اقتصاد

في وجه الخصوم والأعداء.. حرب صينية تجارية جديدة انطلقت

23 آب, 2024

تعمل الصين مجددًا على تشغيل آلة الصادرات الضخمة الخاصة بها، وهذه المرة لا يوجد مكان للمنافسين للاختباء. وتعد هذه الخطوة تهديدًا كبيرًا للصناعات والشركات في جميع أنحاء العالم.

فبدأت شركة ناشئة في ماساتشوستس تدعى “CubicPV” المراهنة على الرقائق السيليكونية، وهي مكون عالي التقنية في الألواح الشمسية. ومدفوعة بقانون المناخ الذي سنّه الرئيس بايدن منذ عامين، والذي يوفر مليارات الدولارات من الحوافز الضريبية والقروض الحكومية، أعلنت CubicPV في أواخر عام 2022 عن خطط لبناء مصنع للرقائق السيليكونية بقيمة 1.4 مليار دولار في تكساس، بحسب تقرير على وول ستريت جورنال، اطلعت عليه سكاي نيوز عربية.

منذ ذلك الحين، زادت الصين إنتاجها من الرقائق السيليكونية تقريبًا بمقدار الضعف، وهو أكثر بكثير مما تحتاجه. كان لا بد أن تذهب الرقائق الإضافية إلى مكان ما – وانتقلت إلى الخارج، مما أدى إلى انخفاض الأسعار بنسبة 70 بالمئة.

اضطرت “CubicPV” إلى وقف خطتها الإنتاجية في وقت مبكر من هذا العام، مما أدى إلى تسريح المهندسين والموظفين الآخرين، مشيرة إلى أن “ضعف السوق نتيجة للقدرة الإنتاجية الزائدة في الصين”.

على بعد آلاف الأميال، في تشيلي، يواجه عملاق التعدين والصلب “CAP” التزام بكين المستمر بالتصنيع المنخفض التكلفة، حيث يضرب موجة من المعادن الصينية الرخيصة أسواقها.

قالت الشركة هذا الشهر إنها ستغلق مصنعها الضخم للصلب في هواتشيباتو في وسط تشيلي إلى أجل غير مسمى، مع فقدان حوالي 2200 وظيفة. قالت الشركة إنها لا تستطيع منافسة المعادن الصينية منخفضة السعر حتى بعد أن رفعت الحكومة التعريفات على قضبان الصلب والمنتجات المستوردة الأخرى.

كما أن قرار الاتحاد الأوروبي الأخير بفرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية الصينية المستوردة ليس سوى أحدث علامة على تفاقم التوترات.

من جانبها، رفعت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام الرسوم المفروضة على الصلب والحديد والألومنيوم والسيارات الكهربائية والخلايا الشمسية وغيرها من المنتجات الصينية.

من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة الخارجية جامعة حلوان صابر شاكر في حديث خاص لسكاي نيوز عربية، أن الصين سترد بقوة على أي رسوم جمركية أميركية، محذرا من أن عودة ترامب قد تشكل تهديدا للتجارة العالمية.

ورفعت تركيا الرسوم المفروضة على السيارات الكهربائية الصينية، بينما رفعت باكستان التعريفات المفروضة على القرطاسية والمطاط الصيني.

كما أجرت دول أخرى تحقيقات مكافحة الإغراق لمعرفة ما إذا كانت البضائع الصينية تباع بأقل من قيمتها العادلة.

وراء كل ذلك، هناك حسابات جريئة لكنها محفوفة بالمخاطر من جانب بكين بأن الاستثمار أكثر في التصنيع يمكن أن يعيد الحيوية الاقتصادية للبلاد ويبني مرونة صناعية دون أن يتسبب في الكثير من الضغط الدولي الذي يهدد مستقبل الصين.

تظهر المقابلات مع مستشاري السياسات في بكين والأشخاص الذين استشاروا المسؤولين الصينيين أن قيادة الصين واجهت مفترق طرق حاسم العام الماضي، حيث أدى انهيار العقارات في البلاد إلى ضعف الاقتصاد إلى أدنى مستوياته في عقود.

لكن بعض المستشارين جادلوا بأن اقتصاد الصين يحتاج إلى إعادة تفكير جذرية.
بدلاً من ذلك، أمر الرئيس الصيني شي جين بينغ المسؤولين بمضاعفة التركيز على نموذج التصنيع الذي تقوده الدولة في البلاد، مع مليارات الدولارات من الدعم في شكل إعانات جديدة وائتمان. واستخدم شعارًا للتأكد من أن المسؤولين حصلوا على الرسالة: “تأسيس الجديد قبل كسر القديم”، أو xian li hou po باللغة الصينية.

“الجديد” في نموذج شي لا يعني التحول إلى نموذج نمو جديد. بل أنه بدلاً من ذلك، طريقة الزعيم الصيني لتعديل فكرته حول نوع التصنيع الذي يجب على الدولة دعمه. في جوهرها، تدعو العبارة إلى بناء الصناعات التي تريد

الصين هيمنتها عليها في المستقبل – مثل السيارات الكهربائية والرقائق الإلكترونية والطاقة الخضراء – مع الحفاظ أيضًا على مجالات القوة التقليدية للبلاد في “القطاعات القديمة” مثل الصلب. ويمكن تأجيل أي مشاكل تتعلق بالقدرة الإنتاجية الزائدة إلى المستقبل.

ظهر هذا الشعار في تقرير رسمي لمؤتمر حكومي كبير في ديسمبر الماضي، عندما رسم أجندته الاقتصادية لعام 2024. واعترف التقرير بـ”القدرة الإنتاجية الزائدة في بعض الصناعات” و”الطلب الفعال غير الكافي”، إلا أن شعار “شي” لا يزال يشير إلى التركيز على زيادة وتوسيع الإنتاج الصناعي.

كرر شي الشعار في جلسة تشريعية سنوية في مارس، قبل أسابيع فقط من سفر وزيرة الخزانة الأميركية جانيت ييلن إلى بكين لتحذر القيادة الصينية من العواقب العالمية للقدرة الإنتاجية الزائدة في الصين.

من جانبه، قال رئيس مركز التحرير للدراسات والبحوث، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، عماد الأزرق، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن الصين تسعى في الفترة الحالية إلى التوسع في الانفتاح على العالم بصورة أعمق وأشمل، وهو التوجه الذي أكد عليه شي جين بينغ أكثر من مرة، مشيراً إلى أن الانفتاح الصيني على العالم الخارجي يعد بمثابة قاطرة ومحرك للاقتصاد الصيني لما يمثله من إتاحة فرص كبيرة للاستثمارات الصينية بالخارج وزيادة معدلات التنمية والنمو في الدول المختلفة خاصة الأعضاء بمبادرة الحزام والطريق، ما يزيد من حجم الاستهلاك ويخلق فرصاً أكبر للصادرات والمنتجات الصينية، ويعزز من التعاون المشترك في مجالات الاستثمارات المتعززة ما يعزز صورة

الصين ومكانتها السياسية والاقتصادية.

يأتي ذلك في وقت تراهن فيه الصين على “التصنيع” من أجل سد الفجوة الناجمة عن الاختلالات بقطاع مثل القطاع العقاري. (سكاي نيوز عربية)

شارك الخبر: