ما سر الصداقة بين موسكو وإفريقيا؟
كتب موقع “العربية”: تسلّط استضافة جنوب إفريقيا قمة بريكس، اليوم الثلاثاء، الضوء على العلاقات بين بريتوريا والكرملين، التي تتسم بالدفء فيما يعتبرها البعض أمراً محيّراً.
ويعود تاريخ العلاقة بين موسكو وحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا إلى فترة الحرب الباردة، عندما دعم الاتحاد السوفيتي نضال المؤتمر الوطني الإفريقي ضد نظام الفصل العنصري.
لكن هذه العلاقات لا تزال قوية للغاية حتى اليوم، رغم التحولات التاريخية والأيديولوجية التي كان من المفترض -منطقيا – أن تؤدي إلى التباعد.
إذ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991، برزت بذور القومية في روسيا التي يقودها اليوم فلاديمير بوتين.
أما الانتصار على نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا فأدّى إلى قيام نظام ديمقراطية ودستور هو الأكثر ليبرالية في القارة.
صداقة بنيت على الدم
لكن المحللين الذين يسعون إلى فهم العلاقة بين الطرفين، يعتبرون أنّ الروابط التاريخية والشخصية تتجاوز الشقوق الأيديولوجية بينهما، مشيرين أيضاً إلى احتمال وجود احتياجات لديهما قد تكون أقل وضوحا.
وفي السياق، قال المحلل السياسي سانديل سوانا “يمكنك القول إن تحالفهما صداقة بنيت على الدم … والرصاص”.
في حين رأى المحلل ستيفن جروز من معهد جنوب إفريقيا للشؤون الدولية أنّه من الناحية السياسية ما يجمعهما “شراكة غريبة”، وفق ما نقلت فرانس برس.
غير منطقي
أما من الناحية الاقتصادية، فيبدو أن وقوف بريتوريا إلى جانب موسكو في هذا الوضع أمر غير منطقي، بحسب متخصصين.
لاسيما أن الولايات المتحدة تأتي في المركز الثاني كأكبر شريك تجاري لجنوب إفريقيا بعد الصين. وبلغت صادراتها 4,2 مليار دولار في النصف الأول من عام 2023.
بالمقابل، تعتبر التجارة مع روسيا “منخفضة للغاية”، بحسب وصف مبعوث جنوب إفريقيا إلى موسكو، حيث بلغت قيمة الصادرات 132 مليون دولار فقط من كانون الثاني إلى حزيران.
وإثر اتهامات حول قيام بريتوريا بتزويد الكرملين سرا بالأسلحة دعا مشرعون أميركيون الإدارة لإخراج جنوب إفريقيا من اتفاق تجاري كبير، ما أثار قلقا لدى بعض الشركات وأحزاب المعارضة في الدولة الإفريقية.
مصلحة استراتيجية
لكن بوتين ينظر إلى جنوب إفريقيا في إطار مصلحة استراتيجية نظراً إلى وضعها في القارة التي أصبحت بشكل متزايد ساحة للمعارك الدبلوماسية بين القوى الكبرى، بحسب محلّلين.
فيما هناك إجماع أقل حول سبب اهتمام الحزب الوطني الإفريقي بالإبقاء على علاقة وثيقة للغاية مع بوتين.
إذ يواجه حزب “المؤتمر الوطني الإفريقي” الحاكم منذ ثلاثة عقود تقريباً نفورًا متناميًا يغذيه تعثّر الاقتصاد وتزايد البطالة وتفاقم عدم المساواة واستفحال أزمة الكهرباء.
وفي انتخابات العام 2024، سيصوّت المقترعون لانتخاب أعضاء الجمعية العامّة حيث يختار حزب الأغلبية بالعادة رئيس البلاد.
وكتب الصحافي ريتشارد بوبلاك في صحيفة ديلي مافريك الشهر الماضي “من الواضح أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي يرى شيئا آخر في روسيا بوتين – أمرا ملهما”.
لذا اعتبر المحلل السياسي ويليام جوميدي أنّ الوقت حان لتدرك بريتوريا أنّ هذا الاتحاد لم يعد يخدمها.
كما أضاف أن هذه العلاقة تقوم على “رابطة عاطفية لا نستطيع تحمل تكلفتها بعد الآن”.