غرامات وحلول نظرية.. هل تنجح أوروبا في مواجهة أزمة الهجرة؟
تحت عنوان: “غرامات وحلول نظرية.. هل تنجح أوروبا في مواجهة أزمة الهجرة؟”، جاء في موقع “الجزيرة”:
بعد إجراء سلسلة من المحادثات الدبلوماسية والاتصالات الهاتفية بين رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني والمستشار الألماني أولاف شولتز، توصل سفراء دول الاتحاد الأوروبي مساء الأربعاء الماضي إلى اتفاق بشأن قضية إصلاح سياسة الهجرة.
واتفقت الدول الأعضاء في الاتحاد على تنسيق استجابة مشتركة في حال تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين إلى إحدى دول الاتحاد بتفعيل آلية تضامن إلزامية، والتي تتضمن توزيع اللاجئين داخل الاتحاد الأوروبي وتقاسم عادل للمسؤوليات بين الدول الـ27.
ومن الإجراءات أيضا فرض غرامة مالية قدرها 20 ألف يورو عن كل مهاجر على الدول الأعضاء التي ترفض قبول دخول المهاجرين الجدد أراضيها.
موضوع الخلاف
وكان الخلاف الأبرز بين روما وبرلين يدور بشأن عمل المنظمات غير الحكومية التي تعتني بإنقاذ المهاجرين في أعالي البحار.
وفي الوقت الذي ينظر فيه الائتلاف اليميني الحاكم في إيطاليا إلى هذه المنظمات بعين الريبة ويتهمها بتشجيع عمليات تدفق المهاجرين على سواحل جزيرة لامبيدوزا ويؤكد ضرورة إدراجها في قائمة الأطراف المسؤولة عن استغلال تدفقات الهجرة لزعزعة الاستقرار في بلاده يبدي الائتلاف الحاكم الكبير في ألمانيا استعداده لتقديم دعم مالي سخي لهذه المنظمات نظرا لأنشطتها الإنسانية.
وأفاد ماتيو فيلا كبير زملاء الأبحاث لدى معهد الدراسات السياسة الدولية -في حوار خاص مع الجزيرة نت- بأن 8% فقط من الذين يصلون إلى إيطاليا يحصلون على مساعدة في البحر حسب الأبحاث التي أجريت، مفسرا الرقم بكون دور المنظمات غير الحكومية هامشي.
وأوضح فيلا أن السبب الحقيقي وراء الجدل الذي أثير في أوروبا هو حاجة الائتلاف الحاكم في ألمانيا للتوصل إلى اتفاق بشأن المهاجرين، ليثبت لناخبيه مدى اهتمامه بهذه القضية، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات في مقاطعتي هيسن وبافاريا بالتزامن مع ارتفاع أسهم “حزب البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة.
بدورها، أرادت إيطاليا أن تظهر أنها ليست وحدها في أوروبا ويمكنها الحصول على شيء من ألمانيا، وهكذا التقت المصالح وتوصل الطرفان إلى حل وسط، وفق تحليل المتحدث ذاته.
تباين في الآراء
وغم احتفاء الحكومتين الإيطالية والألمانية بالاتفاق الجديد الذي سيتعين التفاوض على تفاصيله مع أعضاء البرلمان الأوروبي قبيل موعد الانتخابات الأوروبية العام المقبل فإنه يلاحظ أن هناك تباينا في آراء الخبراء الإيطاليين بشأن أهمية الاتفاق الجديد بالنسبة لبلادهم.
وفي هذا السياق، رأى ليلو ستيليتي مسؤول مكتب شؤون أوروبا لدى وكالة الأنباء الإيطالية نوفا -في حوار خاص مع الجزيرة نت- أن الاتفاق بالتأكيد مرضٍ لإيطاليا في أعقاب موافقة برلين على النص الجديد الذي يعتبر عمليات الإنقاذ -التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية- عمليات مساعدة إنسانية في غياب نية زعزعة الاستقرار في الاتحاد الأوروبي أو بدولة عضوة فيه.
في حين أوضح ماتيو فيلا للجزيرة نت أن الاتفاق بالنسبة لإيطاليا يعد خطوة إلى الوراء -ولا سيما أنه يمنح بقية الدول الأعضاء خيار دفع مبالغ مالية كبديل لإعادة توطين اللاجئين على أراضيها، ويفرض على إيطاليا في الوقت ذاته العديد من القيود، ليس فقط للاحتفاظ بالمهاجرين الذين يتدفقون على سواحلها، بل أيضا لاستعادة الأشخاص الذين انتقلوا إلى بلدان أخرى مثل فرنسا وألمانيا، وفقا لمبادئ اتفاقية دبلن التي تفرض مسؤولية البت في طلبات اللجوء على الدولة الأولى التي يصل إليها طالبو اللجوء.
قضايا عالقة
ولا تزال هناك قضايا أخرى لم تحسم تفاصيلها بعد بالنسبة للعديد من الخبراء، ومنها تلك المتعلقة بضرورة وقف الرحلات التي تنطلق من السواحل الجنوبية للبحر المتوسط باتجاه جزيرة لامبيدوزا، خاصة بعد تعثر الاتفاق مع تونس مؤخرا.
وفي هذا السياق، يعتقد كبير زملاء الأبحاث لدى معهد الدراسات السياسة الدولية ماتيو فيلا -في حديثه للجزيرة نت- أن الاتفاق لا يفعل شيئا لوقف مغادرة المهاجرين من السواحل التونسية والليبية، ولا توجد إمكانية لمطالبة الدول باستعادة مواطنيها نظرا للوضع السياسي في الدول المعنية.
وأوصى فيلا بتقديم المزيد من البدائل لوصول المهاجرين إلى أوروبا بشكل قانوني.
آلية توزيع اللاجئين ورفضها من قبل المجر وبولندا
امتنعت النمسا وسلوفاكيا والتشيك مساء الأربعاء الماضي عن التصويت لصالح نص الاتفاق الجديد، كما صوتت بولندا والمجر ضده.
والسؤال المطروح الآن: هو كيف سينجح الاتحاد الأوروبي في إجبار كافة الدول الأعضاء على التكيف مع القوانين الجديدة؟
وبهذا الشأن، توقع الصحفي ليلو ستيليتي في حديثه مع الجزيرة نت نجاح الإجراءات المطروحة إذا لم يتم العثور على ثغرات فيها.
واستطرد ستيليتي “من المؤسف أن قوانين الاتحاد الأوروبي غالبا ما تترك بعض الثغرات، ويكفي الإشارة هنا إلى بلدان مجموعة فيشغراد التي لطالما أدارت ظهرها لعمليات إعادة توطين اللاجئين على أراضيها”.
وخلص ستيليتي إلى كون تقليص المساعدات الأوروبية -كما شوهد في الأشهر الماضية- تجاه بعض الدول الأعضاء أجبر بولندا والمجر على التكيف والبدء -ولو ببطء- في عمليات إصلاح مهمة. (الجزيرة)