“العرض الكبير”… رسالة سلام لبنانية إلى عالم مأزوم بالحرب
كتبت فيفيان حداد في “الشرق الاوسط”:
أمضى اللبنانيون أمسية فنية مميزة مع المايسترو طوني مخول على مسرح «كازينو لبنان». وتحت عنوان «رسالة سلام إلى العالم»، لبّوا دعوته لحضور «العرض الكبير»، المؤلّف من 20 مقطوعة موسيقية ولوحات راقصة ألّفها للمناسبة.
استهل الحفل بالوقوف دقيقة صمت على أرواح ضحايا حرب غزة، ليُعزَف بعدها النشيد الوطني اللبناني معلناً بداية العرض.
اختار مخول مقطوعة «تحية شكر» للافتتاح، وبمشاركة 100 شخص من عازفين وكورس وتقنيين وراقصين، انطلقت السهرة. وكان قدّم العرض عينه بدار الأوبرا الرومانية في بوخارست عام 2021، فأراده المايسترو اللبناني حينها «تحية حب من بيروت إلى العالم».
هذه السنة، تمسّك بإقامة الحفل على مدى ليلتين في 10 و11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. وكان ينوي تقديم هذا العرض عام 2019، لكنه اضطر إلى إلغائه إثر اندلاع «الثورة».
يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «رغبتُ في إهداء الحفل إلى لبنان وأهله. ورغم الصعوبات، أردته فسحة أمل ليتنفس وطننا الصعداء».
20 مقطوعة، رافق معظمها لوحات راقصة، شارك في تصميمها الراقصان ساندرا عباس وأسادور أوريدجيان، حملت أنماطاً موسيقية متنوّعة بين الفالس والتانغو والباليه والديسكو وغيرها.
يعود الإنتاج التنفيذي للحفل إلى عازف البيانو بسام شليطا، والإشراف لعبدو كحالة، فيما تولّى الإنتاج عبدو حسيني، والإخراج إلياس عبسي.
وضمن رحلة موسيقية مرَّ بها مخول على ثنائية الحب والحرب، تلوّن المسرح بأجواء فنية تعبق بالفرح. فالمايسترو اللبناني أهدى واحدة من معزوفاته لمدينته، بعنوان «مدينة الحب» على أنغام موسيقى الفالس. ومن المقطوعات التي تضمّنها الحفل: «أسرار الصمت»، و«رسالة إلى حبيبي»، و«العيون البرازيلية».
يعلّق: «لطالما كانت بيروت منارة الشرق ومدينة الحب، فقدّمتها من هذا المنطلق. كانت ولا تزال تحتضن المبدعين وتلهمهم، ومع حفل (العرض الكبير) شكّلت جسر تواصل بين الشرق والغرب». يشرح مخول قيمة الحفل انطلاقاً من تنوّع الأنماط الموسيقية: «لا نتحدّث عن العالمية من باب الغرور والاعتداد بالنفس، أو لأني قدّمت حفلاً في رومانيا. العرض يتكلّم بلغات موسيقية عالمية تجمع الشعوب، فيستوعبه كل مَن يحضره، لأنّ الموسيقى لغة التواصل الأشهر على الإطلاق».
كانت مفاجأة الحفل إطلالة المغنّي اللبناني مايك ماسي، فأدّى أغنية «وحدي بدونك» بالفرنسية، ليصفّق له الجمهور إعجاباً. كذلك تلقّف الحضور إطلالة المغنّية الروسية بولينا بحماسة كبيرة، فهي تقيم في بيروت وأصرّت على المشاركة لإبراز تنوّعها الثقافي. أدّت أغنية «لا سالسا ديل موندو» على أنغام موسيقى كوبية بمشاركة نحو 30 راقصاً قدّموا لوحتهم وسط تفاعل لافت.
وتخلّلت الحفل أيضاً عروضٌ مصوّرة بثّتها شاشة عملاقة توسّطت الخشبة، من بينها صور عن بيروت وأخرى عن شخصيات فنية معروفة عالمياً، بينما تناولت مقاطع أخرى مشاهد الحروب ومآسيها. خلال العرض، وُزّعت ورود بيضاء للإشارة إلى السلام، رسالة «العرض الكبير».
لفت الحضور الإنتاج الضخم للحفل، لجهة عدد فريقه الفني من كورال وراقصين وأعضاء أوركسترا. كما حرص مخول على تبديل أزياء الراقصين وديكورات اللوحات المقدَّمة بين وصلة وأخرى. يوضح: «لم أوفر جهداً ليكون الحدث على المستوى المطلوب، فيمثل بلدي بألوانه وموسيقاه وديكوراته. ميزانيات الإنتاجات الفنية تتراجع بشكل ملحوظ، فيقلّصها أصحابها باعتمادهم على فرق موسيقية صغيرة أو غناء الـ(بلاي باك). (العرض الكبير) يحمل رسالة سلام أردناها أن تصل إلى العالم، فلم نبخل إنتاجياً. جاء متكاملاً يُترجم صلابتنا ومقاومتنا وحبّنا للحياة. لكل طريقته بمواجهة المصاعب، ونحن سلاحنا الموسيقى».
بمقطوعة «سوا سوا» اختُتم الحفل، وكانت لفتة تكريمية لبيروت وناسها.