عرض ليبي للبنان… أي مصير لهانيبال؟
كتب جمال جوهر في “الشرق الأوسط”:
دخل النائب العام الليبي، المستشار الصديق الصور، على خط أزمة هانيبال، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، المحتجز في لبنان، حيث عرض المساعدة القانونية في قضية اختفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الإمام موسى الصدر، واثنين من مرافقيه أثناء زيارتهم إلى ليبيا في آب 1978.
ووجَّه النائب العام مذكرة مطولة إلى رئيس المجلس العدلي، والرئيس الأول لمحكمة التمييز، والنائب العام التمييزي لجمهورية لبنان، والمحقق العدلي القاضي زاهر حمادة، لـ«طلب تعاون دولي، ومساعدة قانونية متبادلة». وتضمنت المذكرة، التي تم تسريبها، والممهورة بختم وتوقيع النائب العام، وقائع القضية منذ تعرّض هانيبال للخطف في السادس من كانون الأول عام 2015 بالأراضي السورية، ونقله إلى لبنان، ثم تسلمه من قبل شعبة المعلومات بقوى الأمن الداخلي بلبنان في الشهر نفسه.
وبعد توقيف هانيبال بشهرين، وفق مذكرة النائب العام الليبي، بدأ المحقق العدلي زاهر حمادة سماع شهادته حول واقعة تغييب الإمام الصدر، والشيخين محمد يعقوب وعباس بدر الدين، أعقب ذلك بإصدار مذكرة توقيف، تستند إلى ارتكاب الشاهد (هانيبال) جرم كتم المعلومات.
ودعا النائب العام الليبية الجهات القضائية اللبنانية إلى إخلاء سبيل هانيبال، نظراً «لتردي حالته الصحية، التي تتطلب عناية خاصة؛ وإعمال آليات تسليمه إلى ليبيا، وفق الإجراءات المقررة في التشريعات الجزائية اللبنانية، أو تمكينه من المغادرة إلى بلد لجوء».
وقال الصور في مذكرته: «إذ نُسلم بالتحدي الذي يمثله تحقيق واقعة تغييب الإمام الصدر ورفيقيه، فإننا ندرك أن هذا التحدي بالإمكان تجاوزه، عبر إجراء تعاون قضائي منصف ومؤطر بين جهتي الادعاء في بلدينا». داعياً إلى «موافاة النيابة العامة الليبية بطلب مساعدة قانونية، يتضمن تقدير السلطات القضائية اللبنانية الإجراءات، التي من شأنها الإسهام في استجلاء حقيقة تغييب الإمام الصدر ورفيقيه».
وطلب النائب العام أيضاً بإنابة النيابة العامة الليبية في مسألة سماع أقوال هانيبال، و«مناقشته في المعلومات التي أدلى بها، والوقوف على المعلومات التي كتمها، ثم موافاة الجهات اللبنانية بالنتائج فور إنجاز الإجراء». كما نوه الصور إلى أن «قواعد قانون الإجراءات الجنائية الليبي يحظر تسليم الليبي الذي اتهم في الخارج بارتكاب جناية أو جنحة»، موضحاً أن «هذا المقتضى القانوني لا يمنع اتخاذ الإجراءات في مواجهته محلياً».
وأضاف الصور أن المحقق العدلي أصدر 10 مذكرات توقيف غيابية في حق أشخاص ليبيين، جرى الادعاء عليهم في القضية رقم 1 لسنة 1980، لمساهمتهم في جرم الخطف، فضلاً على سياق إجراءات التحقيق، الذي يشير إلى أن القاضي العدلي استنتج أن هانيبال مُلمّ بالظروف الملابسة لواقعة تغييب الإمام الصدر ورفيقيه، فتعمد حجبها عن القضاء.
وتابع الصور موضحاً أن «نسبة فعل كتم المعلومات إلى هانيبال ارتكنت إلى ظن، أُسّست على علاقة نسبه بوالده معمر القذافي، وقربه من صناع القرار في الدولة الليبية»، لكنه أشار إلى المادة 410 من قانون العقوبات اللبناني، التي تنص على أن «الشاهد هانيبال القذافي معفى قانوناً من العقاب حال صحة كتمه أي معلومات، وذلك لتعلق الإجراءات بوالده، وهي قرابة من الدرجة الأولى». كما يستفاد من نص المادة (408) عقوبات تنص على أن «مدة إيقاف هانيبال جاوزت مدة العقوبة القصوى حال إدانته بارتكاب جرم كتم المعلومات».
ومنتصف الأسبوع الماضي أعاد القاضي اللبناني، حسن الشامي، مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية اختفاء الصدر، الحديث عن «اعتراف» سابق منسوب لهانيبال، وقال مجدداً في تصريحات تلفزيونية إنه «أدلى بمعلومات في عشرات الصفحات عن عملية إخفاء الصدر، من بينها تحديد إقامته في مكان سري بمدينة جنزور، ما بين عامي 1978 و1982؛ وتورّط عبد السلام جلود، رئيس وزراء ليبيا سابقاً عام 1978، والضابط الليبي محمد علي الرحيبي، في هذه الجريمة».
غير أن عدداً من المدافعين عن هانيبال، رفضوا هذه الرواية، وقالوا إن نجل القذافي «أُخضع للتعذيب، والصور ومقاطع الفيديو المسرّبة من لبنان تظهر مدى وحشية سجّانيه»، وكرروا تساؤلاتهم في استنكار: «كيف لطفل عمره عامان أن يُتهم في قضية لا يعلم عنها شيئاً؟».
ويُضرب هانيبال عن الطعام منذ بداية حزيران الماضي، احتجاجاً على سجنه من دون محاكمة منذ عام 2015، ما أدى إلى نقله إلى أحد المشافي في لبنان بعد اعتلال صحته.
وسبق أن طالب عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، بالإفراج عن هانيبال، وقال في مقطع «فيديو» إنه يعامل بطريقة غير ملائمة، وحكومته تتابع أوضاع أي سجين ليبية.