تطورات غزة.. تل ابيب أمام الخيارات الصعبة و”حزب الله” يشارك في حالتين!
استحوذت التطورات العسكرية الإستثنائية التي تحصل في فلسطين المحتلة على كامل الإهتمام في المنطقة والعالم، وباتت المنطقة مفتوحة على عدة إحتمالات في ظل التصعيد المستمر الذي لا يبدو أن لديه أي أفق للحل السياسي أو التفاوض، خصوصا الخسائر البشرية الإسرائيلية لا مثيل لها في التاريخ ما يجعل الحكومة الاسرائيلي غير قادرة على التعامل بواقعية مع ما حصل، بل إن قيامها بردّ عسكري كبير، مهما كانت أثمانه، بات أمراً حتمياً في ظل دعم أميركي علني..
بحسب رواية حماس، فإن ما قامت به فصائل المقاومة في غزة هو عملية إستباقية اذ كان هناك معلومة تؤكد استعداد إسرائيل للقيام بعملية عسكرية ضد القطاع المحاصر بعد الأعياد اليهودية، وهذا يعني أن توقيت العملية، وإن كان مؤثراً في التطورات السياسية الإقليمية وتحديدا مسار التطبيع الذي خرج الى الضوء مجدداً، له خلفيات عسكرية وميدانية. لكن حجم الضربة الذي تلقتها إسرائيل فتحت الباب أمام إمكانية تدحرج المعركة الى ما هو أوسع من المتوقع.
الخيارات الاسرائيلية محدودة جداً، وهي تتراوح بين القبول برد محدود على الهجوم الفلسطيني، وهذا سيهشم الردع الى ما لا نهاية، وستصبح اسرائيل مردوعة بشكل كامل، في القدس والضفة وغزة وحتى في لبنان، كما أن التأثيرات السياسية لن تتوقف الا بإسقاط المعارضة الاسرائيلية لحكومة نتنياهو التي لم تستطع حماية المستوطنين، أما الخيار الثاني فهو الدخول في معركة شاملة وكبيرة جدا مع غزة بهدف توجيه ضربة موجعة لحماس تعيد التوازن مجدداً.
في المقابل يبدو ان سقف المعركة بالنسبة لحركة حماس وباقي الفصائل يصل الى حدود رفض اي وساطة لوقف اطلاق النار الا بعد فك الحصار الكامل عن قطاع غزة مع ما يستتبع ذلك من خطوات وهذا ما لا يمكن لتل ابيب القبول به لانه سيعزز قدرة حماس العسكرية ويتيح لحلفائها إمدادها بأسلحة كاسرة للتوازن، أما السماح بإطالة أمد المعركة فسيزيد من إحتمال دخول جبهات جديدة على خط المعركة الحاصلة ما يعني تدحرجا إضافيا وغير محسوب.
حتى الآن، لا يبدو أن “حزب الله” يرغب أن يكون جزءاً من المعركة، بالرغم من توجيهه رسالة نارية صباح اليوم في مزارع شبعا، وهذا نتيجة توافق وتنسيق مع القوى الفلسطينية، خصوصا أن الهدف ليس التصعيد لمجرد التصعيد، بل الذهاب الى تحسين الواقع المعيشي والامني لقطاع عزة واطلاق الأسرى، وعليه فإن تمكن الفصائل الفلسطينية من فرض إيقاعها على المشهد سيؤخر دخول الحزب في الحرب، خصوصا ان لهذه الخطوة حسابات معقدة جداً قد تنقل الحرب الى مستوى مختلف وغير مسبوق.
وتعتقد مصادر مطلعة ان “حزب الله” يدخل في الحرب الحالية بشكل واضح وكامل في حالتين الاولى إنكسار المقاومة الفلسطينية وتعرضها التهديدات وجودية، وهذا سيؤدي الى تدخل الحزب لمنع حصول هذا الأمر الذي سيعطي دفعا جديداً للمقاومة الفلسطينية ويزيد تضرر اسرائيل التي تعاني كثيرا، والثانية هي بدء هجوم اسرائيلي بري كبير على القطاع، لان هكذا هجوم سيؤدي الى تشتيت الجيش الاسرائيلي والحد من قدرته على المناورة، وتصبح الجبهة مع لبنان أقل إستعداداً لتحمل الضربات…
من هنا حاول الحزب ايصال رسالة واضحة، بأن التصعيد الكامل مع غزة ممنوع وسيؤدي الى فتح الجبهة الجنوبية، وان الحزب الذي لا يزال حذرا في التصعيد، لن يكون بعيدا عن المشهد في حال تخطي تل ابيب للخطوط الحمر المرسومة..