تقرير لـ”The Hill”: ما التهديد الذي تشكله “البريكس” للمصالح الاميركية في الشرق الأوسط؟
شهدت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي منافسة اقتصادية، حيث حاول كل منهما إغراء الدول الفقيرة غير التابعة له باختيار أحد الجانبين.
وبحسب صحيفة “The Hill” الأميركية، “أما اليوم، أصبحت المنافسة الأساسية بين الدول محصورة بين الرأسمالية الغربية والشيوعية الصينية الموجّهة نحو السوق، والتي تهدف إلى إنهاء الوضع الاقتصادي المهيمن للغرب. يبحث قادة النظام الشيوعي عن بدائل اقتصادية لتجنب العقوبات وعدم التعرض للتدقيق من قبل الدول الغربية التي تنتقد بصوت عالٍ احتكارهم للسلطة وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان. وهذا ما دفع بعض الدول الفقيرة إلى الانجذاب إلى المنظمات الاقتصادية الصينية مثل مجموعة “البريكس” ومبادرة الحزام والطريق، خاصة وأنها تقدم قروضًا جيدة جدًا لدرجة يصعب تصديقها”.
وتابعت الصحيفة، “ومن المناطق الجاذبة للتنافس الأميركي – الصيني هي منطقة الشرق الأوسط التي لها تاريخ طويل مع النفوذ الأميركي. وكما قالت ساريت زيهافي، الرئيسة التنفيذية لمركز ألما للأبحاث، فإن “الصين تنفذ خطة استراتيجية ممنهجة في الشرق الأوسط لتحويل قوتها الاقتصادية في المنطقة إلى قوة سياسية، ولاحقاً إلى موطئ قدم عسكري”. وعلى مدى السنوات العشرين الماضية، ظهر تحالف بديل من الدول بقيادة الصين لتحدي هيمنة مجموعة السبع للاقتصادات الديمقراطية. وفي هذا الصيف، رحبت مجموعة “البريكس” بستة أعضاء جدد، مع عشرين آخرين يأملون بفارغ الصبر في تلقي الدعوة قريبا. ويمثل أعضاء المجموعة ما يقرب من نصف منتجي ومستهلكي الطاقة في العالم”.
وأضافت الصحيفة، “وفقاً لساداناند دوم من صحيفة وول ستريت جورنال، فإن توسع مجموعة “البريكس” يمثل “محاولة لإعادة تشكيل النظام العالمي وتوفير ثقل موازن للولايات المتحدة وحلفائها”. وتعتبر المجموعة نتاج ثانوي للمنافسات الأميركية مع الصين وروسيا، والتي تشبه في بعض النواحي منافسة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. ويعمل الرئيس الصيني شي جين بينغ على تجميع كتلة متنامية من الدول التي تريد انقاذ نفسها من الهيمنة الأميركية والغربية. ومن جانبه، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتوسع “البريكس” ووصفه بأنه “نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب”.”
ورأت الصحيفة أنه “ومع ذلك، فإن العديد من دول “البريكس” هذه تسعى للحصول على فوائد اقتصادية، ولكنها في الوقت عينه لا تريد أن تكون جزءًا من التنافس الشرس بين الولايات المتحدة والصين، معتقدة أنه لا يزال بإمكانها الاعتماد على الأمن الأميركي. في الواقع، لا يمكن السماح لهم بالحصول على الاحتمالين. وتحتاج أميركا إلى استخدام استراتيجية العصا والجزرة، التي توفر الفرص الاقتصادية لأعضاء مجموعة “البريكس” للنأي بأنفسهم عن الصين، مع التهديد بأن الأمن الأميركي لن يكون موجوداً لأولئك الذين يتقربون كثيراً من بكين”.
وبحسب الصحيفة، “تحتاج الولايات المتحدة أيضًا إلى تذكير دول “البريكس” بأن الرهان على المنظمات التي تتمحور حول الصين هو عرض خاسر، فالبلاد تعاني قضايا بنيوية طويلة الأمد استناداً إلى تركيبتها السكانية، والانهيار المستمر لمساكنها، وكل المشاكل المتأصلة في الاقتصاد الذي تديره الحكومة. إذاً، من الواضح أن النموذج الاقتصادي الغربي يشكل طريقاً أفضل نحو الرخاء والازدهار. كما وهناك تحديات أخرى تواجه مجموعة “البريكس”، حيث أن العديد من أعضائها هم خصوم جيوسياسيون، مثل الصين والهند. ويبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت هذه المجموعة غير الرسمية قادرة على تشكيل قوة اقتصادية لتحدي الغرب، أو على نحو أكثر طموحاً، تطوير تحالف أمني يحل محل الولايات المتحدة”.
وتابعت الصحيفة، “لا ينبغي للهند، الدولة الديمقراطية الأكبر في العالم، أن تنتمي من الناحية النظرية إلى منظمة اقتصادية يهيمن عليها حكام غير ديمقراطيين، وفي الواقع غالباً ما كانت الهند من الدول التي ترفض الانحياز إلى جانب ضد آخر، لذلك إنه أمر مفاجئ أنها انجذبت نحو روسيا. في الواقع، فقد قوض أعضاء المجموعة المصالح الغربية في ما يتعلق بأوكرانيا، وساعدوا روسيا على التحايل على العقوبات. وعلى حد تعبير مجلة World Politics Review، فإن مجموعة “البريكس” تحرض على حرب روسيا في أوكرانيا… ولقد ضمن شركاء موسكو في المجموعة بقاء روسيا اقتصاديًا ودبلوماسيًا”.
وأضافت الصحيفة، “في ما يتعلق بمجموعة “البريكس” في الشرق الأوسط، فإن العدو الرئيسي لأميركا هو إيران، وهي واحدة من الأعضاء الجدد في المجموعة. وأوضح رويل مارك غيرشت وراي تاكيه، من مجلة Foreign Affairs، كيف استفادت إيران بالفعل من الدعم الصيني والروسي. بالنسبة لدول مثل إيران، تعد البريكس بمثابة منقذ لاقتصاداتها المثقلة بالعقوبات الأميركية. أما المشروع الصيني الآخر، الحزام والطريق، فيهدف إلى ربط الدول بالصين اقتصاديًا، فباكستان، الحليف القديم للولايات المتحدة، واقعة في قبضة الصين مالياً بسبب ديونها التي تكاد تكون غير قابلة للسداد”.
وختمت الصحيفة، “يتعين على أميركا أن تعمل على ترسيخ علاقاتها مع حلفائها، ووضع خطة أكثر شمولاً للتنافس مع الصين في الشرق الأوسط وخارجه. في الواقع، إن التركيز على مبادرات تطوير البنية التحتية يشكل فرصة لاستعادة الثقة في أميركا. باختصار، ستواصل الولايات المتحدة والصين قتالهما على الجبهات الاقتصادية والأمنية والجيوسياسية، كما وتشكل مجموعة “البريكس” تهديدا كبيرا يحتاج إلى إجابة شاملة من الغرب”.