قلب التاريخ في وادٍ مقدس: كم نحن مباركون!

مع انتهاء الاقامة الصيفية للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في المقر الصيفي في الديمان وعودته الى بكركي، لا بد من التوقف عند حدث مهمّ طبع صيف 2025 من الناحيتين الدينية والثقافية: إطلاق فعاليات “حديقة البطاركة” في الديمان. وتُعد هذه المبادرة مهمة بالنسبة لأحد الأكثر الأماكن قدسية وسحراً في لبنان: الوادي المقدّس، ضمن جهود مستمرة لإحياء التراث الروحي والثقافي في وادي قاديشا، المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو.
فوسط سلسلة من الأنشطة التي تهدف إلى تعزيز الوعي بالتراث اللبناني، تمّ في 22 تموز تدشين منحوتات تمثل “بطريرك الحياة في قنوبين”، “بطار
كة إهدن الستة”، وتمثال “سيدة لورد” ، وذلك تكريمًا لشخصيات بارزة في تاريخ الوادي المقدس. كما تم افتتاح درب سيدة لورد، المجهز لاستراحات الصلاة والتأمل، مما يتيح للزوار تجربة روحية مميزة.
وفي 9 أيلول، تم تدشين مركز الاستقبال العصري “بوابة قنوبين”، الذي يوفر معلومات شاملة عن معالم الوادي المقدس، بما في ذلك خرائط دروب المشاة، المعالم الدينية والطبيعية، وأسماء الأدلاء السياحيين، مع الإشارة إلى أن المركز يهدف إلى تسهيل تجربة الزوار وتوفير بيئة تعليمية تفاعلية.
لم تقتصر الفعاليات على الأنشطة الثقافية، بل شملت أيضًا برامج خدمية واجتماعية. من بين هذه الأنشطة، خدمة المسنين في “بيت داود” الذي يُخصص لهذه الخدمة في موقع الحديقة، بالإضافة إلى سلسلة زيارات حج ديني لمؤسسات مهتمة، وحفلات فنية في التراث الشعبي اللبناني من الزجل والموسيقى والغناء والرسم.
تُعد فعاليات “حديقة البطاركة” في الديمان نموذجًا حيًا للجهود المبذولة لإحياء التراث اللبناني والحفاظ عليه، خاصة وأن الدراسات الأثرية أظهرت أن الوادي المقدس كان مركزًا للحياة الروحية والاجتماعية والسياسية لمجتمعات قديمة، حيث احتضن معابد ومقامات دينية استخدمها السكان لممارسة طقوسهم التقليدية.
كما أن تصميمه العمراني يعكس فهمًا متقدمًا للبيئة، إذ تم بناء المنازل والمعابد بطريقة تتناغم مع التضاريس الجبلية والأنهار المتدفقة، مما ساهم في حماية المنشآت من عوامل التعرية الطبيعية عبر العصور. هذه العلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة جعلت من الوادي نموذجًا فريدًا لفهم التراث
