لبنان

الأنظار متّجهة إلى الميدان… جبهة الجنوب تنتظر هدنة غزة

2 آذار, 2024

جاء في “الجمهورية”:

كلّ الأنظار متّجهة الى الميدان الفلسطيني، ربطاً بتزايد الحديث عن اقتراب الاعلان عن هدنة في قطاع غزة قبل بدء شهر رمضان لستة اسابيع، فيما كانت لافتة أمس، المخاوف التي عبّر عنها الإعلام الإسرائيلي، من أن تعوق مجزرة حي الرشيد التي ارتكبتها اسرائيل امس الاول الخميس، الوصول الى هذه الهدنة. وفي موازاة ذلك، يتحرّك المشهد اللبناني على خطين، الأول، خطّ الترقّب الحذر للتطورات المتسارعة المرتبطة بهذه الهدنة، وسط تساؤلات عن مصير الجبهة الجنوبية، وما اذا كانت هذه الهدنة، إن تمّ التوصل الى اتفاق عليها، ستنسحب على هذه الجبهة، أم انّها ستبقى في مدار التوتر والعمليات العسكرية ربطاً بالتهديدات التي يطلقها المستويان الأمني والعسكري في اسرائيل، بأنّ الهدنة في غزة لا تعني توقف المواجهة مع «حزب الله» في لبنان؟ واما الثاني، فهو الخط الرئاسي، حيث حضر سفراء دول «اللجنة الخماسية» الى السرايا الحكومية في زيارة تأكيديّة على استمرار اللجنة في سعيها لمساعدة اللبنانيين على إتمام الاستحقاق الرئاسي في القريب العاجل.

على المقلب الجنوبي، فإنّ اللافت للانتباه هو تجدّد المطالبات الدولية للبنان بالسعي الى تبريد الجبهة الجنوبية وتجنّب الوقوع في حرب. وكشفت مصادر موثوقة لـ«الجمهورية»، انّ مسؤولاً اوروبياً رفيعاً نقل الى مسؤولين كبار تحذيراً من أنّ اسرائيل باتت تتحدث عن نفاد صبرها على استمرار «حزب الله» باستهداف الجيش الاسرائيلي والمستوطنات الاسرائيلية.

وبحسب المصادر، فإنّ هذا المسؤول بدا متماهياً مع الموقف الاسرائيلي، لناحية التجاهل الكامل للاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، وإلقاء المسؤولية على الحكومة اللبنانية ومطالبتها بممارسة ضغوط على «حزب الله» لحمله على تطبيق القرار 1701، وإيقاف عملياته ضدّ الجيش الاسرائيلي التي هي سبب للتوتير على حدّ تعبيره، مشدّداً على الضرورة الكبرى للقيام بإجراءات وترتيبات مشدّدة على الحدود لإشاعة الامن والاستقرار على الجانبين اللبناني والاسرائيلي. اما في سياق حديثه حول الوضع في قطاع غزة، فشدّد على انّ الضرورة باتت تقتضي الوصول الى هدنة قبل شهر رمضان.

وبحسب معلومات المصادر، فإنّ هذا الطرح قوبل من قِبل المستويات اللبنانية المسؤولة بعرض مفصّل للسلسلة الطويلة من الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والخروقات المتكّررة والتي فاقت الـ30 الف خرق للقرار 1701، اضافة الى استهدافها البلدات الجنوبية والعمق اللبناني والمدنيين. وبتأكيد على انّ لبنان لا يسعى الى الحرب، بل لا يريدها على الاطلاق، فيما اسرائيل هي التي تحاول ان توسّع دائرة المواجهات، وبالتالي بدل ان تتوجّهوا الى المعتدى عليه الذي يدافع عن بلده، عليكم أن تتوجّهوا الى المعتدي لوقف اعتداءاته». 

وخلص الموقف اللبناني، الذي جاء على لسان احد كبار المسؤولين: «يبدو انكم بانحيازكم لاسرائيل تحاولون ان تقدّموا لها تعويضاً عمّا انتم تعتبرون انفسكم مدينين به لها منذ الحرب العالمية الثانية. ولكن اليس ما قامت به اسرائيل في غزة أسوأ واكثر فظاعة مما تسمونها «الهولوكوست»؟ في اي حال، سبق وقلنا لكل الموفدين الذين اتوا الينا، ونعود ونؤكّد الآن التزام لبنان بالقرار 1701 وتطبيقه بكل مندرجاته، مشدّداً على انّ مصدر الخطر على لبنان والمنطقة ليس من لبنان بل هو من اسرائيل، ودولكم مع الأسف تريد الأمن لإسرائيل، ولكن ماذا عن امن لبنان. ومن هنا ينبغي ان يتركّز الجهد الدولي، إن كان يريد الاستقرار في المنطقة فعلاً، على ممارسة ضغوط جدّية على اسرائيل، وردعها عن القيام بأي عدوان على لبنان».

على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق، ما عبّر عنه موفد بريطاني، التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لجهة تأكيده على ما مفاده بأنّ الأوان آن لوقف ما يجري في غزة. 

وتشديده ايضاً على ضرورة ان يتمّ الوصول الى هدنة قبل شهر رمضان. وكذلك لناحية تشديده على الضرورة الملحّة لإعادة اجواء الهدوء والاستقرار الى الجبهة الجنوبية. 

واللافت انّ الموفد البريطاني سأل عن النظرة التقييمية لدور وموقف بريطانيا من التطورات الحاصلة في غزة، فكان جواب رئيس المجلس محدّداً، ومفاده «اننا لاحظنا ايجابية في مطرحين، الأول انكم في بريطانيا سمحتم بالتظاهرات الشعبية المؤيّدة لفلسطين وضدّ حرب الإبادة التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة، والمطرح الثاني، حينما نأت بريطانيا بنفسها في مجلس الامن الدولي، عن المشاركة في «الفيتو» الاميركي على وقف اطلاق النار في قطاع غزة».

الى ذلك، وفي موازاة التلويح الاسرائيلي باستمرار المواجهة مع «حزب الله»، حتى ولو تمّ التوصل الى هدنة في قطاع غزة، جزم مرجع كبير لـ«الجمهورية» انّ هدنة الستة اسابيع إن تمّ الاتفاق عليها فعلًا، فستتمدّد حتماً الى جبهة لبنان. ويستند المرجع في تقديره هذا الى امرين، الأول انّ اسرائيل لا تستطيع ان تخوض حرباً بجيش متعب على جبهة تعترف اسرائيل نفسها بأنّها قد تكون اصعب عليها عشرات وربما مئات المرات من جبهة غزة. وينبغي هنا التمعن في ما يصرّح به الإعلام الاسرائيلي الذي يستغرب كيف تقنع إسرائيل نفسها بضرورة فتح جبهة أخرى مع «حزب الله» الذي يمتلك أسلحة أكثر تدميراً وأكثر بأضعاف مضاعفة مما تمتلكه «حماس».. ويضع سؤالاً في يد المستويين العسكري والامني الذي يهدّد بالحرب مفاده: هل فكر أحد في التكاليف. واما الامر الثاني فهو الموقف الاميركي، حيث انّ اسرائيل لا تستطيع ان تشن حرباً لا تدعمها واشنطن التي تخشى، لا بل تحذّر من حرب قد تتطور الى حرب اقليمية، ومن هنا يأتي تركيزها عبر هوكشتاين على اشاعة الهدوء في المنطقة الجنوبية وضرورة استكمال الدور الديبلوماسي بفعالية لإنتاج تفاهم يتصل بترتيب الأوضاع في المنطقة الجنوبية».

ورداً على سؤال قال: «التلويح الإسرائيلي باستمرار المواجهة مع الحزب، هو كلام موجّه الى الداخل الاسرائيلي بصورة خاصة، وفيه تهويل في اتجاه لبنان. والمعلوم انّ الاميركيين يضغطون لعدم التصعيد، ويؤكّدون في كل المراسلات المباشرة وغير المباشرة على سعيهم لمنع انزلاق الأمور الى حرب واسعة».

اضاف: «وفي مطلق الاحوال، نحن أكّدنا للجميع التزام لبنان الكلّي بالقرار 1701، وانّ لبنان لا يريد الحرب ونقطة على السّطر. ولكن مع ذلك، لا نُخرج من حساباتنا أيّ احتمال أو أيّ خطوة عدوانيّة قد تقدم عليها اسرائيل ضدّ لبنان، ولذلك كل قوى المقاومة على جهوزيتها للدفاع عن لبنان». 

وقال المرجع عينه: «الذي يحصل في الجنوب، من اعتداءات اسرائيلية يومية واستهداف للبلدات الآمنة وللمدنيين ولمناطق اخرى في العمق اللبناني، أصعب من الحرب، «ما عم يخلينا ننتقم من الاسرائيلي كما يجب، فالمقاومة، رغم كل ذلك ما زالت تتصرف بعقلانية، ولا تنساق الى حيث تريد اسرائيل، وتركّز فقط على المراكز العسكرية ولم تخرج حتى الآن عن قواعد الاشتباك». 

ورداً على سؤال عن زيارة محتملة للوسيط الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت، قال: «لا توجد حتى الآن، اي معطيات تؤكّد ذلك، ولكن نلمس بعض الإشارات بأنّ الولايات المتحدة الاميركية قد تستغل فترة الهدنة لإعادة تزخيم حضورها لاحتواء التصعيد على الجبهة الجنوبية».

المصدر : الجمهورية

شارك الخبر: