الجامعة اللبنانية: هل يكون عاماً دراسياً هادئاً؟
كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:
دارت عجلة التعليم في الجامعة اللبنانية تزامناً مع مفاوضات تجريها الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير التربية عباس الحلبي للوصول إلى صيغة «مقبولة» للرواتب والحوافز تضمن عاماً دراسياً هادئاً وسلساً بلا إضرابات. فالهيئة تنتهج هذا العام المسار نفسه الذي اتّبعته العام الماضي لجهة معالجة قضايا الأساتذة والجامعة بأقل الخسائر الممكنة، والمحافظة على استقرار الأوضاع، والإيحاء بأن التعليم و«التشغيل» يسيران على ما يرام، وبأن هناك «إنجازات» تتحقّق!
وقد أحاطت الهيئة الاجتماع الأخير مع رئيس الحكومة بحضور وزير التربية ورئيس الجامعة بسام بدران بشيء من السرية، إذ تكتّم رئيسها وأعضاؤها عن التفاصيل وما إذا كان المجتمعون اتفقوا فعلاً على صيغة مرضية للأساتذة أم لا. العبارة الوحيدة التي سمعها الأساتذة أن «اللقاء كان إيجابياً من كل النواحي وما رح تكونوا إلا مبسوطين». وكل ما تسرّب لجهة أن الراتب سيصل إلى 1500 دولار وستكون هناك مساعدات ملحوظة لصندوق التعاضد، وأن أموال الـPCR ستُدفع بعد رأس السنة، سيبقى في إطار الكلام العام، ومرهوناً بما ستعلنه الرابطة، رسمياً، في اجتماع مجلس المندوبين المقرّر السبت المقبل.
رئيس مجلس المندوبين علي رحال بدا مستاء من المسار الذي تسلكه الهيئة التنفيذية من دون إشراك المجلس في التفاوض الذي تقوم به، فيما عمل الرابطة هو جهد مشترك بين الهيئة والمجلس. ورفع رحال سقف المطالب لجهة أن تكون حصة الأساتذة هي 70% من كل الأموال التي تصل إلى الجامعة مثل رسوم التسجيل وأموال الـ PCR وغيرها، «أما أن يعطونا فتات الدولارات، فإن ذلك لن يمر على خير، وكل الاحتمالات ستكون موضوعة على الطاولة».
وكان بدران حضر جانباً من اجتماع الهيئة التنفيذية مع رئيس الحكومة وطالب برصد أموال لرفع أجرة الساعة للأساتذة المتعاقدين الذين يبلغ عددهم نحو 3 آلاف أستاذ والذين لا يتقاضون بدل إنتاجية، بما يراعي العدالة، وستعدّ الرئاسة دراسة حول الكلفة، علماً أن الزيادة تنسحب على تعويضات الأساتذة، بما أن عقودهم السنوية باتت نظامية وليست عقود مصالحة. أما التفرّغ، فتُبث أجواء إيجابية لجهة وجود نية جدية بإقراره في مجلس الوزراء، بخلاف الانطباعات الحزبية التي تستبعد أن يكون ذلك قريباً، علماً أن ملفات الأساتذة المستحقّين تحتاج إلى وقت إضافي بعد «جوجلة» احتياجات الكليات تمهيداً لترميم الملف المُعدّ سابقاً والذي يضم 1520 أستاذاً، فقد يرتفع الرقم أو ينخفض بناءً على دراسة الملاكات مع الأخذ في الحسبان أن هناك أساتذة يشملهم الملف غادروا الجامعة وستُشطب أسماؤهم.
مع ذلك، فإن تسيير الأمور بالتي هي أحسن لم يعد جائزاً بالنسبة إلى أساتذة كلية العلوم – الفرع الأول. فهؤلاء تعهّدوا، في اعتصام نفّذوه أمس، بأن لا يدعوا هذا العام يمر كسابقه، إذ سيعكفون، بمبادرة من مندوبي الكلية في رابطة الأساتذة، على وضع خطة تحرك متدحرجة تنطلق من كلّيتهم، وتُعمّم على باقي الكليات. سيصوّبون باتجاه تفعيل العمل النقابي وفق مسارين: المسار الأول يتمثل بتوفير راتب يليق بالأستاذ الجامعي ويغنيه عن الاضطرار للعمل خارج الجامعة لتأمين احتياجات عائلته ودعم صندوق التعاقد، والمسار الثاني يتصل بهموم كليتهم حيث المصاعد معطّلة والمياه مقطوعة، ما يهدد بانتظام العملية التعليمية، إذ سيعزف أساتذة عن الحضور لعدم قدرتهم على استخدام الدرج. المبادرة ستنطلق من رؤية الأساتذة للجامعة ودورها ووظيفتها، «فالسبب الأساس في ما وصلنا إليه ليس عدم توفّر الأموال، إنما الاستمرار في الفساد كما حصل في عقد الصيانة الموقّع بين مجلس الإنماء والإعمار وشركة مكتب الاستشارات الدولية، ونتائجه الكارثية»، مطالبين بأن تتولى الجامعة اللبنانية أمور التشغيل والصيانة من خلال مهندسين، تقنيين، موظفين وعمال تابعين لها مباشرة وليس لأي شركة خاصة تتلاعب بها وبمستخدميها كيفما تشاء. ويحمّل الأساتذة الدولة مسؤولية البحث عن تمويل للجامعة غير خاضع لشروط دول مانحة من هنا (على غرار ما حصل في التعليم الرسمي ما دون الجامعي) أو جمعيات وأحزاب من هناك، داعين السلطات المعنية إلى وقف دعم المدارس والجامعات الخاصة على حساب التعليم الرسمي، لأنها ليست بـ«مؤسسات لا تبغي الربح»، بل شركات تجني الأموال وتحظى بدعم الدولة، وتمويل التعليم الرسمي من الضريبة التي يجب أن تُفرض عليهم.
وإزاء الحركة الاعتراضية في صفوف الأساتذة يُنتظر أن تكون هناك حركة موازية في صفوف الطلاب الذين لا يزالون يُغيِّبون أنفسهم عن المشهد الجامعي، فاعتصام الاتحاد الطالبي العام، أمس، أمام مجلس شورى الدولة لرفض رفع رسوم التسجيل والمطالبة بالـ 52 مليون دولار لقاء فحوص الـPCR والإضاءة على عجز في ميزانية الجامعة حصد مشاركة رمزية من الطلاب. الطعن في رسوم التسجيل الذي قدّمه الاتحاد في 6 أيلول أمام المجلس حُوّل قبل 3 أيام إلى هيئة المجلس ويُتوقع أن يُبت به خلال مهلة 15 يوماً من تاريخ تسلّمه. ويعزو منسّق اللجنة الإعلامية في الاتحاد، هادي العلي، عزوف الطلاب إلى الإحباط الذي أصابهم نتيجة عدم إشراكهم في القرارات الجامعية، فهم «إما محرومون من حق إجراء الانتخابات الطالبية كما في الجامعة اللبنانية أو يجرون انتخابات لمجالس طالبية فاقدة للصلاحيات وشكلية لشرعنة القرارات كما في الجامعات الخاصة»، مؤكّداً «أننا سنحاول كسر القرار بكل سبل المواجهة»، وملوّحاً بـ«خطوات أخرى» بعد صدور الحكم بالطعن.