إبتزاز في وزارة الإقتصاد والوزير سلام في دائرة الشك
نداء الوطن
يرتبط عمل لجنة الرقابة على هيئات الضمان (شركات التأمين) بوزير الاقتصاد والتجارة، ارتباطاً مباشراً بناءً على قانون تنظيم هيئة الضمان المنفّذ بالمرسوم رقم 9812 تاريخ 4/ 1968/5 الذي تمّ تعديله في العامين 1999 و2008. وتتألف هيكليتها التنظيمية من رئيس وأربع وحدات، فيما الشغور يحلّ بالرئاسة منذ فترة، علماً أنّه في عهد الوزير أمين سلام عيّن ايلي معلوف رئيساً لها، لكنه قدّم استقالته بعد أقل من ستة أشهر، ويحكى أنه رفض التدخل في عمله من جانب المجموعة المحيطة بالوزير، التي تبدأ بشقيقه ولا تنتهي بمستشاريه.
فعلياً، لا تقتصر الفوضى الكامنة في هذا الملف على عدم وجود رئيس للجنة، وإنما في مخالفة القانون بإقدام الوزير على توقيف بعض شركات التأمين بقرار منه، علماً أنّ هذا الإجراء منوط بالمجلس الوطني للضمان، الذي يرفض وزير الاقتصاد تشكيله.
لكن ما هي قصّة توقيف مستشار الوزير فادي تميم؟
تقول الرواية إنّ تميم يقدّم نفسه بصفة مستشار للوزير (لا عقد رسمياً بذلك)، وهو في الأساس انضم إلى فريق سلام بهدف مساعدته على تعزيز حضوره البيروتي، وهو لا يخفي رغبة سلام في الوصول إلى السراي الحكومي رئيساً للحكومة. إلى جانب ذلك، راح تميم يستغل نفوذه من خلال شركة تدقيق يملكها، يفرضها على أصحاب شركات التأمين الذين يقصدون الوزارة بغية معالجة أوضاعهم، من خلال عقود خيالية.
وهذا ما حصل مع شركة «المشرق» التي يملكها رئيس بلدية بيروت عبدالله درويش بالشراكة مع النائب السابق إليكسي ماطوسيان، حيث جرى «نصح» ممثلي الشركة باعتماد شركة التدقيق الخاصة بتميم مقابل 250 ألف دولار.
وتضيف الرواية أنّ درويش لجأ إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وأبلغه أنّ شركته مهددة بالإفلاس والإقفال اذا لم يمتثل لطلب فادي تميم. فاتصل ميقاتي بوزير الاقتصاد وأكد له أنّ درويش سيضع عقاراً يملكه في وسط العاصمة كضمانة مقابل منحه مهلة زمنية لترتيب وضع الشركة. بعد فترة قصيرة عاد درويش للقاء ميقاتي ليبلغه أنّه اضطر لدفع مبلغ 100 ألف دولار لتميم كدفعة أولى، لكنه لا يزال يطالب بالباقي. فطلب منه ميقاتي أن يعود إلى تميم ويبلغه أنّه سيقترض المبلغ من رئيس الحكومة، إلا أنّ هذه الرسالة لم تحل دون الاستمرار بمطالبته ببقية المبلغ مقرونة برسالة جوابية «خلّي ميقاتي يخليلك الشركة»، الأمر الذي استفزّ رئيس الحكومة ودفعه إلى التواصل مباشرة مع النيابة العامة المالية وطلب تحركها.
ولأنّ إدارة شركة «المشرق» مدركة أنّ المبلغ هو من باب الابتزاز لا أكثر، جرى تصوير تميم بالفيديو وهو يحصّل مبلغ 100 ألف دولار من كامل المبلغ. وتقدم درويش بشكوى أمام المدّعي العام المالي القاضي علي ابراهيم الذي استمع إلى تميم وإلى شقيق الوزير كريم سلام، فاعترف الأول أنّ المبلغ يخصّه وحده مقابل العقد فجرى توقيفه، وتُرك الثاني. لكن المدعي العام المالي قرر التوسع في التحقيق وفتح كامل الملف.
وفي ملف التأمين أيضاً، ولكن من جهة التأمين الإلزامي على السيارات، يتردّد أنّ صفقة كان يتمّ التحضير لها، حيث كان الوزير يعمل على رفع قيمة هذه البوالص بحجة توسيع نطاق التغطية، مقابل حصص معينة تقدمها شركات التأمين لمقربين من الوزير. ولكن بعدما فشلت الصفقة جرى التراجع عنها، أو التريث في عرضها، خصوصاً أنّ قرار رفع التعرفة كان موضع نقاش رسمي حول طبيعة الجهة المخوّلة اتخاذ هذا القرار، الوزير أم مجلس الوزراء.