لبنان

ميقاتي يُسقط سياسة النأي بالنّفس

18 كانون الثاني, 2024

كتب معروف الداعوق في “اللواء”: 

لم يكن رئيس الحكومة نجيب موفقاً في موقفه الاخير، بربط اي اتفاق يسعى اليه لبنان بوساطة المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين،فيما يخص انهاء المواجهات العسكرية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الجنوبية، بانهاء الحرب الإسرائيلية العدوانية على قطاع غزة، ولو كان مبرر هذا الربط مبدأ التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لابشع المجازر والارتكابات اللانسانية في عصرنا الحديث. موقف ميقاتي وإن كان يرضي، ويتماهى مع حزب الله وحلفائه، ولكنه لا يحظى بتأييد معظم الشعب اللبناني،الذي يرفض المواجهة العسكرية التي يخوضها الحزب في الجنوب، بقرار ذاتي وبمعزل عن الدولة والشعب اللبناني، لحسابات ومصالح مرتبطه بالنظام الايراني، ومن خلالها يعرض لبنان لمخاطر وتداعيات غير محسوبة، ويزيد من حدة الانقسام الداخلي، ويعيق المساعي والجهود الديبلوماسية الدولية، لتهدئة الاوضاع المتدهورة والتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، بينما المطلوب في هذا الظرف العصيب، إتخاذ مواقف حكومية اكثر توازنا، تاخذ بعين الاعتبار توجهات ومشاعر معظم اللبنانيين، الذين أبدوا تضامنهم القوي مع الشعب الفلسطيني ورفضهم المطلق للحرب الإسرائيلية ضده، ولكنهم يرفضون الزج بلبنان في مواجهات أو حروب، لحسابات ومصالح خارجية.

اسقط رئيس الحكومة بموقف الربط بين اي حل يسعى اليه لبنان لانهاء الاشتباكات المسلحة والتوتر المتصاعد جنوبا،سياسة النأي بالنفس التي ارست سياسات الحكومات السابقة، بتفاهم اكثرية اللبنانيين، والتي جنبت لبنان، الكثير من الهزات والتداعيات السلبية، وشكلت غطاء لحمايته من الانضمام للاحلاف الاقليمية،بالرغم من جنوح حزب الله وحلفائه لتجاوز هذه السياسة وتفردهم بخيارات وممارسات تخالف هذه السياسة، على حساب استقرار لبنان ومصالح اللبنانيين. 

اكثر من ذلك، احدث موقف رئيس الحكومة هذا،ردات فعل سياسية سلبية رافضة لهذا الموقف، اعتبرت فيه ان رئيس الحكومة،انحاز باصدار هذا الموقف لفئة من اللبنانيين،دون الاخرى، الأمر الذي يعزز الانقسام السياسي الداخلي، ويزيد من حدة الاجواء السياسية المتشنجة اساسا، بينما المطلوب انتهاج سياسة متوازنة، واتخاذ مواقف جامعة،تقارب اللبنانيين من بعضهم البعض في مواجهة تدهورالاوضاع جنوبا، والازمات المتتالية التي تعصف بلبنان.

كان باستطاعة رئيس الحكومة ابداء رأيه من تطورات الاوضاع والحرب الإسرائيلية، ومدى تأثيرها وتداعياتها السلبية على لبنان، من دون اتخاذ موقف باعلان التزام الحكومة بربط اي حل للاوضاع المتدهورة في الجنوب بوقف اطلاق النار في غزة في هذا الظرف بالذات،ليس لتفادي ردات الفعل السلبية داخليا وعربيا، وانما لمنع التأثير السلبي لمثل هذه المواقف على المبادرات والتحركات الدولية، لايجاد الحلول المطلوبة لمشكلة التدهور العسكري بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب، ولاسيما المهمة التي يقوم بها المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين في هذا الخصوص، الا اذا كان هناك سوء تقدير لمثل هذه المواقف، او ابداء اعتراض على المبادرات والوساطات المطروحة. 

شارك الخبر: