ماذا يملك برّي في مسعاه الرئاسي الجديد.. وما هي فرص نجاحه؟
محمد بلوط – الديار
يضع الرئيس نبيه بري في تحركه المرتقب مطلع العام الجديد، جميع الاطراف السياسية والكتل النيابية على المحك تجاه ملف رئاسة الجمهورية، بعد ان صار مؤكدا ان انتخاب الرئيس لن يكون خارج اطار ترجيح اجواء التوافق.
ويسعى رئيس المجلس الى احداث خرق جدي في حوار الازمة القائمة، بحيث يمكن ان يؤدي هذا الخرق الى عقد جلسة انتخاب ناجحة بعد تأمين الاجواء اللازمة لها، لا سيما ان التجارب منذ بدء الشغور في رئاسة الجمهورية، اثبتت ان التعامل مع هذا الاستحقاق يحتاج الى الحوار، في ظل انسداد الطريق امام المعادلات الرقمية القائمة في جلسات الانتخاب.
ووفقا لمصدر نيابي مطلع، فان بري ينطلق في مسعاه الجديد المرتقب من قناعته التي عكسها كلامه في جلسة انتخاب رؤساء اللجان النيابية منذ ما يزيد على الشهرين، بان الظروف الناشئة في المنطقة بعد حرب غزة يجب ان تحفز اللبنانيين على انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد. ويضيف المصدر ان لدى بري معطيات داخلية وخارجية تشجعه على التحرك لوضع ملف رئاسة الجمهورية على الطاولة مجددا، بعد ان شهد حالة من الجمود منذ فترة غير قصيرة.
وفي الاعتقاد، ان تحرك رئيس المجلس غير منفصل عن اجواء المساعي الخارجية، لا سيما ان الموفدين الفرنسي جان ايف لودريان والقطري “ابو فهد”، اكدا على الدور المحوري لبري في المساهمة الفعالة في خلق ارضية مؤاتية، تعزز مناخ التواصل والتوافق من اجل انتخاب رئيس للجمهورية.
وتحرص اوساط عين التينة على عدم الكشف عن تفاصيل الآلية التي سيعتمدها بري في مبادرته المتجددة، مؤكدة في الوقت نفسه على اهمية التعامل بايجابية ومسؤولية مع هذا المنحى، لتحقيق ما يصبو اليه اللبنانيون.
وتتجه الانظار الى الاطراف المتحفظة، لا سيما “القوات اللبنانية” و “التيار الوطني الحر”، باعتبارهما يشكلان الثقل الاساسي المسيحي في مجلس النواب، مع الاخذ بعين الاعتبار ان لكل منهما حساباته في التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي.
والسؤال المطروح: كيف ستتعامل الاطراف مع المسعى الجديد لبري، وما هي حظوظ نجاحه؟
حتى الآن، لم يصدر عن اي طرف او كتلة موقف سلبي مسبق مما يعتزم بري القيام به، لكن هذا لا يعني ان الطريق معبدة ومأمونة لهذا المسعى.
ويعتقد مصدر سياسي ان جلسة التمديد لقائد الجيش وما سبقها من اتصالات وتحضيرات، خلقت اجواء مشجعة لترجيح فكرة التواصل والحوار، كسبيل لتحسين فرص انتخاب رئيس الجمهورية، وان ما صدر مؤخرا عن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لجهة عدم ممانعته بسلوك التوافق او التواصل والحوار الثنائي، يعتبر “موقفا متقدما عن مواقفه السابقة ورسالة تتميز بمرونة يمكن تطورها والبناء عليها”.
ويقول المصدر ان هذا “الجو المرن” من المعارضة و”القوات” لا ينعكس على “التيار الوطني الحر” الذي يتريث في التعاطي مع مبادرة بري المتجددة، لا سيما انه قاطع جلسة التمديد للعماد عون، وكان معارضا لاجوائها ونتائجها.
وعن الموقف الاخير تجاح التحرك المرتقب لبري يقول مصدر نيابي في “القوات” : “نحن منفتحون منذ البداية على التواصل والتشاور، وكما عبّر رئيس الحزب فاننا نستطيع ان نأخذ ما جرى بالنسبة لجلسة التمديد للعماد عون، يمكن اعتماده في شأن الاستحقاق الرئاسي قبل الذهاب الى جلسة الانتخاب. لدينا عدد من الامور المشتركة يمكن الانطلاق منها والبناء عليها، من خلال التواصل والمشاورات الحوارية، لكننا لا نحبذ فكرة الجلوس الى طاولة حوار، لانها ربما تؤدي الى فتح المجال المباشر امام خلق عراقيل وتعقيدات، بدلا من توفير المناخ الملائم لانتخاب الرئيس، ولقد اثبتت التجارب ان المشاورات والتواصل الثنائي، على غرار ما حصل قبل جلسة التمديد لقائد الجيش، هي الوسيلة الفضلى لمقاربة المواضيع والملفات الاساسية”.
ويضيف المصدر “ليست المسألة انه اذا قبلنا الحوار يكون قد انكسرنا، او اذا لم نقبله يعني اننا نكسر مبادرة بري، القضية غير ذلك تماما، نحن نريد ونتعامل بسياسة فتح الابواب امام التواصل بايجابية سعيا الى انتخاب رئيس للجمهورية، وفقا للاصول وانطلاقا من المصلحة الوطنية وليس المصالح الشخصية او الفئوية”.
وحسب المعلومات المتوافرة، فان هناك اجواء ايجابية قد تساهم في تحسين فرص نجاح مسعى بري، لكنها لم تكتمل بانتظار ما ستسفر عنه الاتصالات التمهيدية، التي يفترض ان تأخذ مداها في الايام الاولى من العام الجديد.
وكما يقول احد نواب كتلة “التنمية والتحرير”: “ان السبيل الوحيد للتعاطي مع الاستحقاق الرئاسي هو الخروج من سياسة المقاطعة والقطيعة بين سائر الاطراف السياسية، والدخول في حوار جاد وايجابي لارساء اجواء التوافق من اجل انتخاب رئيس للجمهورية”.