أسعار السلع الغذائية ترهق المواطن.. فهد: هذا سبب الإرتفاع

تقرير داني دياب:
يشهد السوق اللبناني في الآونة الأخيرة إرتفاعًا في أسعار السلع الغذائية، ما زاد من الأعباء المعيشية على المواطنين الذين يعانون من ضغوط اقتصادية متواصلة. فقد أصبحت الأسعار تتبدّل بشكل شبه يومي، لتتجاوز قدرة معظم الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية من مواد غذائية واستهلاكية. هذا الواقع يعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان منذ سنوات، حيث تراجعت قيمة العملة المحلية بشكل كبير، وارتفعت كلفة استيراد المواد الأولية، ما أدى إلى إنفلات الأسعار وفقدان الاستقرار في السوق.
أمام هذا الغلاء المستمر، يجد المواطن نفسه محاصرًا بين تدنّي المداخيل وإرتفاع تكاليف المعيشة اليومية، فشراء المواد الأساسية أصبح عبئًا ثقيلًا على كاهل العائلات، لا سيّما تلك ذات الدخل المحدود. وفي ظل غياب الحلول الجذرية والإصلاحات الاقتصادية الفعّالة، تتسع الفجوة بين الواقع المعيشي الصعب وآمال اللبنانيين في حياة كريمة ومستقرة.
وفي هذا السياق، أوضح نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة في بيروت ونقيب أصحاب “السوبرماركت” في لبنان نبيل فهد، في حديث لـ”IMLebanon”، أن “هذا الإرتفاع مرده إلى عوامل خارجية وداخلية، وأبرز العوامل الخارجية هي إرتفاع الأسعار من المصدر وذلك بفعل زيادة في سعر صرف اليورو مقابل الدولار وهو عامل أساسي وله تأثير كبير في زيادة الأسعار. أما في الشق الداخلي، فإرتفاع الكلفة التشغيلية عند المؤسسات والشركات يدفعهم إلى رفع أسعارهم وكمثل على ذلك إرتفاع كلفة الكهرباء التي زادت حوالي 3 إلى 4 مرات، بالإضافة إلى الأكلاف التشغيلة الأخرى وغياب التمويل”، مضيفًا أنه “إذا لم يكن هناك منافسة في السوق يكون هناك نوع من الإحتكار فيؤدي إلى إرتفاع الأسعار، لكن في سوق المواد الغذائية اللبناني لا يوجد أي نوع من الإحتكار لأن الإستيراد مسموح”.
وأضاف فهد: “في لبنان المنافسة في سوق المواد الغذائية شديدة، إن كان على مستوى المصانع فهناك عدد كبير من المصنعين وعلى مستوى الإستيراد فهناك عدد كبير أيضًا من المستوردين، كما هو الحال في نقط البيع بالتجزئة (المفرّق) هناك حوالي 22 ألف نقطة بيع وهذا ما يعتبر الرقابة الأولى أو الأشد هي المنافسة بين نقاط البيع او بين المصنعين والمستوردين، وهذه المنافسة تضبط الأسعار وتجعل الخدمات تتقدم إلى الافضل”، متابعًا: “المراقبة ضرورية وأساسية من قبل وزارة الإقتصاد ومديرية حماية المستهلك على الجودة والنوعية والغش كما على الاحتكار في التسعير، ولكن الرقابة على تسعير إحدى البضائع غير ضرورية لأنها موجودة من خلال المنافسة في الإستيراد والتصنيع ونقاط البيع”.
وتابع: “هناك عامل آخر لإرتفاع الأسعار، هو عامل الخدمة فهناك أماكن تقدم خدمات كثيرة للمستهلك مقارنة بأماكن أخرى لا تقدمها بالإضافة إلى مستوى الإيجارات وتنوعها بين منطقة وأخرى، بالتالي هناك سعر السلعة وخدمة السلعة أي الخدمة المترافقة مع السلعة، من هذا المنطلق المنافسة هي الضابط الاساسي الذي يتحكم بالأسعار”.
أما عن السلّع التي ربما تتأثّر أقل أو أكثر بهذه الارتفاعات، قال فهد لـIMLebanon: “الأسعار ترتفع كلما قلّة المنافسة، أي كلما تراجع مستوى المنافسة بسلعة معينة زادت القدرة على إرتفاع سعرها، ولكن لا يمكننا التفريق في لبنان لأن أغلب السلع لديها عدة مصادر بالإضافة إلى عدة طرق لتسويقها، فلا يمكننا القول إن هناك سلع ترتفع أكثر من غيرها فكل السلع تتأثر بالعوامل نفسها”.
وشدد نقيب أصحاب “السوبرماركت”، على أن “المشكلة الاساسية في لبنان هي تراجع القدرة الشرائية للمستهلك فهذا العامل الاساسي الذي يؤثر على قدرته على الحصول على السلع، كما أن استمرار ارتفاع الكلفة التشغيلية الداخلية تؤثر أيضًا على مستوى الاسعار”.
وختم فهد قائلًا: “العامل الذي يريح المستهلك في السوق هو زيادة قدرته الشرائية، فعندما يكون هناك نمو إقتصادي وزيادة في المداخيل لا يعد إرتفاع أسعار السلع يؤثر عليه، فالسيناريو الأفضل هو بزيادة المداخيل وتخفيف الأكلاف التشغيلية وبذلك ترتفع قدرة المستهلك الشرائية”.
في ظل هذا الواقع المعيشي الصعب، يبقى المواطن اللبناني أمام تحديات يومية تتزايد مع كل ارتفاع جديد في الأسعار، بينما تتضاءل قدرته على الصمود في وجه الأزمات المتفاقمة المحلية والدولية. وبين غلاء السلع وتراجع المداخيل وغياب السياسات الداعمة، يتحول القلق إلى جزء من الحياة اليومية. ومع استمرار هذه الدوامة، يبرز السؤال التالي: هل ستتمكن الدولة من وضع خطة إقتصادية شاملة تعيد التوازن إلى السوق وتحفظ حق المواطن في حياة كريمة؟
