حظر العباءة في المدارس.. الحكومة الفرنسية تتمسك بالعلمانية والمنظمات الإسلامية تتحرك قضائيا
ذكر موقع “الجزيرة”، أنّه يبدو أن تركيز بعض الأسر في فرنسا لم يكن مقتصرا هذا العام على شراء اللوازم المدرسية واختيار الأنسب سعرا فقط، حيث حمّلهم قرار وزير التربية غابريال أتال بحظر ارتداء العباءة مزيدا من الأعباء قبل أيام من العودة للمدارس.
وأثار القرار معارضة الجمعيات الإسلامية التي تقدمت بشكوى ضد حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، بعد قرار حظر العباءة في المدارس، بدعوى انتهاكها للحريات الأساسية.
وتوافد التلاميذ على مدرسة “إميل ماتيس” الثانوية بمنطقة “شيلتيغايم” بضواحي مدينة ستراسبورغ، حيث وقفت في استقبالهم إحدى الموظفات.
وقالت إحدى الطالبات “قررت ارتداء فستان فضفاض وطويل كبديل للعباءة تجنبا لأية تعليقات من الأساتذة وللتمكن من الدخول إلى الصف في أول يوم دراسي”.
وأضافت “شاهدت بعض مقاطع الفيديو على تيك توك لأخذ فكرة عما يحدث وقررت أنا وصديقاتي ارتداء هذا النوع من الملابس المحتشمة رغم رفضنا قرار الوزارة. ونعلم أنه في حال عدم الامتثال لذلك، سنُحرم من الدخول إلى الفصول”.
أما موظفة باب المدرسة، فأوضحت أنها تراقب ملابس الطالبات “للتأكد من عدم ارتدائهن هذا الزي تطبيقا لقرار وزارة التربية” رافضة التعليق.
وشدد الرئيس الفرنسي خلال لقاء مع الصحفي هيغو ترافيرس على أن “المدرسة علمانية من رياض الأطفال إلى البكالوريا، ولا مكان فيها للرموز الدينية”.
وقد أيد عدد من السياسيين الفرنسيين وخاصة اليمين المتطرف هذا القرار الجدلي، حيث كتب النائب جوليان أودول عبر منصة إكس “أخيرا وبعد سنوات من الجُبن، قبلت الحكومة مقترح الجبهة الوطنية بحظر العباءة”.
في المقابل، أثار منع العباءة الذي يأتي استمرارا لقانون 2004 الذي يحظر ارتداء الملابس أو العلامات التي “تظهر ظاهريا الانتماء الديني” جدلا بالأحزاب اليسارية، ووعدت حركة “فرنسا الأبية” بالطعن في القرار أمام مجلس الدولة.
وعلى أثر الجدل حول القرار، يدرس مجلس الدولة الفرنسي، الطلب الذي قدمته جمعية حقوق المسلمين “إيه دي إم” أمام المحكمة بشكل عاجل للنظر في مسألة منع العباءة بالمدارس.
وأكدت مؤسِّسة الجمعية ومديرتها سهام زين في طلبها القضائي أن “قرار الوزارة يتجاهل الدستور والقانون الذي يعتبر عاما ولا يفرض تحديد الطبيعة الدينية الظاهرية لارتداء هذه الملابس”.
كما اعتبرت الجمعية أن هذا القرار “ينتهك حقوق الطفل ويستهدف العرب والأفارقة والمسلمين، مما يصنع خطر التنميط العرقي والديني في المدرسة وإدامة عدم المساواة واستبعاد الأقليات والتمييز ضدها”.
وقالت مديرة الجمعية إن منع الطالبات بالمؤسسات العامة من ارتداء هذا اللباس يعني منعهن من التعبير عن ارتباطهن بثقافة أو بمنطقة جغرافية معينة، منتقدة إصرار الحكومة ووسائل الإعلام على كتابة “العباءة” بالحروف الفرنسية “Abaya” عوض استخدام ترجمتها التي معناها “فستان”.
وشدد نص الطلب على أن “الوزير ينتهك بشكل خطير حقوق عدم التمييز على أساس اللون أو الأصل عبر منع ارتداء الزي العربي أو الأفريقي ومطالبة الموظفين في المدارس بتحديد سبب ارتداء الطلاب لهذه الملابس”.
بدوره، أكد المجلس الفرنسي للعبادة الإسلامية “سي إف سي إم” أن العباءة رمز ثقافي وليس دينيا. وقال طارق أوبرو إمام مسجد بوردو لموقع “فرانس إنفو” “نحن نركض خلف شبح يرتدي الملابس” معتبرا أن ذلك “لا يعالج جذور المشكلة وأن الشريعة الإسلامية لا تنص على علامات أو لباس دينيين”. (الجزيرة)