الغاز الروسي… دولة تستمر في الاعتماد عليه
منذ غزو روسيا لأوكرانيا، تحركت الدول الأوروبية بسرعة لتقليل اعتمادها طويل الأمد على الغاز الروسي، لكن على النقيض من ذلك لاتزال النمسا تعتمد على مصادر الطاقة القادمة من موسكو، وفقا لتقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
وخلال السنوات الماضية كانت ألمانيا على رأس الدول الأوروبية التي تعتمد على الغاز الروسي، وحصلت على 55 بالمئة من إمداداتها من روسيا قبل الغزو، لكنها حاليا لا تستورد أي غاز من موسكو، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.
وفي سياق متصل، أوقفت بولندا وبلغاريا والتشيك تدفقات الغاز الطبيعي الروسي أو اقتربت من وقفها، وخفضت إيطاليا وارداتها بشكل مطرد، وتعهدت بالتخلص منها بشكل كامل بحلول نهاية العام الجاري.
لكن على النقيض من ذلك، فإن النمسا، التي تلقت ما يقرب من 80 بالمئة من غازها من روسيا قبل الغزو، لا تزال تحصل على أكثر من نصف إجمالي حاجتها من الغاز من روسيا، وفقا لـ”أرقام رسمية صادرة في مايو”.
وفي يوليو، قال الرئيس التنفيذي لشركة الطاقة النمساوية “أو أم في” (OMV Group)، ألفريد ستيرن، إنه ما دامت روسيا تبيع الغاز، فإن “النمسا ستشتريه”.
وأضاف “سنستمر في أخذ هذه الكميات من شركة غازبروم” طالما كانت متوفرة”، وذلك في مقابلة مع صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.
ما الأسباب؟
أثارت الصعوبات التي تواجهها الحكومة في التوقف عن الاعتماد على عن الغاز الروسي، انتقادات بشأن “مساعدة المدفوعات النمساوية في تمويل آلة الحرب الروسية”، حسبما ذكرت “نيويورك تايمز”.
ولا تعتقد الباحثة في مركز سياسة الطاقة العالمية في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، آن صوفي كوربو، أن النمسا تفعل ما يكفي لوقف الاعتماد على الغاز الروسي، مضيفة أن “الحكومة النمساوية من بين أكثر الحكومات ودية تجاه روسيا”.
وفي عام 1968، كانت النمسا “أول دولة في أوروبا الغربية توقع عقدا لاستيراد الغاز من الاتحاد السوفيتي”، وهي تعتمد عليه بشدة منذ عقود.
أحد الأسباب الرئيسية وراء عدم قيام الاتحاد الأوروبي بفرض أي عقوبات رسمية على واردات الغاز الروسي، مثل تلك التي تنطبق على النفط والفحم هو أن النمسا ومشترين كبار آخرين جادلوا في حاجتهم إليها.
وأكدت وزيرة الطاقة وعضو حزب الخضر التقدمي في الحكومة الائتلافية النمساوية، ليونور جوسلر، أن بلادها لا تزال ملتزمة بإنهاء واردات الغاز الطبيعي الروسي بحلول عام 2027.
وأضافت “ليس من السهل التراجع عن سنوات وعقود من السياسات الخاطئة في غضون بضعة أشهر فقط أو في غضون عام”.
وباعتبارها دولة غير ساحلية، فإن النمسا، على عكس ألمانيا أو إيطاليا أو اليونان، لا يمكنها ببساطة بناء محطات للسفن لنقل الغاز الطبيعي المسال.
ويرى مدير برنامج أوراسيا في معهد وارسو ببولندا، جرزيجورز كوتشينسكي، أن النخبة السياسية في النمسا من بين الأكثر تعاطفاً مع روسيا”، مشيرا إلى أن فيينا ستحاول التأثير على سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه موسكو لجعلها “أقل تصادمية”.
وفي عام 2018، تم توقيع اتفاق بين الحكومة النمساوية وشركة غازبروم الروسية، ويسمح للنمسا بشراء ٦ مليارات متر مكعب من الغاز الروسي سنويا وتبقى سارية المفعول حتى عام 2040.
وتسعى الشركة التي لطالما ارتبطت بعملاق الطاقة الروسي “غازبروم” إلى مضاعفة مصادر الامدادات منذ غزو أوكرانيا، ولكنها تواصل الحصول على الامدادات من روسيا، وفقا لوكالة “فرانس برس”.
ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا أنفقت شركة الطاقة النمساوية (OMV) حوالي 7.7 مليار دولار، على شراء الغاز الروسي.
وفي نهاية يوليو، أعلنت شركة الطاقة النمساوية، عما وصفته بـ “أكبر اكتشاف للغاز في النمسا منذ 40 عاما” مع أمل بتقليل الاعتماد على روسيا.(الحرة)