لبنان

الواقع تبدّل والأجواء لا تساعد… إحتفالات عيد البربارة صارت ذكريات

5 كانون الأول, 2023

كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:

لم تكن احتفالات عيد البربارة تغيب عن مدينة بعلبك ومحيطها كلّ عام، كانت أشبه بمهرجانات شعبية تطوف الشوارع والساحات، تتشارك فيها مختلف الطوائف في عيد شفيعة بعلبك وحاميتها، ولا يزال معبدها قائماً داخل القلعة الأثرية، وجنبها الكنيسة المعروفة باسمها.

وإن اختلفت الروايات حول مكان ولادة القديسة بربارة، غير أنّ الثابت وفق الموروثات الشعبية أنها من مدينة بعلبك ودفنت فيها، ولقّبت بشهيدة المدينة، هي ابنة رجل وثنيّ يدعى «ديورسقورس»، خاف عليها من فائق جمالها حيث سجنها في برجٍ عالٍ حتى أصبحت شابة، اعتنقت الديانة المسيحية سرّاً، وهربت من والدها بعدما حاول قتلها لمعرفته بإيمانها، جابت الحقول والبراري بملابس ممزّقة، ملوّنةً وجهها، تختبئ خلف سنابل القمح، ومن ذلك استمدّ المسيحيون العادات والتقاليد الموروثة التي ترافق العيد كل عام.

اختفت المظاهر الاحتفالية عن شوارع مدينة بعلبك والبلدات ذات الأغلبية المسيحية، لكنها لا تزال حاضرة في أذهان البقاعيين، ولا تزال تقام كلّ عام ضمن المنازل مع ما تتضمّنه من عادات وتقاليد ترتبط بالعيد. ويقول مختار بلدة دورس عساف عبود لـ»نداء الوطن»: «إن تقليد القمح المسلوق الذي يعتبر رمزاً من رموز العيد، هو دليل على أن حبّة القمح يجب أن تموت لكي تنبت من جديد، ولكي تعطي السّنابل الجديدة كحياة القديسة بربارة التي ماتت واعتنق بعدها آلاف الأشخاص الديانة المسيحية». ويضيف «العيد سابقاً كان يتشارك فيه جميع الناس من مختلف الطوائف، يجوب الأطفال الشوارع والطرقات على وقع الأهازيج الشعبية ومنها «هاشلة بربارة مع بنات الحارة»، وغيرها من الهتافات، يطرقون الأبواب لملء أكياسهم بالحلوى والمعايدات، وكذلك كانت ربّات المنازل ولا يزلن، واستعداداً للمناسبة يسلقن القمح، قبل تزيينه بالزبيب والجوز واللوز، كذلك تقدم القطايف بالقشطة واللوز، وكان الأطفال يلوّنون وجوههم ويلبسون الثياب الممزّقة خلال تلك الجولات بعد القداس الذي يقام إكراماً للقديسة بربارة».

وعلى المقلب الآخر، يستذكر سبعيني من أبناء المدينة الاحتفال بالمناسبة الذي كان يقام سنوياً في ساحة المطران، تلك الساحة التي تحافظ على رمزيّتها، حيث كانت تزيّن بالأشرطة الملوّنة، يأتي إليها أهالي مدينة بعلبك من كل حدبٍ وصوب، ومن مختلف الفئات الدينية والاجتماعية، الجميع يلبس ثياباً تنكّرية، وتتحوّل المناسبة عرساً جماعياً تقدّم خلاله الرقصات واللوحات الفنية حتى ساعات الصباح، وتحضّر النسوة القمح المسلوق في ساحة المطرانية بكميات كبيرة، ويقدّم للحاضرين إضافةً الى «العوامة المقلية».

ويضيف «مع الوقت تحوّلت المناسبة احتفالات خاصة تقام في المنازل، وتهاني في الكنيسة، فواقع المدينة تبدّل، والأجواء لا تساعد».

شارك الخبر: