مشروع إعادة هيكلة المصارف: الودائع “طارت”؟
كتب فؤاد زمكحل في “الجمهورية:
في 10/11/2023، أُرسل مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف في لبنان المنتظر منذ نحو 4 سنوات، والذي تغيّر حتى اسمه، حيث دُعي بمشروع إعادة الإنتظام والتوازن المالي. فالمفاجأة الأولى قد بدأت من اسم المشروع، حيث غابت كل نية لإعادة الهيكلة، وإستُبدلت بإعادة التوازن المالي.
نذكّر الذين يُوعدون بالتوازن، أنّهم هم الذين دمّروا كل حجرة في هذا المقياس، وهدروا كل احتياطنا. فقد تتابعت المفاجآت والتساؤلات من حيث التوقيت، وذلك بعد نحو شهر من اندلاع حرب غزة، حين كانت الأولويات، حماية الأرواح، وتجنُّب جرّنا إلى حرب جديدة، لن يتحمّلها الشعب ولا الإقتصاد ولا البلد. إضافة إلى ذلك، أُدرج هذا المشروع في جلسة حكومية شائكة بعد مقاطعة آخر الجلسات، وإدراج نقاط خلافيّة عدّة في الأجواء، مثل تمديد التسريح لقائد الجيش، والخطة الإنقاذية والاستراتيجية الدفاعية، وغيرها من النقاط الحامية والعالقة.
إضافة إلى ذلك، بعد قراءة دقيقة ومفصّلة لـ 27 صفحة من هذا المشروع المقترح، نُفاجأ بعدم ذكر كلمة أو حرف واحد عن نيّة إعادة واسترجاع الودائع. كأنّ هذه الصفحة قد طُويت، ونُسيت الخسائر، وتبخّرت الأموال وفُتحت صفحة بيضاء لتلك الأيادي السود.
يُلاحظ أيضاً بأنّ في هذه الـ 27 صفحة الوهمية، وغير المنطقية، لا تُذكر أيضاً كلمة واحدة أو شبه تحديد لأّي شبر من المسؤولية على الدولة اللبنانية، المسؤولة المباشرة عن أكبر إنهيار مالي في تاريخ العالم، وأكبر عملية نهب في الكرة الأرضية.
تتكامل مفاجآتنا وتساؤلاتنا بعد قراءة الأفكار المستحيلة، حيال استرجاع الودائع إلى سقف الـ 100 ألف دولار. نذكّر برفضنا الكامل لهذا الاقتراح غير العادل، من جهة لكبار المودعين الشفافين. أما لصغار المودعين، فقد وضعوا عليهم شروطاً تعجيزية، للاستحصال على جزء من ودائعهم على المدى الطويل بعدما تفقد قيمتها.
أخيراً، إنّ هذا المشروع التدميري، والوهمي وغير الجدّي، مشروط ويرتبط بإقرار قانونين أساسيين، هما مشروع قانون الكابيتال كونترول، ومشروع قانون السرّية المصرفية.
نذكّر بأسف، بأنّ مشروع قانون الكابيتال كونترول، لم يبصر النور منذ نحو أربع سنوات، ويتلاعبون به وبمصير اللبنانيين، بعدما تبخّر الكابيتال، ولا يوجد أي كونترول في دولة مهترئة.
أما عن مشروع قانون السرّية المصرفية، فيتراشق السياسيون به من منصّة إلى أخرى، وقد أفرغوه من مضمونه، ويتلاعبون بكرة النار هذه، من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب فاللجان المختصة، ومن ثم استرجاعها إلى السلطة التنفيذية، وإلخ، من دون أي نيّة، لأي شفافية وحوكمة رشيدة، ويحاولون أن يسخروا من صندوق النقد الدولي، بعناوين فضفاضة وفارغة من المضمون.
في المحصّلة، نتساءل كيف يُمكن درس واقتراح قوانين جديدة، فيما القوانين القديمة لم تُطبّق، وهي لوحدها يُمكن أن تحمي وتسترجع الودائع؟ إذا قرأنا بين هذه السطور الظالمة والسوداوية، نقرأ بوضوح أنّ النية الحقيقية، هي ضياع الوقت للمودع، وسرقته من جديد، ومن جهة أخرى، كسب الوقت لصالح السياسيين، الذين يختبؤون وراء شعارات وهمية، ووعود كاذبة، لأنّه لا نيّة حقيقية لديهم، لا بالإصلاح، ولا بإعادة الهيكلة، ولا بإعادة أي إنتظام وأي توازن مالي.