اقتصاد

قطار رؤية 2030 انطلق… فهل يستطيع لبنان الالتحاق؟

26 حزيران, 2023

كتب نذير رضا في “الشرق الأوسط”:

رأى وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني أمين سلام أن لبنان لن يتمكن من مواكبة الفرص الاستثمارية في المنطقة، ويكون جزءاً من العمل العربي المشترك الذي أتاحته المملكة العربية السعودية عبر رؤية 2030 التي توفر فرصاً هائلة «إلا بإنجاز الاستحقاقات السياسية وتنفيذ الإصلاحات المالية والقانونية المطلوبة بأسرع وقت».

كلام سلام جاء في حديث أجرته معه «الشرق الأوسط» بعد مشاركته في مؤتمر الأعمال العربي -الصيني في الرياض. وقال: «إن قطار رؤية 2030 انطلق، ويمر بالدول العربية، ويستطيع لبنان أن يلتحق بهذه الرؤية الواعدة من خلال الكفاءات اللبنانية المشهود لها، خصوصاً أن للمملكة العربية السعودية تاريخاً في التعاون مع الشعب اللبناني»، مشدداً على أن اللبنانيين «يمكن أن تكون لهم مشاركة في قطاعات واعدة كثيرة بينها التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي والطب والطاقة».

وعن لقاءاته في السعودية، قال سلام: «تناولت المباحثات مع الوزراء في المملكة، التحضير لاجتماع اللجنة اللبنانية – السعودية المشتركة المعنية بـ22 اتفاقية بين البلدين، بينها 8 اتفاقيات اقتصادية، فضلاً عن الفرص التي يمكن أن يستفيد منها لبنان من خلال الصندوق السيادي الموجود في المملكة (صندوق الاستثمارات العامة) الذي رصد مبالغ للاستثمار في دول عربية عديدة، ويمكن أن يستفيد لبنان منها»، موضحاً أن «هذه الفرص جدية ومتاحة، في حال أثبت لبنان جدية في الإصلاح السياسي والاقتصادي، وتوفير الأرضية المناسبة لذلك».

وأضاف: «الاستثمار في لبنان وتوليد فرص عمل، لا يتحققان من دون قطاع مصرفي يبدأ من إعادة هيكلة المصارف وإقرار الكابيتال كونترول كي تكون هناك أرضية قانونية ومالية للبدء بتلقف الاستثمارات الموعودة»، بالنظر إلى أن الدول العربية «تريد التعامل مع لبنان ضمن مفهوم شراكات واضحة تعود عائداتها على الطرفين».

وطالب سلام بـ«توفير الأرضية المناسبة لأفضل علاقات مع المملكة والدول العربية، من خلال تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية، ومكافحة الفساد»، مشدداً على أن «توفير الأمان واستعادة الثقة لا يُترجم إلا بتنظيم المؤسسات بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة وتفعيل مؤسسات الدولة، وإعادة دور المؤسسات وعكس جدية في إدارة شؤون البلاد وبناء علاقة طيبة مع المملكة».

وأكد سلام أن التزام لبنان بالإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي وتفعيل الحوكمة والمساءلة وتعزيز ثقة المستثمرين بالبلاد «تتطلب جدية من اللبنانيين، والتصرف بوطنية». ورأى أنه في حال توفر إرادة للإصلاح «يمكن تنفيذ الإصلاح بالكامل خلال أشهر قليلة». وأضاف: «على اللبنانيين أن يستفيدوا من الفرصة الذهبية القائمة بفعل المعادلة الجديدة في المنطقة، خصوصاً لجهة عودة سوريا إلى الجامعة العربية التي تعد نافذة لبنان البرية على العمق العربي»، موضحاً أن «الهواجس السياسية التي كانت موجودة تبددت في ظل المعادلة الجديدة، ولم يبق إلا العقد الداخلية التي يجب حلها لمواكبة التطورات بإيجابية».

ولفت سلام إلى أنه بصدد البدء بتنفيذ خطوات هي بمثابة تحضير الأرضية المناسبة لمواكبة الفرص الاستثمارية والاقتصادية الكبيرة في المنطقة، ومن بينها تحضير كتب رسمية لوزارات الاستثمار والتجارة والاقتصاد والطاقة في المملكة، بالتعاون مع الوزارات اللبنانية المختصة، تعرض واقع الشباب والخريجين اللبنانيين حسب الاختصاصات، والقيام بدراسة جدية وإعداد لجنة تواصل، شارحاً أن هذه الخطوات «هي بمثابة تحضير فرص للبنانيين في مرحلة ما بعد الإصلاح السياسي، وذلك بعدما أخذنا إشارات إيجابية وتلقفنا رسائل محبة صادقة للبنان والشعب اللبناني».

وفيما يسير العالم في اتجاه فتح فرص استثمارية، لا يزال لبنان غارقاً بأزمات سياسية وجدالات قانونية وعثرات مالية واقتصادية، كان آخرها الجدال في مجلس الوزراء حول مشاركة وزير الاقتصاد أو وزير السياحة في «إكسبو الدوحة». وقال سلام إن الملف جرى حله «من دون اعتذار من قبلي، لأن صاحب الحق سلطان، ولأنني لم أخطئ»، قائلاً: «سُلِبَت مني صلاحياتي بشكل غير قانوني. غبت عن جلسة للحكومة، فاكتشفت بعدها أن قراراً اتخذ بتكليف وزير السياحة وليد نصار بتمثيل لبنان في إكسبو الدوحة، علماً بأن المشروع كنت أعمل عليه منذ ثلاثة أشهر، وهو من اختصاص وزارتي، لكن في الجلسة الأخيرة تم حله، وإعادة تكليفي»، مشيراً إلى أنه أبلغ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بأن «ما حصل كان مريباً»، خصوصاً أن وزير السياحة أيضاً كان غائباً عن الجلسة، و«تحفظت في الإعلام تجنباً لفتح علامات استفهام أكبر».

والأزمة الأخيرة التي تمت معالجتها، هي جزء من مطبات أخرى سياسية في البلاد، بينها النقاش حول انعقاد جلسات الحكومة. وقال سلام: «لم أتردد أي مرة في حضور جلسات الحكومة، وفي ظل هذا النقاش أحتكم إلى قرار المجلس الدستوري حول تأجيل الانتخابات البلدية، إذ حفاظاً على تسيير المرفق العام، يجب أن تُؤجل النقاشات الأخرى». وسأل: «في ظل الشغور الرئاسي، من يدير البلد؟»، مضيفاً: «إننا في حالة طوارئ في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية، وكل شيء هو طارئ». وعدّ الانتقادات لاجتماعات الحكومة بأنها «مزايدات غير واقعية لا تخدم مصلحة البلد»، مستشهداً بما قاله الرئيس ميقاتي في الجلسة الأخيرة بأن هناك وزراء يعملون في وزاراتهم، وهناك قرارات يجب أن تُتخذ في الحكومة، لذلك من المفترض أن تكون الاجتماعات قائمة لتأمين سيرورة المرفق العام.

شارك الخبر: