بعد انتهاء الحرب بين حماس وإسرائيل.. الـ”The Guardian”: صراع جديد في الأفق
مع استمرار الحرب بين حماس وإسرائيل، صراع آخر بدأ يحتدم، حيث يتم رسم خطوط المعركة في مكان مختلف تمامًا، وتتخذ التحالفات والعداوات أشكالًا غير متوقعة. وسيبدأ هذا الأمر بالظهور بوضوح عندما ينحسر العنف بين الطرفين.
وبحسب صحيفة “The Guardian” البريطانية، “في الوقت الحالي، يبدو أن هذه اللحظة التي يشير إليها الدبلوماسيون وغيرهم بمصطلح “اليوم التالي لنهاية الحرب”، بعيدة المنال، على الرغم من أن زيارة وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل يوم الجمعة تشير إلى أن واشنطن تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، وهو دليل على أنه حتى بعض أقوى حلفاء إسرائيل يشعرون بالقلق من الخسائر المتزايدة في الأرواح في غزة. ويحض بلينكن إسرائيل على بذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين، في حين يطالب آخرون بوقف إطلاق النار، أو على الأقل بشكل مؤقت. في الوقت عينه، يتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لضغوط. ولكن الأسبوع الماضي، وفي الوقت الذي كان يسعى فيه لعرض قضية إسرائيل، تلقى مساعدة من جهة غير متوقعة”.
وتابعت الصحيفة، “صرح غازي حمد، أحد كبار مسؤولي حماس، في حديث لإحدى القنوات اللبنانية بأن منظمته عازمة على تكرار مذبحة 7 تشرين الأول، عندما قتل رجال حماس حوالى 1400 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين. ووعد حمد بأن السابع من تشرين الأول هو “المرة الأولى فقط، ولكن ستكون هناك مرة ثانية وثالثة ورابعة”. وعندما سئل عما إذا كانت حماس عازمة على إبادة إسرائيل، أجاب: “نعم بالطبع”. لقد كانت الإجابة التي كانت إسرائيل تأمل في سماعها وذلك في سعيها لتفسير سبب عدم قدرتها على إلقاء سلاحها حتى تصبح حماس غير قادرة على القيام مرة أخرى بما فعلته قبل أربعة أسابيع، بحجة أنه ينبغي منح إسرائيل نفس القدر من الفسحة التي منحتها الولايات المتحدة لنفسها عندما شرعت في تدمير داعش”.
وأضافت الصحيفة، “كانت النتيجة هجمة إسرائيلية أودت بحياة نحو 9000 من سكان غزة، ودمرت عائلات بأكملها بضربة واحدة. وعندما سُئل أحد مسؤولي حماس في مقابلة تلفزيونية عما إذا كانت شبكة الأنفاق تحت الأرض التابعة للمنظمة، والتي يبلغ طولها أكثر من 300 ميل، غير مجهزة ربما لإيواء المدنيين، أجاب قائلاً: “لا، لا، الأنفاق لنا. المواطنون في قطاع غزة هم تحت مسؤولية الأمم المتحدة”. ربما شعر رجال حماس أنه من الأفضل لهم العودة إلى نتنياهو. فقد قام الأخير بأكثر من خطوة جيدة، حيث قال في اجتماع لحزبه الليكود عام 2019: “كل من يريد إحباط إقامة دولة فلسطينية عليه أن يدعم تعزيز حماس ونقل الأموال إلى حماس … وهذا جزء من استراتيجيتنا”.”
وبحسب الصحيفة، “كل هذا يعود إلى الديناميكية السامة التي غالباً ما يتم التغاضي عنها والتي كانت حاضرة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لعقود من الزمن، والتي سوف تكون ذات أهمية مرة أخرى عندما ينتهي الفصل الحالي. حينها، سنرى أن الصراع الأكثر أهمية هو معركة المتشددين ضد المعتدلين، أو بتعبير أكثر دقة، “المتطرفون ضد الانفصاليين”: أولئك الذين يصرون على امتلاك الأرض بأكملها لأنفسهم ضد أولئك الذين هم على استعداد لتقاسمها”.
وتابعت الصحيفة، “في الوقت الحاضر، يبدو أنه لا توجد خطة إسرائيلية أبعد من الهدف المباشر المتمثل في تدمير حماس كقوة عسكرية، والذي من شأنه أن يدمر الحركة كقوة حاكمة أيضاً، ولن يترك غزة في حالة خراب وركام فحسب، بل وسيخلق فراغاً أيضاً. وهناك حديث عن إنشاء “وصاية جديدة”، تتدخل فيها دول أخرى لخلق النظام قبل إنشاء ترتيب جديد: ويستشهد المؤيدون بكوسوفو وتيمور الشرقية كأمثلة على ذلك. من الواضح أن القوى الموكلة بهذه المهمة لا يمكن أن تكون غربية، بل ربما تحالف من الدول العربية بأموال خليجية. والمؤكد أن هذه الدول سترفض القيام بهذه الخطوة إلا إذا كانت لفترة زمنية محددة. وفي شهادته أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، ألمح بلينكن بشدة إلى أنه مع انتهاء حماس، فإن الهيئة المناسبة لهذه المهمة ستكون السلطة الفلسطينية الموجودة حاليًا في الضفة الغربية والتي تهيمن عليها حركة فتح، منافسة حماس. ومن غير الممكن أن توافق السلطة على مثل هذه الخطة إلا إذا كانت تشكل انتقالاً إلى دولة فلسطينية حقيقية، إلا أنه ذلك يتطلب تحولاً استراتيجياً جذرياً من جانب إسرائيل، بدءاً بتغيير الحكومة ورئيس الوزراء”.
ورأت الصحيفة أن “خطوة تغيير الحكومة ورئيسها أصبحت مقبولة على نحو متزايد، خاصو بعد أن أثار نتنياهو اشمئزازاً واسع النطاق في إسرائيل برفضه حضور ولو جنازة واحدة لقتلى 7 تشرين الأول أو تحمل مسؤولية الإخفاقات الأمنية في ذلك اليوم. لكن إقالة نتنياهو هي الخطوة الأسهل، فلكي تسعى إسرائيل إلى تحقيق حل الدولتين، الذي أمضى نتنياهو ما يقرب من ثلاثة عقود من الزمن يعمل على جعله مستحيلاً، فإن ذلك يتطلب إنهاء المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية والتنازل عن الأراضي”.
وبحسب الصحيفة، “لدى إسرائيل رجال متطرفون ويسعون إلى إشعال الوضع أكثر فأكثر، والعديد منهم جزء من حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، أمثال بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وهم مصممون على ما يبدو على تعميق العنف الحالي من خلال ضمان انتشاره إلى الضفة الغربية وداخل إسرائيل نفسها. هذه إذن هي المعركة المقبلة، أما الحل الوحيد على المدى الطويل فهو حل الدولتين. والحل الوحيد على المدى القصير لغزة هو خطة تعد بإقامة دولة فلسطينية، إلا أنه سيبقى هناك العديد من الرجال الذين سيسعون إلى عرقلة هذا الامر”.