هدنة الجنوب: ماذا بعد 27 الجاري؟
جاء في “الراي”:
مع انقضاءِ «نصف عُمْرِ» هدنةِ الأيام الأربعة في غزة واستكمال مسار التبادُل على مراحل بين الرهائن والمعتقَلين لدى كل مِن «حماس» واسرائيل، بقيت جبهةُ جنوب لبنان في كنَف «استراحة الحرب» وإن مع خروق موْضعية بدت مضبوطةً تحت سقف عدم تَشَظي اتفاق وقف النار في القطاع المنكوبِ ولا التأثير سلباً على مضيّ جولاته المتوالية واحتمالاتِ تمديد مفاعيله «كل يوم بيومه».
وفيما كانت الخروقُ للتهدئة على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية تحملُ «بصماتٍ» مزدوجة، سواء كان تعبيراً عن رغبة تل أبيب بإبقاء «ربط النزاع» مع هذه الجبهة لتستعيد سخونتها بعد انقضاء الهدنة الموقتة في غزة، أو كإشارةٍ إلى «الجهوزية الدائمة» من «حزب الله» للردّ «الضاغط» على أي ارتدادٍ اسرائيلي على مَضامين اتفاق وقف النار ومندرجاته، فإنّ بيروت شهدت في الأيام الأخيرة لا سيما بعد سريان الهدنة الإنسانية حركةً ديبلوماسيةً نشطة تحت عنوان «ماذا بعد 27 تشرين الثاني»، وهل سيكون ممكناً الفصل بين مجريات كرة النار في غزة وبين تدحْرجها على امتداد الحدود الجنوبية للبنان؟ وأي إطارٍ ناظِمٍ لهذه الجبهة سيكون معتمَداً حين يَخمد البركان الذي وُضعت غزة في فوهته منذ 7 تشرين الأوّل الماضي ولا سيما في ظل الاقتناع بأنّ الخروج من «مطحنة الدم والدمار» لن يكون إلا «على حمّالة» حلّ سياسي، ولو موقت، ما دام أفق الحل المستدام ونصابه غير متوافريْن.
وفي هذا الإطار علمت «الراي» أن عدداً من السفراء الاوروبيين كثّفوا تحركاتهم في الأيام الأخيرة، وقاموا بسلسلةِ زياراتٍ وبعضها لمسؤولين سابقين واكَبوا عن كثبٍ المفاوضاتِ التي أفْضت الى صوغ وصدور القرار الدولي 1701 الذي أوقف الأعمال العدائية بين «حزب الله» واسرائيل في أعقاب حرب يوليو 2006 والذي حَكَم الوضع في الجنوب حتى 8 تشرين الأوّل 2023، وسائلين عن مرتكزاته الدقيقة وبعض التباساته وإمكان أن يستعيد دور «بوليصة التأمين» لهذه الجبهة فتعود الى وضعيتها «النائمة»، وذلك بعدما تحوّل هذا القرار الضحية الأبرز للمواجهات العابرة للخط الأزرق (على مقلبيْ الحدود) الذي صارَ بين ليلة وضحاها… خط نار.
وعلمت «الراي» من مصادر عليمة، أنه في موازاةِ استفساراتِ السفراء، فإن السفيرة الأميركية دوروثي شيا كانت جازمةً في إبلاغ أكثر من طرف ومستفسر أن «لا أحد يفكّر في أي قرار جديد غير الـ 1701» ليظلّل الوضع على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية وأن لا خيارَ سوى بتفعيل أحكامه ومرتكزاته.
كما كشف أحد المسؤولين الذين كانوا محور لقاءات سفراء غربيين لـ «الراي»، أن هؤلاء سمعوا من رئيس البرلمان نبيه بري أن التواصل لم ينقطع بينه وبين الموفد الأميركي آموس هوكستين (هنْدَسَ ورعى اتفاق الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل الذي أُبرم في تشرين الأوّل 2022) الذي زار بيروت قبل اسبوعين وأن ملف الترسيم البري لم يُسحب من التداول خلال حرب غزة بل ما زال محور بحثٍ ومحاولاتٍ مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي، انطلاقاً من موقف تبلّغه هوكستين بأن بتّ النقاط الخلافية الـ 13 التي يتحفّظ عنها لبنان على الخط الأزرق بما فيها الـ B1 سيكون كفيلاً بإيجاد «حلّ نهائي» للجبهة الجنوبية، ومن دون أن يُعرف إذا كان الطرح يشتمل على انسحاب كامل لاسرائيل من الغجر وتلال كفرشوبا ومزارع شبعا المحتلة أم على صيغةٍ «انتقاليةٍ» ما برعاية الأمم المتحدة.