معركة غزّة طويلة “لتحقيق الاهداف” وواشنطن لا تريد وقف اطلاق النار
من الواضح أن المعركة بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية لا تزال طويلة، فالأهداف المعلنة اسرائيلياً لا يمكن تحقيقها خلال أيام، وهذا ما يجعل المعركة البرية التي تخاض اليوم مجرد مقدمة لما هو آت، خصوصا وان التطورات التي قد تحصل في المنطقة ستعقد المشهد بشكل لن يعود أحد قادرا على توقع النتائج النهائية للحرب، وعليه فإن الحسابات الحالية قد لا تنطبق على الآتي من الأيام.
وضعت تل ابيب وواشنطن اهدافاً كبرى للعملية العسكرية التي دخلت شهرها الثاني في غزة، وهي اولا القضاء على حماس واخراجها عسكريا وسياسيا من القطاع وثانيا اغتيال يحيى السنوار مسؤول الحركة في القطاع وثالثا السيطرة ميدانيا على اجزاء حيوية من القطاع، وكل هذه الاهداف لا يمكن تحقيقها بسرعة بل تحتاج إلى اسابيع كحد أدنى وربما أشهر.
المشكلة الحقيقية هي ان الحكومة الاسرائيلية تشعر أنها تمتلك الوقت لتحقيق الاهداف المرسومة، بل ترى ان الوقت كفيل بأن يرهق حركة حماس وبيئتها الحاضنة ويجعل العملية البرية الواسعة أكثر سهولة واقل تكلفة، اذ ان الضغط الشعبي سينفجر في وجه الحركة في ظل الحصار الكبير الذي يعاني منه سكان القطاع، وعليه فإن العمل البطيء ليس مضراً او الأصح ليس كارثيا.
في المقابل لا تبدو واشنطن مستعدة لتمرير الوقت حاليا، فإذا كان الضغط الشعبي غير مؤثر بالنسبة لاسرائيل، فإن تحرك الرأي العام العالمي بات ضاغطاً على واشنطن في ظل التظاهرات التي يتم تنظيمها اسبوعيا في غالبية الدول الغربية وفي الولايات المتحدة تحديدا، وهذا ما سيؤثر حتما على نتائج الانتخابات الاميركية المرتقبة والتي تحكم قرارات الادارة الديمقراطية بشكل شبه كامل.
من هنا لا بد من مراقبة التطورات الميدانية التي ستحصل خلال الايام المقبلة قبل خطاب الامين العام لـ”حزب الله” المقبل في 11 تشرين الثاني بمناسبة يوم شهيد الحزب، خصوصا بعد عملية استهداف المدنيين التي حصلت امس، على اعتبار ان الخطوط الحمراء التي رسمها نصرالله بشكل واضح في خطابه سيتم تدعيمها بمعادلة ميدانية صلبة بدأت بالظهور عند الجبهة اللبنانية عبر تكثيف الضربات ضد الجيش الاسرائيلي ورفع مستواها واستعمال اسلحة وصواريخ جديدة وذلك للضغط على الاميركيين والاسرائيليين.
بالرغم من مؤشرات عدم التصعيد الكامل التي ارسلها نصرالله في خطابه الاخير لكن التطورات لا يمكن توقعها في ظل تورط تل ابيب في عملية برية لا يمكن الخروج منها بإنتصار واضح ولا يمكن ايضا الحفاظ من خلالها على المكتسبات التي يتم تحقيقها، وعليه فإن تظهير الانتصار بات امراً اكثر تعقيدا ان لم يكن مستحيلاً. في المقابل تم اعطاء فصائل المقاومة فرصة لإيلام الجيش الاسرائيلي بريا وهذا ما سيجعلهم أكثر قدرة على التفاوض في الايام المقبلة.