اقتصاد

“نفط المستقبل”.. هل أصبحت صناعة الرقائق بيد أميركا؟

1 تشرين الأول, 2023

تواصل الولايات المتحدة تعزيز جهودها الرامية إلى استرجاع دورها الريادي في عالم تصنيع الرقائق الالكترونية، حيث تتحضر السلطات حالياً لبدء توزيع جزء من الأموال التي خصصها قانون “الرقائق والعلوم”، لدعم انتقال مصانع الرقائق العالمية إلى الأراضي الأميركية، وذلك توازياً مع الذكرى السنوية الأولى لإقرار القانون.

وقد سن إقتراح “الرقائق والعلوم” من قبل الكونغرس الأميركي ووقعه الرئيس جو بايدن ليصبح بذلك قانوناً نافذاً في 9 آب 2022، حيث تم بموجبه تخصيص مبلغ 280 مليار دولار أميركي، كحزم دعم لتعزيز البحث المحلي، وتصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة على مدى 10 سنوات.

خطة أميركا على الطريق الصحيح
وبينما يحتفل قانون “الرقائق والعلوم” بعيد ميلاده الأول، يبدو أن الخطة التي حبكتها أميركا بموجب هذا القانون، تسير على الطريق الصحيح لاستعادة “عرش” صناعة الرقائق التي تعتبر بمثابة “نفط المستقبل” أو “النفط الجديد”.

وأعلنت العديد من شركات تصنيع الرقائق عن استثمارات تزيد قيمتها عن 200 مليار دولار في البلاد، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن مصانع الرقائق في أميركا ستكون قادرة في عام 2025 على تأمين نحو 18 بالمئة من الإنتاج العالمي للرقائق المتطورة.

رقائق TSMC وسامسونغ بشعار “صنع في أميركا”
وحالياً تنفق شركة TSMC التايوانية العملاقة نحو 40 مليار دولار على بناء مصنعين في ولاية أريزونا الأميركية، فيما تستثمر شركة سامسونغ الكورية الجنوبية قرابة الـ 17 مليار دولار لتصنيع رقائقها في تكساس، ورغم أن هذه الشركات ليست بأميركية، إلا أن واشنطن تريد أن تحمل رقائق TSMC وسامسونج شعار “صُنع في أميركا”.

وفي المقابل تلعب الشركات الأميركية أيضاً دوراً كبيراً في عودة صناعة الرقائق في البلاد إلى سابق عهدها، إذ ستنفق شركة إنتل، مبلغ 40 مليار دولار على بناء أربع مصانع في أريزونا وأوهايو.

وفي هذا الوقت تتحضر السلطات الأميركية لإنفاق حزمة قيمتها 39 مليار دولار، وقروض وضمانات قروض أخرى بقيمة 75 مليار دولار، وذلك للشركات التي لبت المعايير والشروط القاسية، للاستفادة من الدعم الذي يقدمه قانون “الرقائق والعلوم”، وأبرزها عدم قيام الشركات المستفيدة من التمويل، بزيادة إنتاجها أو توسيع مجال تصنيعها في الصين.

ويقول الخبير في التحول الرقمي ربيع سعادة، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه بعد عام على توقيع الرئيس الاميركي على قانون “الرقائق والعلوم”، دأبت شركات إنتاج الرقائق العملاقة، مثل TSMC وإنتل وسامسونغ، على التخطيط لافتتاح مصانع لها في الولايات المتحدة للاستفادة من مفاعيل القانون، ولكن رغم التحفيزات الممنوحة بالقانون، فإن هذه الشركات وجدت أنها ستواجه تحديات أساسية قد تؤثر على أرباحها المستقبلية.

وبحسب سعادة فإن هذه التحديات تتلخص بثلاث نقاط، هي:
– الوقت المستغرق لبناء المصانع في الولايات المتحدة يقدر بنحو 900 يوماً، مقارنة بـ 650 يوماً في تايوان والصين، حيث يعود سبب البطء في عمليات إنشاء المصانع في أميركا، إلى البيروقراطية في إنجاز المعاملات، إذ يجب على الشركات التنقل عبر مجموعة كبيرة من اللوائح الفيدرالية، وحكومات الولايات، والحكومات المحلية، مما يزيد متوسط الوقت المخصص لإكمال عملية البناء إلى أكثر من 900 يوماً.

– التكلفة التشغيلية المرتفعة بسبب كلفتي بناء المصانع والأجور، حيث أن كلفة بناء معمل جديد في أميركا أعلى بنحو 40 بالمئة مما هي عليه في آسيا، في حين أن النفقات التشغيلية السنوية للمعامل في أميركا، أعلى بنسبة 30 بالمئة مقارنة بآسيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع أجور العمال الأميركيين.

– حجم المصانع في الولايات المتحدة الأميركية أصغر من مثيلاتها في آسيا، ما يعني أن الطاقة الإنتاجية للمعامل في أميركا، ستكون أقل من تلك الموجودة في آسيا، وما يزيد الأمور تعقيداً في هذه النقطة، هو الصعوبة التي تواجهها الشركات في العثور على عدد كاف من العمال، ذوي الخبرة في صناعة أشباه الموصلات، وهذا ما دفع شركة TSMC التايوانية، إلى تأجيل إطلاق أول منصع لها في أريزونا، لمدة عام واحد وذلك حتى 2025.

ويرى سعادة أن هذه التحديات الثلاثة ستنعكس ارتفاعاً بأسعار الرقائق الإلكترونية المصنعة في الولايات المتحدة مقارنة مع مثيلاتها المصنعة في آسيا، في وقت يبدو فيه الطلب على الرقائق في تراجع، على الأقل في المدى القصير، وهو ما قد تكون له عواقب على ربحية الصناعة على المدى الطويل، متوقعاً أن تقوم الشركات الصينية بالرد على مفاعيل قانون “الرقائق والعلوم”، من خلال العمل على تخفيض أسعار الرقائق ما يشكل ضغوطاً هبوطية على الأسعار. (سكاي نيوز)

شارك الخبر: