لبنان

بين لبنان وإسرائيل تصعيد لا تفجير!

20 حزيران, 2024

كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:

من يراقب مسار التطورات الميدانية في المنطقة ويستمع الى مواقف المسؤولين الإسرائيليين التهويلية والتغييرات التي يجرونها على الحدود الشمالية ومن يتابع مضمون خطاب أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله امس، بعد رسالة التحذير الخطيرة التي حملها المبعوث الاميركي آموس هوكستين إلى من اجتمع بهم من رؤساء ومسؤولين عسكريين في بيروت، يدنو من إقران الشك باليقين ان تل ابيب ستشن حربًا واسعة على لبنان قريبًا جداً وينفذ رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو تهديداته، فيصدر القرار السياسي ويطلق النفير للجيش الذي اتخذ الإجراءات العملانية للانطلاق في الحرب، ولو ان القيادة العسكرية المنهكة تفضل عدم اقحامها في جبهة مفتوحة جديدة وابقائها ضمن قواعد الاشتباك وفي اطار العمليات الامنية على غرار ما يحصل راهنًا.

غير أنّ المُعلن من مواقف لا يطابق دائما واقع الحال وحقيقة ما يدور بين قادة الدول في الغرف المغلقة وخلف الكواليس، تقول اوساط دبلوماسية لـ”المركزية” ذلك أنّ أحدًا من القوى المنغمسة في المعارك لا يريد الحرب كون الجميع، من دون استثناء، يدرك مدى تداعياتها السلبية على المنخرطين فيها، واسرائيل في شكل خاص تماما كما حزب الله، فهي إن وقعت ستكون كارثية على المنطقة برمتها ولن يسلم منها اي كان ماديا ومعنوياً، وارتداداتها ستبلغ أبعد مدى وصولا الى اوروبا والولايات المتحدة الاميركية. تبعا لذلك، تعتبر الاوساط ان واشنطن لن تسمح لحليفتها التاريخية بتفجير المنطقة واطاحة كل الجهود التي بُذلت منذ سنوات لا بل عقود من الزمن ونجحت في اطلاق مسار التطبيع العربي مع اسرائيل وقد تجاوزت نقطة الوسط فيه على ان تبلغ خط النهاية، إن قبل نتنياهو بتطبيق حل الدولتين الذي تؤيده دول كثيرة وتتوسع دائرة بيكار التأييد في شكل مضطرد لإقفال صفحة نزاع استمرت اكثر من سبعة عقود وما زالت.

واذا كان التباين الأميركي- الاسرائيلي حول مدّ الدولة العبرية بالسلاح عكّر صفو العلاقات بين الدولتين، فإنه ليس السبب الوحيد خلف شبه القناعة المتولدة لدى الأوساط الدبلوماسية بأن لا حرب وشيكة في المنطقة بل اتجاه الى حل مُمرحل سيبدأ لحظة خضوع نتنياهو للإرادة الدولية بوجوب الاعتراف بحل الدولتين لتكر بعدها سبحة الحلول تدريجًا، لكنّ ذلك غير متاح راهنًا بل ينتظر نتائج الانتخابات الأميركية التي تعتبر الاوساط انها تشكل سببا كافيا لبايدن لمنع الحرب . ذلك ان واشنطن لم تسمح يوما على مر التاريخ بفتح حروب مدمّرة في مراحل انتخاباتها الرئاسية، فكيف الحال اذا كانت وضعية بايدن غير مريحة؟ هو سيضغط بالقدر الاقصى للجم نتنياهو ومنعه من تدمير انجازاته طوال مدة ولايته وفي طليعتها التطبيع ، كما ان الاخير يدرك مدى الخسارة التي سيُمنى بها إن كسر الجرة مع بايدن في لحظة يخوض فيها حربا شعواء ويحتاج الى الدعم والسلاح الاميركيين.

الحرب ممنوعة إذا، استنادًا إلى ما تقدم، وزيارة هوكشتاين انطلقت من مركزية المنع. حضر الرجل الى بيروت مؤكدًا ضرورة تطبيق القرار 1701، فكان الرد بوجوب شموله تلال كفرشوبا ومزارع شبعا ووقف انتهاكات اسرائيل الجوية، الا ان تل ابيب اكدت ان حزب الله خرق القرار بفتح الجبهة في 8 تشرين الأوّل وان الطلعات الجوية الاستكشافية لا تشكل خرقاً، مستشهدة بطلعات جوية استكشافية لدول عدة في أجواء بلدان أخرى لا سيما روسيا والصين. وتضيف الاوساط ان تلال كفرشوبا ومزارع شبعا غير منصوص عليهما في متن القرار الدولي، وتبعا لذلك، على “حزب الله” الذي تقول اسرائيل انه تراجع نحو 8 كلم عن الحدود ان يستكمل هذا المسار، لمنع الانزلاق نحو الحرب. أمّا مصير التلال والمزارع فمتروك لمفاوضات ترسيم الحدود البرية وحقبة البحث الجدي في السلام الشامل في المنطقة.

شارك الخبر: