الجنوب أمام مرحلة الاختبار الأصعب

كتب نخلة عضيمي في “نداء الوطن”:
قبل أيام من نهاية العام ومعها انتهاء المهلة الدولية المحددة للبنان لنزع كل السلاح غير الشرعي على كافة الأراضي اللبنانية، برز إعلان رئيس الحكومة نواف سلام أن مرحلة ثانية سيباشر الجيش اللبناني بتنفيذها وستكون بين ضفتي نهر الليطاني جنوبًا ونهر الأولي شمالًا على أن تكون المرحلة الثالثة في بيروت وجبل لبنان والرابعة في البقاع وبعدها ما تبقى من مناطق.
ماذا يعني ذلك؟ يعني أولًا أن الحكومة لن تلتزم بالمهل الدولية لنزع السلاح حتى نهاية العام، وأنها ملتزمة بحصر سلاح “حزب الله” وفق أجندتها التي سبق وأبلغتها إلى كل الأطراف عبر القنوات الأميركية، علمًا أن الحكومة كانت قررت تكليف الجيش بوضع خطة عملية لحصر السلاح بيد الدولة في 5 آب الماضي في وقت شهدت الجلسة انسحاب وزراء “حزب الله” و “حركة أمل”. كما إن قيادة الجيش قدمت في 5 أيلول خطة التنفيذ من خمس مراحل إلى الحكومة، وبموجبها بدأت العمليات الفعلية لتنفيذ هذه الخطة بدءًا بمنطقة جنوب الليطاني.
في المقابل كان “حزب الله” قد أعلن رفضه القرار الحكومي بحصر السلاح وأكد أنه سيتعامل معه كما لو أنه لم يكن موجودًا. فكيف سيتصرف مع بدء تنفيذ المرحلة الثانية؟ وكيف سيرد على كلام رئيس الحكومة؟
عمليًا، وبنظرة على خريطة المنطقة المشمولة بالمرحلة الثانية بداية العام الجديد، يتبين أنه بين نهري الليطاني والأولي، تقع بلدات عدة ومناطق ضمن نطاق محافظتي النبطية والجنوب.
وهي تشمل مدينتي النبطية وصيدا، والبلدات في أقضيتهما، مع قضاء الزهراني والساحل الجنوبي من جسر القاسمية حتى جسر الأولي، إضافة إلى قرى بلدات جزين ومرتفعات الريحان والعيشية وهي بلدة رئيس الجمهورية، وقرى إقليم التفاح ومحيطها. وهو ما يعني من الناحيتين الأمنية والعسكرية، المناطق والمرتفعات الاستراتيجية بالنسبة إلى منظومة سلاح “حزب الله” إن على مستوى المناطق التي تضم منظومات الصواريخ والمسيرات والمخازن والمخابئ الاستراتيجية، وإن على مستوى المناطق المرتفعة عن سطح البحر. وتكشف مصادر عليمة بجغرافيا المنطقة لـ “نداء الوطن” أن هذه البقعة الجغرافية هي الإمداد الحربي والرافد الأول لمراكز “حزب الله” جنوب الليطاني.
كما أن هذه المنطقة المشمولة بالمرحلة الثانية أوسع جغرافيًا وتمثل حلقة وصل بين الجنوب الحدودي وبقية لبنان. وتحوي أيضًا سلاح الدفاع الجوي والبحري في المناطق الساحلية المحاذية للبحر.
ويصف خبير استراتيجي آخر مرحلة جنوب الليطاني بمثابة نزهة أمام المرحلة الثانية، إذ تنشط في المنطقة بين الليطاني والأولي، المجمعات الصناعية والتجمعات السكنية والتضاريس المتنوعة، وهي أساسًا خارج عمل “اليونيفل” وفق القرار 1701 وتفسير الدولة اللبنانية له، ما يعني أن الجيش سيكون وحيدًا وبدون أي خلفية استعلامية حول المناطق موضوع العمليات. كما إن الجيش سيدخل إلى عمق مناطق النفوذ التقليدية لـ “حزب الله” ما يشكل اختبارًا فعليًا لهيبة الدولة.
إذًا، المرحلة الثانية تعني انتقال الجيش من “الحدود” إلى “عمق الإمداد الحربي” لـ “حزب الله”، فهل سيتجاوب “الحزب” مع هذه الخطوة؟ وهو الرافض كليًا فكرة نزع سلاحه شمال الليطاني؟ وهل ستقبل إسرائيل بالأجندة الحكومية اللبنانية لحصر السلاح؟ وما سيكون عليه دور “الميكانيزم” في المرحلة المقبلة؟
الاسئلة كثيرة، والإجابات ضبابية. وما على الجميع سوى انتظار اجتماع الرئيس الاميركي دونالد ترامب برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو أواخر الشهر، وعندها يمكن تبيان الخيط الأبيض من الأسود بدءًا من عام 2026 الذي سيكون عامًا مفصليًا للبنان على المستويات كافة.
