في خضم الأزمات والحروب: شركات التحويل تُبقي لبنان “على قيد الحياة”
محتلا المركز الثالث عالميا، والاول بين دول المنطقة، لا يزال لبنان وعلى الرغم من الاوضاع الصعبة التي تحدق به يستقطب مليارات الدولارات من التحويلات المالية سواء عبر المصارف أو شركات التحويل، التي تعتبر واحدة من أهم أساليب الدعم من قبل المغتربين لأهاليهم في البلاد، خاصة وأنّها تشكّل دعامة أساسية نظرا إلى أنّها تحوّل بالعملة الصعبة، لا وبل يوصّفها مصدر اقتصادي بقوله أنّها باتت تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد اللبناني، ولم تعد فقط مسألة وقت وتنتهي، بل على العكس من ذلك تماما، إذ دخلت وتماهت مع هيكلية الاقتصاد اللبناني، وساهمت حسب المصدر إلى حدّ ما بمعالجة مشكلة العجز في الحساب الجاري والعجز في المالية العامة.
وبحسب آخر تقديرات البنك الدولي، فإن لبنان تصدّر المرتبة الاولى في المنطقة من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلي الاجمالي والتي بلغت 30,7%، وهذا ما يشير إلى تراجع حوالي 5% عن العام 2022 حيث سجّلت الارقام آنذاك 35,7%.
هذه الارقام التي تعدُّ مرتفعة بحسب مصدر اقتصاديّ، يشير لـ”لبنان24″ إلى أن الاميركيتين الشمالية والجنوبية تتربعان على عرش المرتبة الاولى كالمصدّر الأول للحوالات المالية إلى لبنان، تليها منطقة الخليج العربي وأفريقيا وأوستراليا، وهذا ما وصل بمجموعه التقريبي( من المصارف وشركات التحويل من كل الدول) إلى حدود 6 مليارات دولار، ليتراجع الرقم 400 مليون دولار عن العام 2022.
وعلى الرغم من الحرب الدائرة في البلاد، والهواجس التي قد تنتاب أي لبناني يتخوف من توقف التحويلات من الخارج، فإن الأمور إلى حدّ الآن لا تزال سارية على طبيعتها، ومن المستحيل أن تتوقف حسب الاوساط، طالما أن البنوك الاجنبية المراسلة لا تزال تتعامل مع لبنان، الذي يعتبر من اهم النقاط على صعيد تبادل المال في الشرق المتوسط على الرغم من شبه الجمود الذي يصيب القطاع المصرفي.
هذه الهواجس حملناها إلى الرئيس التنفيذي لشركة “OMT”، ناجي أبو زيد الذي أكّد أن التحاويل المالية المُرسَلة إلى لبنان لم تتأثر بالحرب الحالية بين لبنان وإسرائيل، ولم يطرأ أيّ تغيير يُذكَر في حجمها، وهذا يعني بأن الحرب لم تؤثر لا بشكل مباشر ولا غير مباشر على عملية التحويل.
وعن توقع استمرار تدفق التحويلات، قال أبو زيد لـ”لبنان24”: “التحويلات المالية كانت وما زالت ركيزة أساسية لعدد كبير من العائلات اللبنانية في مواجهة التحدّيات الاقتصادية، إلا أنّه يصعب توقّع استمرار تدفّقها أو انخفاض نسبتها إذ تتأثّر بعدّة عوامل، منها وعلى سبيل المثال الأحداث الاقتصادية والأمنية على المستوى الإقليمي أو العالمي التي قد تؤثّر على مداخيل اللبنانيين في الخارج وتلقائيًا على عدد وحجم التحاويل المُرسَلة منهم إلى ذويهم في لبنان”.
وفي خضم الحرب والخوف من اي تأثير على عملية التحويلات بين الداخل والخارج، قال أبو زيد:” طرحت الأزمة تحدّيات أمنية ولوجستية تستوجب بروتوكولات استثنائية وتدابير طارئة في بعض الأحيان. من هذا المنطلق، نعمل دائمًا على أن نكون على استعداد كامل للتعامل مع الأزمات لتأمين الاستمرارية في تقديم خدماتنا مع الحفاظ على سلامة الوكلاء وفريق العمل”.
بالتوازي، لا ضيم بالقول أن شركات التحويل احتلت مكانا مهما على صعيد القطاع المالي في
لبنان، خاصة منذ الازمة المالية والنقدية التي أثرت على البلاد، والتي ارتدت على المصارف، حيث فرضت قيودًا مشددة على عمليات السحب والتحويل، مما جعل الكثير من الناس يبحثون عن بدائل للوصول إلى أموالهم، هذا عدا عن قلة الثقة بالنظام المصرفي التقليدي.
ومع تمكن شركات التحويل من التحول من مجرد وسيط بين المرسل والمرسل إليه، إلى شبه مصرف، باتت هذه الشركات اليوم مصدرا مهما للعمليات المالية والدفع، هذا عدا عن تواجدها الكثيف داخل القرى والبلدات.
من هنا، يقول الرئيس التنفيذي لشركة “OMT” ناجي أبو زيد لـ”لبنان24″ بأن لدى اللبنانيين اليوم ثقة بشركات تحويل الاموال، وهذه الثقة لم تتغير سواء قبل الازمة أو بعدها”، مشددا على أنه لا يمكن المقارنة بين شركات تحويل الأموال والمصارف، فأسس العمل تختلف من الناحيتين القانونية والعملية. وعليه، لا يمكن لشركات تحويل الأموال أن تقوم بدور المصارف الحيوي في الاقتصاد اللبناني.