حرب الجيل السادس بدأت: مخاوف وتحديات عالمية جديدة
فعلتها الصين وأطلقت أولى شرارات الحرب العالمية الجديدة. حرب ميادينها مختلفة عن تلك المندلعة في جوارنا، عتادها تقنيات ثورية قد تبدّل المشهد الحالي بما ستقدّمه من إمكانيات هائلة تفوق كل ما سبقها.. هي معركة الجيل السادس من الاتصالات اللاسلكية (6G) والتي بدأت العظيمة الحمراء بالفعل باختبارها منذ أشهر في مرحلة تسبق التسويق لها مع حلول الـ2030.
أحرزت الصين تقدماً كبيراً في مجال الاتصالات مطلقة أول قمر صناعي في العالم لاختبار تقنية الجيل السادس ثمّ باتت أوّل دولة في العالم تختبر شبكات الـ”G6″ بسرعة 1 تيرابايت. هذه الخطوة المتقدّمة، مكّنت بكين من التربّع على موقع الريادة في سباق الجيل السادس، بالاضافة الى تعزيز مكانتها كقوة عالمية رائدة في مجال التكنولوجيا، الأمر الذي أثار مخاوف دولية وتساؤلات عدة بهذا الشأن.
ماذا يميّز الجيل السادس؟
بعد أن أحدث الـ”5 جي” نقلة نوعية في طريقة تواصلنا واستخدامنا للانترنت، حان الآن موعد إطلاق الـ”6 جي” وهو الجيل السادس من تقنيات الاتصالات اللاسلكية والذي يقدّم سرعات هائلة تتجاوز الـ1 تيرابايت في الثانية أي أن هذه التقنية أسرع بحوالى 50 مرة من الـ”G5″، وفقاً لخبير التحوّل الرقمي رامز القرا.
الجيل الجديد والذي لا يزال في مرحلة التجربة والتطوير، سيحدث ثورة جديدة في عالمنا فهو بالإضافة الى السرعة الفائقة التي يقدّمها والتي تسمح بتنزيل الأفلام عالية الدقة في ثوانٍ قليلة وتشغيل تطبيقات الواقع الافتراضي والمعزز بسلاسة من دون أي تأخير، سيوفّر تغطية واسعة النطاق، حتى في المناطق النائية، مما سيضمن وصول الجميع إلى الإنترنت.
تقنياً أيضاً، يتميّز الجيل السادس بزمن الانتقال المنخفض جدًا، ما سيتيح تفاعلاً فورياً مع التطبيقات والأجهزة ويُحدث بالتالي ثورة في مجالات مثل الجراحة عن بعد والسيارات الذاتية القيادة. ويوضح القرا في حديثه لـ”لبنان 24″ أن الفرق بين لحظة ارسال الاتصال ولحظة وصوله ستكون أقل من 1 ميلي ثانية أي كأننا في الوقت الصحيح للارسال.
هذا وستتمكّن شبكات الـ”6G” من ربط عدد هائل من الأجهزة من دون أي ازدحام أو تباطؤ.
أضف الى ذلك، ان تقنيات الذكاء الاصطناعي ستُدمج في شبكات الجيل الجديد، ما سيحسّن أداءها بشكل تلقائي لتصبح أكثر دقة وفعالية في توقع احتياجات المستخدمين وتوفير تجربة اتصال أكثر ذكاء. ويفسّر القرا أن الذكاء الاصطناعي سيقوم بتحديث الرسالة وبعثها بطريقة أفضل، فاذا كانت قد بثّت بدقة منخفضة سيحسّن من جودتها.
ما الذي يعيق انتشار الـ”G6″ حتى الآن؟
لا شكّ في أن الإمكانيات التي ستتيحها تقنية الجيل السادس ستغيّر مفاهيم وممارسات كثيرة في حياتنا، إذ أنها لن تقتصر على مجال الترفيه والاتصالات بل ستشمل أيضاً الميادين الصحية والنقل والتعليم والأعمال. لكن ما هي التحديات التي تعيق انتشار الـ”G6″ في نطاق واسع؟
ستتطلب تقنية الـ”G6″ استثمارات كبيرة لانشاء بنية تحتية جديدة تمامًا، بما في ذلك أبراج اتصالات وأجهزة جديدة. وقد خصصت الصين مبالغ ضخمة لتمويل أبحاث وتطوير الجيل السادس، اضافة الى تشجيع الحكومة الصينية الشركات الخاصة على المشاركة في جهود البحث والتطوير من خلال تقديم الحوافز والدعم المالي.
كما ان الأجهزة التي نستخدمها والتطبيقات الحالية ستحتاج إلى التحديث لتكون متوافقة مع الـ”G6″.
أما التحدي الأكبر فيكمن في كيفية حماية البيانات والخصوصية، نظرًا لضخامة البيانات التي ستُنقل.
معركة جديدة: الصين v/s أميركا
التاريخ يعيد نفسه ويكرر ما حصل لدى إطلاق تقنية الجيل الخامس من الاتصالات اللاسلكية، حيث أثيرت المخاوف الجيوسياسية، خصوصاً لدى الولايات المتحدة التي تخشى استخدام الصين لهذه التكنولوجيا لأغراض عسكرية أو تجسسية، وأنشئ تحالف دولي بوجه التكنولوجيا الصينية. إذ أعلنت مجموعة من 10 دول مؤخراً، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أنها أقرت مجموعة من المبادئ لدعم تطوير شبكات الجيل السادس الآمنة والمرنة.
ويشير الخبير الرقمي الى أن “التحالف المناهض لتكنولوجيا الجيل الخامس الصينية أدى آنذاك الى خسارة بعض الدول على الصعيد التقني، فالمملكة المتحدة على سبيل المثال معاييرها أبطأ من الدول الأوروبية كالمانيا التي استعانت بتكنولوجيا الصين معتبرة ان الحديث عن تجسس من خلال التكنولوجيا هو مجرّد وسيلة أميركية لتقويض الشركات الصينية اقتصادياً”.
ولفت القرا الى أن “الشركات في بلدان العالم ستعتبر اطلاق الـ”G6″ بشكل رسمي وبدء العمل بها، في وقت لاحق، تحديا قوميا، لانها ستعتمد على التكنولوجيا الصينية في ظل المخاوف من الوصول الى البيانات”.