النازحون السوريون: هاجس أمني بعد العبء الخدماتي
كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
لم يجد النازح السوري علي الأحمد وعائلته المؤلفة من أربعة اشخاص، مفرّاً من النزوح عن المنطقة الحدودية الجنوبية، حيث كان يعمل في أحد البساتين ويقيم في منزل متواضع فيه، ولكن مع اشتداد القصف الإسرائيلي شعر أبناؤه بالخوف الشديد، فاضطر للهروب نحو منطقة أكثر أماناً، فلجأ إلى صيدا حيث يقيم عند قريبه موقّتاً.
يقول الأحمد لـ»نداء الوطن»: «لم أجد مركز إيواء يخص النازحين السوريين في منطقتي صور والنبطية، فوصلت إلى صيدا حيث لي قريب فاستضافني في منزله الضيّق ونتبادل لقمة الطعام والشراب معاً، حتى يعود الهدوء إلى المنطقة»، قبل أن يضيف: «لقد فضّلنا النجاة بأنفسنا بعدما اقترب القصف المدفعي الإسرائيلي على المنزل كثيراً وكاد يصيبه».
الأحمد واحد من آلاف النازحين السوريين القاطنين في الجنوب، الذين أجبرهم العدوان الإسرائيلي على النزوح مجدّدا إلى الداخل اللبناني، بحثوا عن مأوى أو مركز إيواء ولم يجدوا، فالدولة اللبنانية لم تأخذ بالحسبان إيواءهم وهي بالكاد تؤمّن ذلك لمواطنيها في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة.
«أم محمد» الدبوس نزحت وعائلتها المؤلفة من سبعة أفراد إلى منطقة الصرفند، تقول لـ»نداء الوطن»: «العتب كبير ومرير على المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قبل أن تضيف بغضب «لقد تخلّت عن دورها الإنساني والإغاثي في رعاية شؤون النازحين السوريين في هذه الأزمة المستجدّة، لم تحرّك ساكناً وغابت عن السمع فيما الأزمة المعيشية اللبنانية تفتك بلا رحمة».
العتب السوري، تقابله رؤية لبنانية مختلفة، فقد تحوّل النزوح السوري من عبء خدماتي واجتماعي مع بدء الأحداث الأمنية في سوريا في العام 2011 وصولاً إلى الأزمة الاقتصادية، إلى هاجس أمني خشية من أي اختراق يربك الساحة الجنوبية ويوتّر الأجواء، خاصة مع موجة النزوح الأخيرة إلى لبنان عبر المعابر البرّية غير الشرعية من دون أي تدقيق في هوياتهم وانتماءاتهم.
ومع التصعيد الإسرائيلي جنوباً عقب عملية «طوفان الأقصى»، انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أخبار كثيرة عن الاشتباه بنازحين سوريين من دور أمني في بعض المناطق الحدودية أو السرقة عبر الدخول إلى الأراضي الزراعية والبساتين وقطاف محاصيل الزيتون في ظل نزوح أصحابها عن المكان، وتدقّق القوى الأمنية في كل ذلك. وآخر الفصول، قيام مجموعة من النازحين السوريين ببناء مخيم كبير لهم على مساحات كبيرة من الأملاك العامة بالباطون والحديد، مستغلّين الوضع الأمني في الجنوب وترك المواطنين لمناطقهم بسبب القصف الذي يتعرّضون له. وبعد توجيه أكثر من إنذار للنازحين السوريين بضرورة ترك المخيم الذي شيّدوه في محلة شارنيه – صور بالقرب من البرج الشمالي، إلا أنّهم رفضوا تنفيذ الأمر. وعلى الأثر، دهمت دوريات من أمن الدولة – مكتب صور المخيم وهدّمته وألزمت سكّانه على تركه بعد أخذ إشارة المدّعي العام المالي القاضي علي إبراهيم.