لعبة ذكية من “عنديات” بري… ما حقيقة الجلسة المفتوحة؟
كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
لغط واسع اثير حول دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية. حول طبيعتها وتفاصيلها، خلفياتها وابعادها، حول اطرها وآلياتها، حول الموعد والايام السبعة التي حددها. دعوة قسمت القوى السياسية، فرقت متحالفين وجمعت تناقضات في اطار مؤيد ومعارض، حتى ان ثمة من رأى فيها لعبة ذكية من “عنديات” الرئيس بري لخلط الاوراق الرئاسية، مستشهدا بذلك بموقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته الاحد الماضي اذ ايد الدعوة في حين رفضها بالمطلق وهاجمها رئيسا حزبي القوات اللبنانية سمير جعجع والكتائب النائب سامي الجميل، ما اضطر جعجع الى الاتصال بالراعي وقطع الطريق على مستثمري التباين ايحاء بأن ثمة خلاف بينهما، وقد اكدت اوساط معراب لـ”المركزية” ان الاتصال قطع الطريق على محاولات هؤلاء لتصوير موقف الراعي على غير حقيقته، فالبطريرك اكثر الحريصين على تطبيق الدستور والتزامه وهو تناول الحوار كقيمة مطلقة، فيما دعوة بري هي تكريس لعرف انقلابي على الدستور وسابقة مرفوضة.
الابهام المحيط بدعوة بري في شأن طبيعة الجلسات لا سيما لجهة قوله ما حرفيته “تعالوا إلى حوار في شهر أيلول لمدة أقصاها سبعة أيام، والذهاب بعدها لعقد جلسات مفتوحة ومتتالية الى أن يقضي الله امرا كان مفعولا ونحتفل بانتخاب رئيس للجمهورية”، هذا الابهام، يؤكد قريبون من رئيس المجلس لـ”المركزية” انه في غير محله، ذلك انه أوضح لهم انه سيدعو الى جلسة واحدة مفتوحة بدورات متتالية بعد حوار تحت قبة مجلس النواب، المؤسسة الدستورية اللبنانية، عوض حوار بمظلة خارجية، وتكفل الايام السبعة التي حددها بلوغ نتيجة تقود الى اتفاق على انتخاب رئيس.
وينقلون عن بري استغرابه كيف ان معارضي دعوته الى الحوار هم انفسهم من يعارضون الحوار الذي طرحه الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان ، ما يثبت ان فريقا لبنانيا يرفض بالمطلق التحاور مع سائر اللبنانيين ، وان رفضهم هذا ليس موجها ضد بري نفسه بل ضد مبدأ الحوار بحد ذاته.
تبعا لذلك، تعتبر اوساط في المعارضة ان بري يبذل اقصى جهده ويوسع مروحة اتصالاته مع نواب يدورون في الفلك الرمادي او قريبين من فكر المقاومة لاقناعهم بالإنضمام الى الحوار وتاليا محاولة تأمين 86 صوتاً يشكلون الغالبية، وهو بذلك يرفع مسؤولية التعطيل عنه، وقد تعرض لضغط اميركي قوي لحمله على انجاز الاستحقاق الرئاسي وفق الدستور تحت طائلة فرض عقوبات على المعرقلين، بحسب ما اعلنت دول الخماسية في بيانها، خصوصا ان بري كان ابلغ واشنطن انه سيبقي جلسة انتخاب الرئيس في 14 حزيران الماضي مفتوحة لدورات انتخابية حتى انتخاب الرئيس، الا انه رفع الجلسة اثر الدورة الاولى خشية انتخاب جهاد ازعور الذي نال في الدورة الاولى 59 صوتا مع وعد من اكثر من 9 نواب بالتصويت له في الدورة الثانية.
الموقف الاميركي نقله الى بري كبير المستشارين لشؤون امن الطاقة اموس هوكشتاين والسفيرة في بيروت دوروثي شيا تحت عنوان:الدعوة الى جلسة انتخاب رئيس …والا. من هنا، تؤكد الاوساط المعارضة كانت مواقف بري على “فرقة الوشاة”، “ما بتعرفوا بري روحو خيطوا بغيرهالمسلة” . وتضيف: لو كان ثنائي أمل – حزب الله قادرا على ايصال مرشحه سليمان فرنجيه الى بعبدا ،لانتخبه ولما دعا بري الى الحوار بل كان ليكرر موقفه عام 2016 رافضا الحوار…ورافعا شعار “عون او لا رئيس”. الا ان غايته من الحوار اليوم هي اشراك المعارضة في عملية الاختيار لرئيس توافقي، او بمعنى اخر فرض الحزب شروطه في عملية الاختيار لعدم استهدافه وطعنه في الظهروالاعتراف بسلاح الحزب ودور المقاومة كما كان يحصل سابقا. بيد ان المعارضة ترفض شراكة الثنائي في اختيار رئيس وتصر على انتخاب شخصية سيادية.
ازاء الواقع هذا، يرمي يلتقط بري الفرصة لرمي كرة التعطيل في مرمى المعارضة وتحديدا القوات اللبنانية كون “جسمها لبيس”، ويضعها في خانة عرقلة انتخاب الرئيس المسيحي الماروني وانها لا تريد رئيسا بل تغيير النظام وهي التي تطالب بالفديرالية واللامركزية واعادة النظر في النظام.