صحة, منوعات

المختلون نفسيًا يميلون إلى الأزرق… ودراسات تربطه بالقلق والاكتئاب

5 تشرين الثانى, 2025

تكشف دراسات علمية متراكمة عن صلة بين تفضيل لونٍ بعينه وبعض الاضطرابات النفسية، من بينها الاعتلال النفسي والاكتئاب. ففي دراسة حديثة، برز انجذاب لافت لدى المصابين بالاعتلال النفسي نحو اللون الأزرق، وكأنهم يبحثون عن «مهدّئ نفسي» يوازن اضطراباتهم الداخلية.

وتعود ملاحظات مبكرة لهذه الظاهرة إلى عام 1961، حين نشرت مجلة American Journal of Psychology نتائج تفيد بأن أكثر من 40% من المرضى النفسيين اختاروا الأزرق لونًا مفضلًا. وعلى امتداد العقود التالية، دعّمت أبحاث إضافية تلك الإشارات؛ إذ بيّنت دراسة صينية عام 2017 أن مرضى الاكتئاب يميلون تلقائيًا إلى الألوان الباردة كاللونين الأزرق والبنفسجي، ولا يستعيدون تفضيل الألوان الدافئة مثل الأصفر إلا مع تحسّن حالتهم عبر العلاج.

وفي 2019، طرح عالم النفس مارك نيميروف (جامعة جورج واشنطن) تفسيرًا مزدوجًا لهذا الميل: فبحسب «Psychology Today» يمتاز الأزرق بتأثير مُهدِّئ يخفض معدّل ضربات القلب ويخفّف التوتر، ما يجعله اللون الأكثر شعبية عالميًا؛ لكنه في الوقت نفسه قد يرمز إلى الحزن والوحدة، خاصة لدى غير المستقرين نفسيًا. ويرى باحثون أن من يعانون القلق أو الاكتئاب أو الحاجة الشديدة للسيطرة ينجذبون بقوة إلى الأزرق، وكأنهم يستخدمونه كـ«مهدّئ طبيعي» لمواجهة توترهم الداخلي.

يشرح نيميروف هذه الثنائية بالقول إن الأزرق يجسّد تناقضات المشهد العاطفي البشري: يرمز للبهجة في صفاء السماء، ويستدعي الكآبة في موسيقى البلوز؛ إذ يستطيع احتواء مشاعر متضادة في آنٍ واحد.

ومع انتشار النقاشات على منصات التواصل الاجتماعي، تعاظم الاهتمام بدلالات الألوان المفضلة. وتشير أبحاث حديثة إلى أن المصابين بالاعتلال النفسي—رغم الصورة النمطية عن «برودهم العاطفي»—قد يفضّلون الأزرق بسبب توتر داخلي خفي؛ إذ تُظهر معطيات فريق دولي أنهم يحملون استعدادًا عصبيًا للقلق والاندفاع. وتصف الأدبيات كثيرين منهم بسمات «الثالوث المظلم» للشخصية: الاعتلال النفسي (برود واندفاع)، والمكيافيلية (دهاء وتلاعب)، والنرجسية (انشغال بالذات).

ورغم شيوع صورة «الآليين بلا مشاعر»، كشفت دراسة في شباط 2025 عن معاناة هؤلاء من العزلة والاكتئاب؛ إذ ارتبطت درجات أعلى من الاعتلال النفسي والمكيافيلية مباشرة بأعراض الاكتئاب، بينما لم تُظهِر النرجسية الارتباط ذاته. وتوحي هذه النتائج بأن تفضيل الأزرق قد يكون نافذة على عالمهم العاطفي المضطرب، وأن وراء المظهر البارد معاناةً نفسية حقيقية.

شارك الخبر: