، وهذه القوة التي رسّختها المقاومة من الصعب عليه تجاوزها، قد ينجح موقتاً بفعل الحرب والغارات والدمار ولكن بمجرد انتهاء الحرب سيعود الناس حتى لو كانت منازلهم مدمّرة».