تقرير لـ”Foreign Policy”: خطة ميقاتي للسلام قد تكون الأفضل لغزة
يملك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خطة للسلام في غزة وإسرائيل، إلا أنه يحتاج إلى داعمين غربيين بهدف تحقيقها.
وبحسب مجلة “Foreign Policy” الأميركية، “لقد حان الوقت لكي يتدخل القادة الغربيون. ومع ارتفاع عدد القتلى في غزة، الذي تجاوز حتى الآن 10 آلاف شخص، يحاول ميقاتي الحصول على دعم الحلفاء لخطة السلام المكونة من ثلاث خطوات، والتي تأتي على الشكل التالي: أولاً، يقترح ميقاتي أن يتم وقف الأعمال العدائية لمدة خمسة أيام، حيث تقوم حماس بإطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين، وتفتح إسرائيل معابرها الحدودية أمام المزيد من المساعدات الإنسانية. وإذا لم يتم خرق هذا الوقف لمدة 120 ساعة، فسوف تبدأ المفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن المتبقين في مقابل إطلاق سراح السجناء الذين تحتجزهم إسرائيل. وعندما يتم هذا الامر، يبدأ العمل على عقد قمة دولية لحل الدولتين بشكل دائم”.
وتابعت المجلة، “إذا نجح اقتراح ميقاتي، فحينها سيتمكن من تحويل أسوأ أعمال عنف شهدها الإسرائيليون والفلسطينيون منذ عقود إلى أخطر جهود سلام منذ انهيار اتفاقيات أوسلو. إنها خطة طموحة لكن من غير المتوقع لها أن تنجح. ولكن مع استمرار التوغل الإسرائيلي الوحشي في قطاع غزة، فقد تكون خطة ميقاتي هي أفضل خطة لدينا، واحتمالات نجاحها ترتبط بشكل مباشر بمن يختار دعمها. وفي الواقع، تبقى هذه الخطة أفضل من المواقف المتواضعة وغير المتماسكة التي اتخذها القادة الغربيون حتى الآن”.
وأضافت المجلة، “في الوقت الذي يعاني فيه ميقاتي من كارثة سياسية واقتصادية في لبنان، يبقى موقعه فريداً بين القوى العربية المختلفة. فقد التقى ميقاتي، الأربعاء، السفير الإيراني في بيروت، في إشارة إلى قدرته على العمل كمحاور مع طهران، كما والتقى، السبت، بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أصبح الضامن لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة. وقبل ذلك بأيام، التقى ميقاتي بأمير قطر، الذي استضافت بلاده القيادة السياسية العليا لحركة حماس على مدى العقد الماضي. ويُعتبر الحصول على دعم هؤلاء الزعماء العرب مهماً، ولكنه قابل للتحقيق أيضاً. أما في الداخل اللبناني، فهناك قلق من أن يتوسع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة مع وجود حزب الله على الحدود”.
وبحسب المجلة، “في الواقع، إن زعزعة الاستقرار في المنطقة قد يكون مدمراً للنظام الإيراني، الذي يواجه بالفعل ضغوطاً ناجمة عن سنوات من الاضطرابات الداخلية. وفي الوقت نفسه، تحرص قطر على استعراض قيادتها الإقليمية. وفي حديثه إلى مجلة “The Economist”، كان ميقاتي متفائلاً بشأن فكرة أنه قادر على فك تشابكات السياسة العربية المعقدة، على الأقل، وقال: “إذا كان لدينا اتفاق بشأن السلام الدولي والشامل، فأنا متأكد من أن حزب الله وحماس سيتوقفان عن القتال”. وتوقع كذلك أن “يكون الإيرانيون جزءا من السلام الشامل”.
وبعد مرور عامين، وسط خلل سياسي كامل، لا يزال ميقاتي رئيسًا للوزراء، وها هو الآن يحاول القيام بأصعب مهمة في العالم: خلق سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
ورأت المجلة أن “خطته تعثرت حتى الآن، فلم يجد أي دولة غربية قادرة على تغيير سياستها تجاه اسرائيل، على الأقل حتى الآن. ونظراً لأن لبنان ليس لديه علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، فسوف يحتاج إلى التقرب من أصدقائها. والتقى ميقاتي، السبت، مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وناقش الاثنان الحاجة إلى وقف الأعمال العدائية للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. ولكن وعلى الرغم من تشديد ميقاتي على ضرورة وقف إطلاق النار، إلا أن موقف واشنطن لم يتغير. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية يوم الثلاثاء: “هذه ليست السياسة التي نتبعها”.”
وبحسب المجلة، “لا يشكل الموقف الأميركي مفاجأة كبيرة، فقد حاولت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الاستفادة من علاقتها الوثيقة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتهدئة الوضع. والأربعاء، أصر بلينكن على أن التهجير القسري ليس خيارا. وقال عقب اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في اليابان: “لن يتم إعادة احتلال غزة بعد انتهاء الصراع. لن يكون هناك محاولات لفرض الحصار على غزة. لن يتم تقليص أراضي غزة”. ومع ذلك، ظلت واشنطن داعمة للعملية الإسرائيلية الحالية وقاومت أي دعوات لوقف إطلاق النار”.
وتابعت المجلة، “أعلن البيت الأبيض يوم الخميس أن إسرائيل وافقت على تطبيق “هدنة إنسانية” لمدة أربع ساعات يوميا للسماح للمدنيين بالإخلاء. ومع ذلك، فإن أربع ساعات من السلام يوميًا ليست كافية. إن العمليات الإسرائيلية في غزة لا تهدد بدمار واسع النطاق فحسب، بل إنها قد تؤدي إلى احتلال أو حصار أكثر عدوانية، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي طال أمدها في القطاع، وسيكون من الأهمية بمكان أن يطرح القادة الآخرون مساراً أكثر طموحاً ودائماً للسلام. لذلك، إن اقتراح ميقاتي هو الوحيد المطروح على الطاولة الآن. ومن المؤسف أن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي اتخذا مواقف غير واقعية في هذا الشأن. ومع التزام الولايات المتحدة بموقفها، فسوف يقع على عاتق القوى المتوسطة في العالم مهمة التصدي للتحدي الذي يواجهه ميقاتي”.
ورأت المجلة أن “النرويج، باعتبارها الوسيط في اتفاقيات أوسلو، ستكون بمثابة الداعم المنطقي للاقتراح اللبناني. وكتب وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي هذا الأسبوع: “على النرويج واجب التحدث عن حقيقة أن العمليات العسكرية ضد غزة قد ذهبت إلى أبعد من اللازم”. وبعيداً عن بعض الدعوات الشاملة لما يجب على إسرائيل وحماس والمجتمع الدولي أن يفعلوه، لم يقدم إيدي خريطة طريق محددة لكيفية تحقيق ذلك ولم يذكر خطة لبنان، وهو في الحقيقة الموقف الذي يتشاركه زعماء كافة دول الشمال. وبالمثل، ستكون كندا الداعم المثالي لهذا الاقتراح، خاصة وأن رئيس الوزراء جاستين ترودو لم يدعم، حتى الآن، سوى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية. والأمر عينه ينطبق على أستراليا”.
وبحسب المجلة، “قد يجد ميقاتي مؤيدين لخطته خارج الحدود الطبيعية للسلطة السياسية، ولكن يبدو من المؤكد أنه سيحتاج إلى دولة واحدة على الأقل من مجموعة الدول السبع لتنفيذ خطته. هناك حدود لاقتراح لبنان، فهو يقدم القليل من الوضوح بشأن ما قد يحدث لحماس ومقاتليها مع تنفيذ وقف إطلاق النار. وكانت إسرائيل ثابتة على ضرورة تدمير الجماعة المسلحة بالكامل بعد المذبحة التي ارتكبتها ضد المدنيين في 7 تشرين الأول، لكن المسؤول السابق في السلطة الفلسطينية محمد دحلان حذر من أن الحكم من دون حماس أمر مستحيل. كما ولم يقدم ميقاتي تفاصيل حول كيفية ضمان صمود وقف إطلاق النار، نظرا لأن لحماس سجلا طويلا في خرق مثل هذه الاتفاقات”.
وختمت المجلة، “حتى لو كانت خطة السلام اللبنانية غير كاملة، فليس أمام العالم حالياً خيار أفضل. إذاً، يتعين على القوى المتوسطة في العالم أن تساعد ميقاتي في تحقيق خطة السلام”.