3 تجارب “قاسية” في غزة.. التفاصيل تُدمي القلوب!
في غزة لم يعد أي شيء كالمعتاد، الطرقات تغير شكلها والمنازل سويت بالأرض، حتى المستشفيات تحولت إلى ملاجئ والمدارس إلى بيوت مؤقتة مكتظة بالآلاف من النازحين.
بشكل منعزل تخوض كل أسرة في القطاع تجارب غير معتادة، تبدو وكأنها مقتطعة من أكثر الأفلام دراماتيكية، لكنها واقعية تماما ومدفوعة بأهوال الحرب المستمرة منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وخلفت في قطاع غزة ما يزيد عن 10 آلاف و 300 شهيد، مقابل 1400 قتيل إسرائيلي بسبب هجوم “حماس” الذي حمل شعار “طوفان الأقصى”.
وتقدّم السطور التالية بعضاً من تلك التجارب التي تتعلق بالفقد والوفاة جراء القصف، وبعضها يتعلق بتفرق السبل أملاً في النجاة. فعلياً، فإن الوقائع المذكورة هي بعض من التجارب المروعة التي حصلت في قطاع غزة.
الطبيب محمد: لن أغادر
بعد مرور أكثر من شهر على الحرب الدامية في قطاع غزة، خاض الطبيب محمد أبو ناموس تجربة قاسية عند معبر رفح الذي يُفضي للأراضي المصرية.
هناك احتضن أبو ناموس ابنته ربما للمرة الأخيرة، بينما تستعد مع أفراد الأسر لمغادرة قطاع غزة نظراً لحملها جواز سفر أجنبي، بينما قرر الأب البقاء للمساعدة في رعاية آلاف الجرحى جراء القصف الإسرائيلي المستمر.
وقال الأب لوكالة رويترز بينما يجلس إلى جوار زوجته وابنته في منطقة الانتظار بالمعبر: “لا يوجد سبيل آخر للخروج من هذا الوضع. لا أمان هنا. قطاع غزة بأكمله غير آمن. ولهذا السبب من الأفضل أن أخرجهم حتى أتمكن من التركيز على عملي في علاج المرضى”.
وأضاف: “قطعا سأخرجهم، لكني سأبقى في قطاع غزة ولن أغادره”.
حتى الآن يظل معبر رفح هو السبيل الوحيد للخروج من القطاع المحاصر والذي لا تسيطر عليه إسرائيل، ويغادر المئات من سكان غزة الذين يحملون جوازات سفر أجنبية عن طريق المعبر.
قبل الانتقال إلى مصر نقل أبو ناموس أسرته من مخيم جباليا في شمال غزة مع بدء الغارات الإسرائيلية إلى منطقة الزهراء السكنية ثم إلى مخيم النصيرات في وسط غزة، لكن إيجاد مكان آمن للأسرة كان أمرا بعيد المنال.
بدورها، قالت دينا، ابنة أبو ناموس، إن مشاعر متباينة تعصف بها كلما تذكرت أنها قد تغادر القطاع وشرحت الأمر قائلة: “سنذهب إلى هناك، حيث توجد الكهرباء والمياه والإنترنت وكل شيء… لكنني في الوقت نفسه حزينة لأن أبي سيبقى هنا”.
الطبيب إياد: خسرت كل العائلة
بعيداً عن المعبر وآمال النجاة، فقد الطبيب الصيدلي الفلسطيني، إياد شقورة وعيه في غرفة الطوارئ بالمستشفى حيث يعمل.
الإصابات المتكررة والدماء لم تكن السبب، لكن الطبيب وجد بين الجثامين التي وصلت المستشفى حديثا كلا من والدته وأطفاله وبعض من أقاربه، بعد أن طال القصف منزلهم في خانيونس جنوب قطاع غزة.
بعد عدة ساعات ودع الأب والطبيب أطفاله ووالدته على طاولة المشرحة في قسم الطوارئ، حيث سبقهم المئات من الشهداء، لكن الأب بدأ في تعداد أسماء أفراد أسرته الذين رحلوا خلال الغارة فقال: “في هذه الضربة، فقدت والدتي زينب أبو دية، وفقدت أخوي محمود وحسين شقورة، وأختي إسراء شقورة مع ابنيها حسين ونبيل شقورة.. وفقدت ابني، فلذة كبدي عبد الرحمن.. وعمر”.
وأضاف الأب بينما يضع جبهته على جبهة طفله عبد الرحمن الملطخة بالدماء: “لدي خمسة أطفال، ولكنه كان المفضل بالنسبة لي”.
وتساءل شقورة: “ما الذنب الذي اقترفوه حتى تصب على رؤوسهم أطنان من القنابل وأطنان من المتفجرات؟ الحمد لله. هم ليسوا أحسن حالا من أطفال سبقوهم إلى عند الله..سأدفن أطفالي الآن وسأواصل عملي”.
المصور محمد عالول: أولادي كان عندهم أحلام
المآسي لا تطول الأطباء فقط، فالمصور محمد عالول كان من المفترض أن يوثق مجريات القتال دون أن يصبح جزءا منها أيضا، إلا أن القصف طال منزل عائلته في أحد المخيمات، ليحصد الموت أرواح 4 من أبنائه، و 4 من أشقائه بالإضافة إلى مجموعة من الأصدقاء.
ويقول الأب عن أحد أبنائه بينما يغالب الدموع: “ولادي كان عندهم أحلام.. كنان إبني كان عنده كتير أحلام، كان لعيب كورة، كان نفسه يكون مصور”. (بلينكس – blinx)