لا شيء سوى المراوحة .. السجون اللبنانية مكتظة بالسوريين والدولة عاجزة: قراءة في الاسباب
يتا عشقوتي
أصبح النزوح السوري في لبنان معضلة. وأصبحت نسبة وجود السوريين في السجون اللبنانية وفق الارقام الصادرة عن الاجهزة المعنية تثير الخوف. الجرائم تتعدد من قتل وسرقة وتهريب من وإلى الحدود المتفلتة، أما النتيجة فواحدة: الدولة اللبنانية عاجزة حتى عن الدفاع عن شعبها أو وضع حد لمستوى الاخلال بالامن.
فعلى الرغم من الشكاوى المستمرة والمطالبات الملحة من قبل بعض الوزراء المعنيين بملف النازحين لبدء العودة الجدية للنازحين لاسيما في مؤتمرات بروكسيل، وعلى الرغم من الاحصائيات والارقام المخيفة ان كان على صعيد المزاحمة مع اليد العاملة اللبنانية ونسبة الجرائم التي يرتكبها سوريون لاسيما النسبة التي يشكلونها من مجموع المساجين، فلا شيء يحصل سوى المراوحة.
فهل وضع النازح السوري الذي عانى منه منذ العام 2011 والذي أدى إلى خروجه من أراضيه بسبب الحرب هو المسبب الأول لارتكاب الجرائم؟
في هذا السياق، قال المتخصص بالعلوم الجنائية عمر نشابة إن القول ان “40% من السجناء في لبنان هم من السوريين هو رقم مبالغ به في السجون اللبنانية، وسبب وجودهم هو عدم وجود حلول لعودتهم إلى بلادهم”.
ولفت في حديث لـvdlnews الى أنه “من الطبيعي في بعض الاحيان حين يكون الشخص موجودًا خارج بلده ويكون وضعه اصعب لا سيما الأشخاص الذين يعانون من مشاكل اقتصادية وبطالة، ان يكون الأكثر عرضة لارتكاب جرائم أكثر”.
وأضاف: “اذا توقف شخص من الجنسية اللبنانية سيكون الوضع اسهل عليه من ان يكون سوري الجنسية لأنه يستطيع أن يوكل محامي ليدافع عنه أما بالنسبة للسوري فأموره معرقلة وهذا ما يجعل أعداد السوريين في السجون أكبر من غيرهم”.
وتابع: “المؤكد ان التعامل مع موضوع السوريين بطريقة عنصرية او اي تمييز فقط لانهم سوريون سيزيد التوترات والمشاكل خاصة ان البلدين متجاوران”.
ومن ناحية ثانية، أكد الدكتورعادل مشموشي أن “موضوع وجود سجناء من السوريين في لبنان بأعداد كبيرة يشكل امرًا منطقيًا وطبيعيًا، لان الانسان عندما يتهجر من بلده، وحين يعيش في وضع نفسي واجتماعي غير مستقر، فهو يصبح بعيدا بعض الشيء عن الرقابة العائلية، تماما ما يحصل مع من ينزحون من مكان الى آخر ويعيشون بعيدا عن الاهل، فيصبحون ميالين للانحراف أكثر فكيف الحال اذا كان مهجرًا من بلد آخر”.
ولفت في حديث لـ”vdlnews” الى أنه “حاليا اعتقد من الطبيعي ان يرتفع مستوى الاجرام عامة في لبنان بسبب وجود السوريين النازحين منذ عام 2011، لعدة أسباب”.
ومن بين الاسباب التي ذكرها مشموشي: “اولا الاوضاع المعيشية المتدهورة، ثانيا عدم توفر فرص عمل وبخاصة للأجيال الشابة، ثالثا ضعف إمكانات الاجهزة الأمنية، جراء الانهيار الاقتصادي والمالي، والنقد الوطني، ويضاف الى ذلك اعتماد الحكومات المتعاقبة سياسة تقشفية تجاه الاجهزة الامنية، رابعا عدم الاستقرار السياسي الذي يؤدي الى عدم اقتناع الافراد بان الدولة متحكمة بالاوضاع السياسية والامنية، خامسا لبنان حاليا يعيش مرحلة انعدام توازن وبالتالي على شفير انهيار أمني نتيجة حالة التفكك السائدة ما بين مختلف المكونات السياسية، بما في ذلك الشعور في المؤسسات الدستورية، وأخيرا إن معظم المسؤولين في البلد، وفي طليعتهم الوزراء ومن بعدهم مختلف الموظفين وبخاصة كبارهم لا يرغبون باتخاذ مواقف على قدر الأحداث والمستجدات، انما يعتمدون سياسة تسيير الامور بأقل قدر من المبادرات خشية المساءلة، لكونهم يعتمدون سياسات استرضائية، لكي يجدد لهم او يمدد لهم او يتم اختيارهم لمراكز مستقبلية، وهذا خطير جدا”.
وشدد مشموشي على أن “الامن يستوجب قرارات جريئة وخاصة ابان الازمات، بحيث نكون بحاجة لقادة بكل ما للكلمة من معنى لديهم من الجرأة والدراية ما يمكنهم من اتخاذ قرارات ومقاربات مبتكرة، باعتماد سياسة ادارة الازمات بروح مبادرة لا الاكتفاء بردات الفعل”.