إقتصاد لبنان بعد 7 تشرين الأوّل… ليس كما قبله!
كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
كانت بعض القطاعات الإقتصادية تتعافى ولو بخجل منذ بداية العام 2023 بعد استقرار سعر صرف الدولار على سعر 89500 ليرة لبنانية ودولرة قطاعات عدة مثل السوبرماركات والمحروقات… وتنشيط السياحة وعائدات المغتربين التي بلغت 6,4 مليارات دولار، وكان الإقتصاد على وشك تحقيق نمو إيجابي بنسبة 0.2% للمرة الأولى منذ 2018 (وفقا للبنك الدولي)، ساعياً بالّلحم الحيّ احيانا لتجاوز تداعيات الأزمة المالية والإقتصادية حاملاً راية البقاء والإستمرار، بعد أن كان النمو سلبياً طوال السنوات الأربع الماضية. إلا أنه باشتعال الإقليم بعد عملية طوفان الأقصى وإعلان إسرائيل الحرب على غزّة في 7 تشرين الأول 2023 وفتح جبهة الجنوب اللبناني تغيّرت المعادلة، فعاد الى قاع الإنكماش الحاد المتقلّب على وقع تفاقم مخاطر توسّع رقعة الحرب.
النمو الإيجابي الهامشي الذي كان من المرتقب ان يحقّقه الإقتصاد الكلّي الضعيف إستناداً الى تقرير البنك الدولي الأخير تحت عنوان «تأثير الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد اللبناني» جاء مدفوعاً في الغالب بعوامل شديدة التقلّب: «نمو الاستهلاك الناجم عن موسم سياحي صيفي قوي، وتدفق كبير للتحويلات المالية، وزيادة دولرة الرواتب، بالإضافة إلى علاماتٍ على استقرار (موقت) في نشاط القطاع الخاص. وفي ظل الصراع الحالي وغياب الاستقرار الاقتصادي على النطاق الأوسع، من المتوقع أن يعود الاقتصاد اللبناني إلى حالة الركود في العام 2023. ووفقًا للتقرير، لا تزال اختلالات الاقتصاد الكلي قائمة، حيث لا يزال الحساب الجاري يعاني عجزاً كبيراً يصل إلى 12.8% من إجمالي الناتج المحلي».
وفي جردة أجرتها «نداء الوطن» على أداء غالبية القطاعات الإقتصادية والتجارية من سوبرماركت الى تجارة الى عقارات الى حركة المرفأ والمطار، تبين أن بعض الإيجابيات التي تمّ تسجيلها طوال العام، زعزعتها شظايا الحروب التي تعصف بالمنطقة عموماً وفي الجنوب خصوصاً.
القطاع التجاري
بالنسبة الى القطاع التجاري أوضح الخبير الاقتصادي باسم البواب لـ»نداء الوطن» أن عام 2023 كان سيئاً لأسباب عدة:
– أولاً، حصول الزلزال في تركيا أثّر على الحركة التجارية في لبنان، وبعده ارتفع سعر الدولار الى 140 الف ليرة قبل أن يستقرّ على 90 ألف ليرة، وتمّ رفع الضريبة على القيمة المضافة الى سعر صيرفة وكذلك الأمر بالنسبة الى الدولار الجمركي الذي تحرّك من سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة لبنانية الى 15 ألف ليرة ثم الى سعر منصّة صيرفة التي ارتفعت من 45 ألف ليرة الى 60 ألف ليرة ثم 85500 ليرة قبل أن يتمّ إلغاؤها، واعتماد سعر صرف السوق الموازية.
– ثانياً، سجّل الإستيراد 20 مليار دولار بسبب ارتفاع استيراد السيارات والكماليات للإستفادة من الدولار الجمركي على سعر 1500 ليرة و 8000 ليرة. لكن بعد اعتماد سعر «صيرفة» للدولار الجمركي (ثم اعتماد سعر السوق الموازية )، شهدت حركة التجارة تراجعاً بنسبة تتراوح بين 20% و 25%. وهذا الأمر ترك آثاراً على التجار والشركات والموظفين، أما الأكلاف فكانت ترتفع أكان في فواتير الكهرباء أو رسوم البلديات التي تضاعفت 10 و 20 مرة وارتفاع أسعار الإيجارات التي حلّقت بعد 7 تشرين الأول.
واضاف: اما الموظفون فهم يتقاضون رواتبهم بالدولار، وتحسّنت رواتب الموظفين والعمّال الى نسبة 70 و 80% من القيمة التي كانت عليها في فترة قبل الأزمة، ما أثّر على ارباب العمل.
القدرة الشرائية
بدوره، عدّد نائب الرئيس في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان ورئيس نقابة اصحاب السوبرماركات نبيل فهد لـ»نداء الوطن» التطورات السلبية التي حصلت طوال العام 2023، فكان أولها «تسارع وتيرة انهيار سعر صرف الدولار من 40 الف ليرة الى 80 ألف ليرة في شهر واحد ما اثّر سلباً على الأسواق، فتدهورت القدرة الشرائية الى النصف خلال 30 يوماً ما أثّر سلباً على الإستهلاك، وبات اللبنانيون غير قادرين سوى على استهلاك المواد الغذائية الضرورية.
اما أبرز التطورات الإيجابية، فكانت خلال شهر آذار عندما اتخذ وزير الإقتصاد أمين سلام قراراً بـ»دولرة السوبرماركات»، فشهدنا استقراراً في الإستهلاك، بعد ثبات التسعيرة. وقتها اتّضحت الرؤية وبات من السهل المقارنة بالأسعار بين متجر وآخر، وكنتيجة مباشرة لتدبير الدولرة، إشتدت المنافسة التي تعتبر أكبر عامل ضبط للأسعار. وأكبر دليل على ذلك، العروضات التي تشهدها السوبرماركات بالأسعار التي تنشرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية الخاصة فيها.
وعند حلول موسم الصيف نشطت الحركة التجارية، بعد قدوم المغتربين الذين أنفقوا الدولارات فتعزّزت الحركة التجارية والمداخيل بالقطاعات السياحية وتحرّكت الدورة الإقتصادية وكبرت المداخيل فتوسّعت رقعة القدرة الشرائية».
واضاف: أدّى اعتماد مصرف لبنان سياسة تحجيم الكتلة النقدية بالليرة الى استقرار سعر صرف الدولار وزيادة الثقة بالإقتصاد من قبل المواطنين، فزاد إنفاقهم بعد تعزيز مداخيلهم وبالتالي قدراتهم الشرائية. لكن كل تلك المعطيات الإيجابية تلاشت بعد حرب غزّة وفتح جبهة الجنوب بين حزب الله وإسرائيل، ما زاد من منسوب القلق والخوف وأدّى الى انكماش الإستهلاك، علماً انه في بداية الحرب شهد إستهلاك المواد الغذائية زيادة طفيفة لفترة أسبوعين، ثم عاد الإنكماش لأن الناس تخشى الإنفاق في الأزمات و «تُخبّئ» أموالها مترقّبة التطوّرات والمستجدّات. ففي أول اسبوعين من بدء الحرب شهدنا زيادة طفيفة في الإنفاق بالمواد الغذائية، وفي الأسبوعين التاليين انكمشت حركة الإستهلاك، فشعرنا بانخفاض الإنفاق، لكن عندما اقتربت فترة الأعياد زادت الحركة.
وعرض فهد لوضع الحركة الشرائية والإستهلاكية في السوبرماركات، فقال إن قطاع السوبرماركات خلال العام 2023 كان أفضل بكثير من 2022. من الناحية التجارية والصناعية والسياحية والقدرة الشرائية للمستهلكين، لمسنا وجود إمكانية لدى القطاعات التجارية بتحقيق نموّ وتجاوز الإنتكاسة التي وقعت فيها بفضل عودة المستهلكين الى الشراء، وبذلك من المتوقّع أن يُحقّق بعض من الآمال التي كان يعوّل عليها التجار، لأن موسم الأعياد سيكون جيّداً، علماً أن موسم الصيف بدوره كان جيّداً.
الوضع السياحي
على صعيد القطاع السياحي برز موسم صيف 2023 الأفضل خلال سنوات الأزمة الأربع، فخلال أشهر حزيران وتموز وآب بلغ عدد الواصلين 1,303,842 مقارنة مع 1,119,098 في الفترة نفسها من العام 2022، أي بزيادة بنسبة 16%.
ويوضح رئيس إتحاد النقابات السّياحيّة ورئيس المجلس الوطني للسّياحة بيار الأشقر لـ»نداء الوطن» أنه لغاية 7 تشرين الأول كان الوضع جيداً على الصعيد السياحي في البلاد، إذ برهنت السياحة أنها لا تزال القاطرة الأساسية للإقتصاد اللبناني. لكن مع بدء الحرب في غزة و»المناوشات» على الحدود اللبنانية بعد 3 ايام، بدأت الدول تطلب من رعاياها المتواجدة في لبنان المغادرة، ومن هو خارج لبنان مُنع من القدوم اليه، وبتنا في حالة حرب. حتى السفارات قلّصت من طواقمها المتواجدة في لبنان، لا سيما السفارتان الأميركية والفرنسية وهلمّ جرّا، ما يدلّ على أننا اصبحنا في حالة حرب. وتراجعت نسبة الإشغال الى صفر في المئة في بعض المؤسسات الفندقية والشقق المفروشة. وأفضل المؤسسات سجّلت نسبة 7% من الإشغال، وفي هذه الحالة تكون المصاريف كبيرة، والخسائر أكبر بكثير من الأرباح التي كان من الممكن تحقيقها خلال 5 أو 6 اشهر المنصرمة.
واستناداً الى تلك المعطيات يقول الأشقر، «كلّ ما خزّن من بداية السنة لفترة 9 اشهر أنفقه أرباب المؤسسات السياحية خلال 3 اشهر، لأن المصاريف الثابتة مكلفة لا سيّما الكهرباء وشراء المياه، إذ أن كل غرفة في فندق تستهلك متراً مكعباً يومياً، عدا المياه التي تنفق على التنظيف، وتوفير التدفئة والمياه الساخنة والصيانة للتلفزيونات وسخّانات المياه ومولّدات الكهرباء ورواتب الموظفين… فهذه مصاريف ثابتة «.
وقال: «اذا بقي الوضع على حاله وطالت فترته على صعيد الفنادق سنضطر الى التخفيف من عدد الموظفين، إذ أن قسماً من الموظفين ثابت وقسم متحرّك (عقود قصيرة الأمد)، وفي حال اتخذ قرار بتخفيض عدد الموظفين، سيصيب الموظف المتحرّك. لافتاً الى أن «الخسائر كبيرة لدرجة أن الأشهر الثلاثة التي مررنا بها فوّتت علينا الأرباح التي حققناها».
واذا أردنا المقارنة بين العام الجاري الذي يشارف على الإنتهاء و2022، قال الأشقر «الفارق كبير. المداخيل السياحية خلال صيف العام 2022 كانت أقلّ من صيف 2023، ولكن ما حصل في 2023 هو إهدار كل الأرباح التي حقّقها أصحاب الفنادق في غضون الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزّة».
ولم يبق لأصحاب الفنادق سوى التعويل على السياحية الداخلية التي يقوم بها اللبنانيون الذين يخطر في بالهم تمضية عطلة نهاية أسبوع في فندق أو حتى عطلة رأس السنة. فهناك مؤسسات تقدّم عشاءً و»كوتيون» بأسعار مخفّضة. والإشغال الممكن أن يتحقّق خلال ليلة رأس السنة قد يعوّض خسائر سجّلت لفترة ثلاثة او أربعة أيّام فقط.
وبالنسبة الى المطاعم والمقاهي والملاهي، يختلف الوضع، وهنا نشير الى أن حركة الوصول الى مطار رفيق الحريري الدولي اليومية منذ 14 كانون الأول فاقت الـ10 آلاف يومياً، مقارنة مع عدد يتراوح بين 5000 و7000 يومياً منذ بداية الشهر. وبذلك يكون دخل لبنان من 14 كانون الأول لغاية 21 منه 83483 شخصاً بين سياح أو مغتربين ويشكّلون العدد الأكبر، ورجال أعمال وعسكريين وأمم متحدة، علماً أن 21 كانون الأول بمفرده سجّل 13218 واصل الى المطار، 11661 منهم درجة سياحية.
وفي هذا السياق يقول الأشقر اذا قدم الى لبنان نحو 300 ألف مغترب سائح، سيتمّ تحريك الأسواق التجارية والمطاعم والمقاهي والملاهي وخدمة التوصيل المجاني وقطاع استئجار السيارات والسوبرماركات ومحطات البنزين. وحركة المغتربين تلك ستحرّك اقتصاد لبنان خلال شهر كانون الأول الذي سيكون أفضل من فترة الشهرين أو الثلاثة أشهر التي مضت، على عكس قطاع الفنادق والشقق المفروشة التي سيكون وضعها سيّئاً.
الصناعة اللبنانية
على الصعيد الصناعي، شكّل العام 2022 امتداداً للقفزة التي حققتها الصناعة اللبنانية في الإنتاج المحلي بعد الأزمة المالية، والتي يتمّ الإعتماد عليها كمادة إستهلاكية أساسية بعدما كانت ثانوية من قبل المستهلكين. إلا أن اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزّة وصعوبة عبور بواخر الشحن باب المندب أخيراً بسبب مهاجمة الحوثيين للسفن التي تمرّ في البحر الأحمر سيكون لهما تأثير على عمليات الإستيراد والصادرات اللبنانية الى الخارج وسنلمس تبعاته في مرحلة لاحقة.
وفي هذا السياق يقول رئيس جمعية الصناعيين سليم زعنّي لـ»نداء الوطن» إن «منطقة الخليج باب اساسي للصناعيين، فاذا أقفل الخليج بأكمله اضافة الى السعودية «فالعوض بسلامتنا». ويوضح أن «المواد الأولية المستوردة والأكثر تاثّراً هي تلك القادمة من شرق آسيا مثل الصين وتايلاندا والهند. واستبدال شركات الشحن لباب المندب بممر الرجاء الصالح، سيستغرق وقتاً طويلاً وستتضاعف الكلفة وتتاثّر الأسعار».
أما بالنسبة الى التصدير، فإن الكلفة ستزيد نظراً الى الطريق الطويل الذي ستعبره السفن اذ ستمرّ عبر أفريقيا، لذلك فإن الكلفة على المستورد سترفع الضغط علينا خصوصاً وأن الطريق مفتوحة من الشرق».
وفي ما يتعلّق بسلبيات وإيجابيات العام 2023 صناعياً، اعتبر نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش خلال حديثه الى «نداء الوطن» أننا اليوم بعهد الصناعة التي بدأت في العام 2022 بعد تدني العملة الوطنية وانخفاض فاتورة الإستيراد مما أدى الى إنشاء مصانع جديدة وخطوط تصدير جديدة.
فباتت حصّة سلع الصناعة في العام 2023 في الأسواق توازي نسبة 60% (مقارنة بنفس الاصناف) وبأسعار ارخص بنسبة 25% كحد أدنى من البضاعة المستوردة لكن بالجودة نفسها. لكن بسبب وضع الدولة المالي لا يمكن لأي قطاع وخصوصاً القطاع الصناعي أن يطالب بحوافز من الحكومة لتثبيت قوة الصناعة والمساعدة على فتح أسواق جديدة، لذلك سعت الصناعة المحليّة الى حلّ مشاكلها بمفردها مع التنسيق التام مع وزير الصناعة.
ترك العام العام 2023 بصمة إيجابية على الإقتصاد عموماً والصناعة خصوصاً:
– أولاً، تمّ الإبقاء على الملحقين التجاريين بعد سعي جمعية الصناعيين بالتعاون مع وزارتي الصناعة والإقتصاد ولجنتي الإقتصاد والشؤون الخارجية الى إبقائهم في مراكزهم مع إجراء تعديلات في بعض البلدان، وسنتابع مع المعنيين الأسباب التي ارتكزوا عليها في قرار تركهم في عملهم.
– ثانياً، تثبيت سعر صرف الدولار على نحو 90 ألف ليرة كان أمراً إيجابياً.
– ثالثاً، تخفيض تعرفة الكهرباء بعد اجتماعات حثيثة بين جمعية الصناعيين والمعنيين في وزارة الصناعة والمؤسسات.
– رابعاً، الغاء الرسوم الجمركية على الألواح الشمسية مما أدى الى تخفيض الكلفة على الصناعيين خاصة والمواطنين عامة.
أما السلبيات التي أثرت على القطاع الصناعي فعدّدها بكداش كما يلي:
– أولاً، إصدار موازنة 2024 ملؤها الضرائب على القطاعات الشرعية مما أجبر جمعية الصناعيين والهيئات الإقتصادية على التدخل ومراجعة المعنيين.
– ثانياً، رفع الضريبة على القيمة المضافة من 1500 ليرة الى سعر صيرفة وكان وقتها بقيمة 86500 ليرة بدءاً من 1 أيار.
– ثالثاً، تطبيق الموازنة ورفع سعر صرف دولار الـTVA على الإقتصاد الشرعي الشفاف، واستفادة الإقتصاد الموازي منه. باعتبار أن أي ضريبة جديدة من دون لجم الإقتصاد غير الشرعي تؤدّي الى تكبير حجم الإقتصاد الموازي. واذا لم يتمّ اتّخاذ تدابير للجم الإقتصاد الموازي الذي يشكّل نسبة 60% إستناداً الى إحصاءات وزارة المال فمن المرجّح أن يرتفع الى 75%، ما يعني أن الإقتصاد الشرعي سيدفع الضرائب بدلاً من الإقتصاد غير الشرعي.
– رابعاً، اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة وفتح جبهة الجنوب، ما شكّل صاعقة على الإقتصاد اللبناني وانكماش الأسواق.
– خامساً، عدم حلّ مشكلة التصدير الى المملكة العربية السعودية والبحرين، فخسرت الصناعة الوطنية نحو 500 مليون دولار من الصادرات.
– سادساً، إقرار قانون الإيجارات الجديد سيؤدي الى تهجير المصانع المؤجرة.
القطاع العقاري
نشط القطاع العقاري في العام 2023، وتحرّكت عجلة البيوعات والإيجارات كما أوضح نقيب المطوّرين العقاريين في لبنان مسعد فارس لـ»نداء الوطن». فحصلت إعادة بيع لمنازل تمّ شراؤها في السابق من مطوّرين عقاريين، كما جرت بيوعات لمنازل بعد أن غادر الكثير من اللبنانيين بلادهم. بالنسبة الى الأسعار تحسّنت ولكن لم تعد كما كانت قبل الأزمة وذلك يعتمد على نوع الشقة السكنية وما اذا كانت قديمة أو جديدة. فعادت اسعار العقارات والشقق السكنية الى نسبة تتراوح بين 70 أو 80% مما كانت عليه في السابق أي قبل بدء الأزمة المالية. بالنسبة الى العقارات المتوسطة وما دون عادت أسعارها بنسبة 60% الى ما كانت عليه قبلاً. السوق متنوعة بين شقق قديمة وأخرى أجدد لذلك تتنوّع الأسعار.
أما الفارق بين العامين 2022 و 2023 في القطاع العقاري فكان شاسعاً. ويقول فارس إنه في بداية العام 2023 كنا في حيرة من أمرنا ثم عادت الأسعار تتحسّن علماً انها ليست واضحة 100%، وعادت البيوعات تتمّ بالدولار النقدي على عكس سنة 2022 اذ لم يكن الفريش دولار متداولاً في البيوعات العقارية والشقق السكنية.
حركة المرفأ
لم تصدر بعد إحصاءات نهاية السنة لحركة دخول وخروج البواخر عبر مرفأ بيروت. ولكن إستناداً الى الإحصاءات الأخيرة التي صدرت عن إدارة المرفأ والتي حصلت عليها «نداء الوطن» يتبيّن أنه خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري أمّت المرفأ 1016 باخرة مسجّلة زيادة عن العام 2022 اذ بلغت يومها 877 باخرة و885 باخرة في 2021 و 1338 باخرة في 2019.
وتمّ التداول بـ 3.94 ملايين طن من البضائع لناحية شحن الصادرات والواردات مسجّلة بتراجع عن العام 2022 حين بلغت حركة الشحن عبر المرفأ لناحية الإستيراد والتصدير 5,08 ملايين طن من البضائع.
اما حركة الحاويات في المرفأ فسجّلت ما مجموعه 621781 حاوية نمطية (مقارنة مع 715099 في 2022 و 614994 في 2021 و 772873 في 2021 و 1,229081 في 2019 )، منها 403.132 حاويات نمطية برسم الاستهلاك المحلي (مقارنة مع 561202 في 2022 و 734,081 في 2019)، و218.647 حاوية نمطية برسم المسافنة (ترانزيت بحر- بحر على أساس وحدة متكافئة 20 قدماً أي ما هو معروف بـTEU) مقارنة مع 146,342 في 2022 و 495000 في 2019.
على صعيد حركة السيارات فقد سجّلت 42164 سيارة جديدة ومستعملة مقارنة مع 42142 سيارة في 2022 و 25072 في 2021 و 12941 في 2020 و 49495 في 2019.
حركة المطار
كانت حركة الركاب في المطار خلال شهر كانون الأول 2023 ولغاية 20 منه نشطة، إستناداً الى الأرقام التي حصلت عليها «نداء الوطن» من المديرية العامة للطيران المدني، إذ فاق عدد الركاب الواصلين الى لبنان عبر المطار المغادرين منه.
واذا قارنا حركة الركاب خلال العام 2023 بأكمله فقد سجّلت لغاية تشرين الثاني 6,456,946 مسافراً مقارنة مع 5,905,467 شخصاً للفترة نفسها من العام 2022.
التضخّم مستمرّ
صدر عن «جمعية المستهلك» بيان لفت الى اعلان البنك الدولي عن حجم ارتفاع أسعار الغذاء في لبنان، بين ايلول 2022 وأيلول 2023، الذي وصل الى 239 في المئة، ويضع لبنان في المرتبة الثانية عالمياً بعد فنزويلا. وقال: «نهاية عام 2022 بلغ سعر صرف الدولار 60 ألف ليرة ليصل نهاية 2023 الى معدل 89 ألف ليرة. أي ان سعر المواد الغذائية إرتفع حوالى خمسة أضعاف سعر صرف الدولار. ولو أضفنا معدل ارتفاع اسعار الغذاء العالمي بين 5 و 10 في المئة فهذا لن يغير شيئاً من واقع التضخم الكارثي في لبنان، خاصة وأن الغذاء يشكل العبء الاكبر للأكثرية الساحقة من السكان».
وتابع: «منذ أكثر من أربع سنوات من الانهيار وأسعار الغذاء ترتفع بلا توقف وبشكل منفصل تماماً عن سعر صرف الدولار.
أما اعلان وزير الاقتصاد في أول آذار 2023 اعتماد الدولرة على انه يصب في مصلحة المستهلكين فيؤكد إنفصال السلطة عن الواقع وعن مصلحة اللبنانيين. لقد حذرت جمعية المستهلك آنذاك من هذا القرار الاعتباطي المنعزل عن أية معالجة شاملة، لأنه لن يخدم الا التجار، خاصة وانه سيؤدي الى توسع الدولرة السائدة في السلع المستوردة، لتطال السلع المحلية والخدمات، وهذا ما حصل فعلاً».