لبنان

نائبٌ في “التيار”: لِمَ لا يكون كنعان المرشّح الثالث؟

28 كانون الثاني, 2024

جاء في “الراي” الكويتية:

يشكل النائب آلان عون، في خصاله الشخصية وخطابه، وفي أدائه وعلاقاته، «حالة سياسية» تكاد أن تكون خاصة. فابن شقيقة الرئيس السابق العماد ميشال عون، الزعيم التاريخي لـ«التيار الوطني الحر» الذي يترأسه النائب جبران باسيل (صهر الجنرال)، يتميّز بشهادةِ الحلفاء والخصوم بدماثة الأخلاق وبانفتاحه ورصانته السياسية، ما يجعل البعض يطلق عليه وَصْفَ «الوجه الجميل» للتجربة العونية في السياسة والحُكْم في ضوء ما انتابها من خشونةٍ في العلاقة مع الحلفاء أحياناً، كما مع الخصوم دائماً.

في دارة المهندس، الذي بنى حيثيتَه السياسية والشعبية مدماكاً مدماكاً، في بعبدا، حاورت «الراي» النائب عون الذي لم يَحِدْ يوماً عن فتْح قنوات الحوار من فوق المتاريس السياسية. ينصت إلى عقلانيته الجميعُ الذين يُعْلون فيه حرصَه على «الصفر عداوات» مهما اشتدّ الصراعُ السياسي في البلاد، ما يجعله أحياناً كأنه يغرّد خارج سرب تياره الذي «لم يترك له صاحب» كما يقال.

لم يكن عابراً أن يبادر آلان عون أخيراً إلى ما يشبه ترشيح زميله على مقاعد «التيار الحر» النائب إبراهيم كنعان إلى الرئاسة، «فهو يملك المواصفات وتنقصه الفرصة»، وأن ينفرد تحت قبة البرلمان وأمام الشاشات في توجيه تحية إلى الرئيس سعد الحريري لجرأته على اجتراح التسويات التي يحتاج إليها لبنان الآن.

مجموعة الخمس حول لبنان

وتالياً فإن الحوار مع عون، الذي يراكم رصيداً يخشاه آخَرون، تطرّق إلى قضايا الساعة في لبنان.

ونبدأ مع عون مما شهدته الأيام الأخيرة من معاودة «مجموعة الخمس حول لبنان» تشغيل محرّكاتها في ما خص الملف الرئاسي، في تحرُّكٍ يستنبط اقتناعاً بضرورة الفصل بين هذا الملف وبين الحرب في غزة وعلى جبهة جنوب لبنان… فكيف قرأ هذه الدينامية المستجدة وهل مازال ممكناً تَصَوُّر إمكان توافر تقاطُع خارجي يشكل «مهبطاً آمناً» لهذا الاستحقاق خارج معادلة «الخمسة زائد واحد أي إيران»؟

يجيب: «نظرياً، الاستحقاق منفصل عن حرب غزة، بما أنه استحقاق أصلاً سابق لهذه الحرب وسيبقى لاحقاً لهاً أيضاً بحال لم يُنجز. ولكن هذا الاستحقاق اصطدم أولاً بطريق مسدود داخلياً، وصار هناك حتى تسليم تقريباً من غالبية القوى السياسية، بالمساعدة الخارجية. وإلا لَما كنا رأيْنا كل هذا الترحيب أكان باللجنة الخُماسية بمرحلةٍ معيّنة أو بالموفد الفرنسي بمرحلة معينة، أو بالموفد القطري بمرحلة أخرى، وتالياً هناك استعداد أو توقعات لدى القوى السياسية، بأن هذه المساعدة الخارجية يمكن أن تساهم في بلورة حل ما في الداخل.

ولكن هذه المساعدة لا تكتمل إلا بحصول حوار بين الفريقيْن. وإذا كنا نتحدث عن تسوية داخلية، فهل يمكن تَصَوُّر أن تتمّ بين أفرقاء متحالفين، أو أنها ستكون بطبيعة الحال بين الفريقين المتخاصمين؟ والمنطق نفسه ينطبق على أي تسوية خارجية لا يمكن أن تكون بين أصدقاء منسجمين، بل لا بد أن تحصل بين مَن هم على خصومة. ومن هذا المنطلق هناك طرف آخَر أكان في الداخل أو الخارج، لا مفرّ من التوصل لتسوية معه لبلوغ حلّ. هل تُسمى 5 + 1 أو يتحاور هؤلاء من خارج هذه التسمية؟ ولكن لا بد من هذا الأمر».

ويضيف: «البعض وَجد في ضوء حرب غزة أنها ستوصل حُكْماً إلى نقاش سيحصل خارجياً، ولو على خلفية ترتيبات أمنية وإعادة النظر في القرار 1701 أو كل ما يعيد الأمور إلى الاستقرار على الحدود الجنوبية اللبنانية والشمالية لإسرائيل، فنحن محكومون في لحظةٍ ما عندما تنتهي الحرب بأن يكون هناك ترتيب معين، وهذا سيتطلب أيضاً نقاشاً إقليمياً بين فريقين، ولكن مع ترجمة داخلية في نهاية الأمر. فاليوم حزب الله على الأرض، وفي مقابله هناك إسرائيل، وفي ضوء عدم إمكان حصول كلام بين الحزب والاسرائيليين، هل يتحدّث الأميركيون مع الايرانيين؟ أو الأميركيون مع(حزب الله) عبر وسيط؟ هذه الاحتمالات الموجودة، ولكن هناك حوار يحصل هنا، فثمة مَن يتحدث مع الاسرائيلي وهو واشنطن، وهناك مَن يتحدّث مع لبنان، وعلى الأقل لنقُل مع الرئيس نبيه بري، وهو أيضاً الأميركي، وفي الموازاة معروف الطريق الذي يُعمل عليه إقليمياً. وانطلاقاً من هنا، ولو قلنا إن الرئاسة مفصولة، إلا أن أي نقاش خارجي يحصل بين محوريْن لهما هذا القدر من التأثير على المعادلة، سيكون له انعكاسٌ في مكان ما على تسوية. وأكيد ثمة نظرية تقول إن أيّ ترتيبٍ يُنجز في ما خص الجنوب، أو بين لبنان وإسرائيل، يسمى 1701 جديد أو 1701 قديم أو أي اسم آخَر، بهدف تحقيق الاستقرار الأمني، سيحتاج بالتوازي إلى استقرار سياسي في لبنان، وحُكْماً في مكان ما، يجب أيضاً إعادة ترتيب الوضع السياسي الداخلي كي نذهب إلى مرحلة استقرار كاملة تحمي أي اتفاقٍ يتّصل بالوضع على حدودنا الجنوبية».

ويتابع: «ومن هنا تأتي قصة هل تكون الرئاسة جزءاً من هذا المسار. ولكن الحِراك الخارجي، أكان عبر الخماسية أو عبر الولايات المتحدة وإيران أو غيرهما، هذا هو الحِراك الذي يحصل. وبمعزل عن الفصل أو عدمه، ففي النهاية هناك طرفان، وإذا كانت لديهما جهوزيةٌ لبتّ الملف الرئاسي يفعلان ذلك، أو العكس. ولكن في كل الأحوال، فإن أي اتفاقٍ سيرتكز حُكْماً على سلةٍ ما، إذ لن يكون الأمر وفق منطق الغالب والمغلوب، ولا أتحدث هنا عن اسم الرئيس، بل أقصد أن الجميعَ لابد أن يكونوا مرتاحين ومُطْمَئنين لهذه التسوية.

السلّة الداخلية

وإذا كانت عناصر السلّة الداخلية معروفة، فالسلّة الخارجية ربما تكون مرتبطة إلى جانب مسألة الاستقرار، بترتيباتٍ في المنطقة لضمان استقرارها بعد المتغيّرات التي نجمت عن حرب غزة… ترتيباتٌ في البحر الأحمر، وبين لبنان وإسرائيل، وفي العراق بدرجة أقلّ، وأولاً وقبل أي أمر آخَر مستقبل غزة».

ويعود عون إلى السلة الداخلية، ليقول: «عناصرها معروفة وتشتمل على رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة في الحد الأدنى، إضافة إلى عناوين أخرى تعني بعض الأفرقاء، كالإستراتيجية الدفاعية واللا مركزية وسواهما بما يجعل كل طرف لديه هواجس مرتاحاً ومُطْمَئناً، وكل هذا يحتاج إلى خريطة طريق في إطار خطة من شأنها طمأنة المُخْتلفين. ولا بد من الأخذ في الاعتبار انه ليس بالضرورة ان يصار إلى التفاهم على كل الأمور قبل انتخاب الرئيس، فما من أحد يحاور أحداً الآن، ولكن ضمان كل هذه الدول لخريطة الطريق عبر مؤتمر شبيه بـ(الدوحة 2008) أو من دونه يفتح الطريق أمام التسوية المتكاملة».

ونقول له: أي مؤتمر يُتوَّج برئيس؟ يجيب: «ليس بالضرورة انعقاد مؤتمر… في الدوحة تم الاتفاق على مجموعة عناوين وجرى تنفيذها لاحقاً بعد انتخاب الرئيس المتفاهَم عليه. أي حصل اتفاقٌ على الحكومة وتوازناتها وعلى قانون الانتخاب المعروف بـ(الستين)وعلى رفع الاعتصام من وسط بيروت… أما التنفيذ فتم بعد عودة المتحاورين إلى بيروت وانتخاب رئيس للجمهورية».

ونسأله: يعني المدخل هو اتفاقٌ بالأحرف الأولى؟ يردّ: «مئة في المئة، يمكن القول إن السلة هي بمثابة اتفاق بالأحرف الأولى، إذ ليس بالضرورة أن تُنفذ كل

شارك الخبر: