تقرير لـ”Washington Post”: إسرائيل عند نقطة انعطاف
ذكرت صحيفة “The Washington Post” الأميركية أن “الحدث الأخير الذي أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا في
غزة، يشبه مقتل سبعة من عمال الإغاثة في المطبخ المركزي العالمي الشهر الماضي. وبعد تلك المأساة، أجبرت الإدانة الشديدة إسرائيل على زيادة المساعدات الإنسانية وتكثيف الجهود لـ “تجنب الصراع”.والآن، في أعقاب مقتل 45 بريئاً، تتصاعد الضغوط على إسرائيل من جديد. ونتيجة لذلك، ينشأ احتمالان مختلفان بشكل صارخ: دورة أخرى من الاتهامات المتبادلة والتحدي الإسرائيلي، يغذيها يأس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الشخصي للبقاء في السلطة، أو الضغوط المحلية والدولية المحفزة للتوصل إلى نهاية لهذه المحنة عن طريق التفاوض”.
وبحسب الصحيفة، “على الرغم من أن الأمر الأخير قد يبدو مستبعدا، إلا أن العالم شهد على مثيل له في السابق. وكتب دان بيري في صحيفة “Forward”: “عندما يؤدي عمل إسرائيلي واحد إلى سقوط عدد من القتلى المدنيين لا يمكن للعالم أن يتسامح معه، فإنه غالبا ما يشكل نقطة تحول في مسار الصراع”.
وأضاف: “ربما المثال الأفضل على ذلك هو القصف الإسرائيلي لمدينة قانا في لبنان عام 2006، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 نازح. كان الغضب بشأن مذبحة قانا شديداً للغاية لدرجة أن الضربة كانت الخطوة الأخيرة التي شنتها إسرائيل ضمن عمليتها “عناقيد الغضب” ضد مقاتلي حزب الله”.”
وتابعت الصحيفة، “مع استمرار التحقيق، فإن التسلسل الدقيق للأحداث غير معروف حتى الآن. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء إن الجيش الإسرائيلي يحقق في احتمال أن تكون الذخائر المخزنة بالقرب من مجمع في غزة تعرضت لضربة جوية يوم الأحد قد اشتعلت فيها النيران مما أدى إلى مقتل أكثر من 40 مدنيا. وقال المتحدث باسم الجيش الأدميرال دانييل هاجاري إنه لا يزال من غير الواضح سبب الحريق المميت في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، لكنه أضاف أنه يعتقد أن الذخائر التي يبلغ وزنها 17 كيلوغراما والتي استخدمت في الهجوم أصغر من أن تسبب مثل هذا الحريق الكبير”.
ورأت الصحيفة أنه “مهما كانت تفاصيل هذا الحادث، فإن الوفيات لم تكن لتحدث لولا التوغل الإسرائيلي. وبناء على ذلك، تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها هدفا للإدانة الدولية. وفي الواقع، لم يساعد رد الحكومة في تحسين الأمور. وكما ذكرت الصحافة الإسرائيلية، ظل نتنياهو صامتاً لمدة 24 ساعة تقريباً ثم أعرب بعد ذلك عن أسفه إزاء “الحادث المأسوي” ووعد الكنيست بالتحقيق في الأمر. في غضون ذلك، ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن الجيش المصري قال إن أحد جنوده قُتل بالرصاص خلال تبادل لإطلاق النار في منطقة رفح، دون تقديم مزيد من التفاصيل. وقالت إسرائيل إنها على اتصال بالسلطات المصرية، وقال الجانبان إنهما يحققان في الأمر”.”
وبحسب الصحيفة، “إن حكم محكمة العدل الدولية الذي اعترضت عليه إسرائيل والولايات المتحدة بشدة، ووفيات رفح، والتبادل المصري، ساهمت بتكثيف الانطباع بالتهور والفوضى والغطرسة في عملية عسكرية تواجه بالفعل انتقادات بسبب الافتقار إلى خطة استراتيجية قابلة للتطبيق. وبعد العديد من التحذيرات بشأن التزام
إسرائيل بتقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى الحد الأدنى، وعلى وجه التحديد، التخلي عن غزو واسع النطاق لمدينة رفح المكتظة بالسكان، اشتدت ردة الفعل العنيفة ضد سلوك نتنياهو في الحرب.وبالفعل بدأت المعارضة الداخلية تتوحد. وذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” أن يائير لابيد، زعيم المعارضة، وأفيغدور ليبرمان، رئيس حزب “يسرائيل بيتنو”، التقيا مع رئيس حزب “الأمل الجديد”، جدعون ساعر، يوم الأربعاء “لمناقشة تشكيل حكومة بديلة”.
وقالت مصادر في المعارضة إن الأحزاب الثلاثة تتخذ خطوات لإسقاط الحكومة والجمع بين الأطراف المختلفة لتشكيل حكومة جديدة، كما وتخطط لضم عضو مجلس الوزراء الحربي بيني غانتس، الذي تعهد بمغادرة حكومة الطوارئ وسحب حزبه الوسطي من ائتلاف نتنياهو إذا لم تكن هناك خطة لما بعد الحرب بحلول 8 حزيران”.
وتابعت الصحيفة، “خلاصة الأمر أن نتنياهو يواجه انتقادات حادة وقاسية من كافة الأطراف: المجتمع الدولي، وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وأعضاء الكونغرس الأميركي، والمسؤولين العسكريين الإسرائيليين الحاليين والمتقاعدين، والاحتجاجات الجماهيرية التي أصبحت معادية له بشكل متزايد. وقد تكثفت الانتقادات في أعقاب الكارثة المدنية الأخيرة وقد تساعد في تحويل الزخم لصالح وقف إطلاق النار. في غضون ذلك، كان الرد الأولي من إدارة بايدن حذرا بشكل استثنائي، مما أثار استياء النقاد الذين يتصورون أن الرئيس الأميركي لديه القدرة على السيطرة على حكومة نتنياهو. في البداية، وصف متحدث باسم مجلس الأمن القومي حادثة القتل بأنها “مفجعة”، وشدد على أنه “يجب على إسرائيل اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين”.
وأضافت الصحيفة، “أكد المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي في وقت لاحق أن الإدارة لم تر دليلاً على وقوع حدث ينتهك الخط الأحمر الذي وضعه بايدن. وعلى الرغم من عدم كفاية الرد على العديد من النقاد، إلا أن فريق بايدن، من خلال الامتناع عن الإدانة العلنية الصريحة، يحافظ على الفرصة لبذل جهود مكثفة من وراء الكواليس ويترك الباب مفتوحًا أمام مناقشات لاحقة حول خطة السلام السعودية. ومن المؤكد أن إسرائيل تقترب من نقطة انعطاف، فالغضب المحلي والدولي بسبب أخطائها الجسيمة والفوضى الاستراتيجية، والقلق من أن القوات الإسرائيلية قد “تمددت أكثر من اللازم”، وخوف نتنياهو من انهيار الائتلاف، مجتمعين، قد يدفعونه أخيرًا نحو وضع حد للحرب. وقد يشمل ذلك وقف إطلاق النار، وإعادة الرهائن، وتشكيل قوة حكم انتقالية “لليوم التالي” تتألف من تكنوقراط فلسطينيين في غزة، ودول عربية معتدلة، ومنظمات إغاثة دولية”.
وختمت الصحيفة، “رغم أن مقتل المدنيين في رفح يشكل صدمة، فإن الحادث الأخير قد يخلق أيضاً فرصة لفرض نهاية للحرب، ولكن فقط إذا أجبرت مجموعة من المنتقدين المحليين والدوليين نتنياهو على اغتنام هذه الفرصة”.