في ظل الحرب الدائرة في الشرق الأوسط.. مصانع آسيا تواجه تكاليف باهظة
تراجع نشاط التصنيع في آسيا مرة أخرى خلال شهر تشرين الأول، بعدما أدى الصراع في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط والتكاليف مع استمرار ضغط الطلب العالمي.
وأفادت غالبية دول المنطقة عن تعرضها لضغوط جراء تضخم التكلفة وانكماش الإنتاج والطلبات الجديدة، بحسب مؤشرات مديري المشتريات التصنيعية التي نشرتها اليوم شركة “إس آند بي غلوبال” ومصرف “أو جيبون بنك” (au Jibun Bank).
كما انكمش مقياس خاص لنشاط المصانع في الصين بشكل غير متوقع، ما يؤكد هشاشة الوضع في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
الحرب
تقدّم هذه البيانات إشارة مثبطة للاقتصاد العالمي، الذي تهدد حالة عدم اليقين بشأن الحرب بين إسرائيل و”حماس” واحتمال نشوب صراع أوسع في المنطقة، محاولته للتعافي.
وواجهت آسيا -التي تصنع قدراً كبيراً من البضائع العالمية- صعوبات في زيادة الإنتاج خلال العام الجاري، في ظل طلب متفاوت من الأسواق الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.
استمرت قراءات مؤشري مديري المشتريات في اليابان وكوريا الجنوبية بالانكماش بشكل حاد، مسجلة 48.7 نقطة و49.8 نقطة على الترتيب، ما يعد تغيراً محدوداً مقارنة بالشهر السابق. توضح القراءة فوق مستوى 50 نقطة حدوث توسع للنشاط، بينما تُظهر أي درجة أدنى من ذلك حدوث انكماش.
وقال أساما بهاتي، الخبير الاقتصادي لدى “إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس” (S&P Global Market Intelligence) في بيان مرفق بالبيانات الخاصة بكوريا الجنوبية: “كان التضخم مرتفعاً، والأقوى خلال العام الجاري حتى الآن، في ظل تقارير حول ارتفاع أسعار المواد الخام، لا سيما المرتبطة منها بالنفط”. وأشار بهاتي أيضاً إلى أن الشركات ذكرت أسعار صرف سلبية، إذ تعرضت عملاتها لضغوط، ما رفع من تكاليف مدخلات الإنتاج.
تكاليف أكبر
على الرغم من أن أسعار النفط بدأت تتراجع من جديد، فإن الحرب في منطقة الشرق الأوسط أثارت موجة من التقلبات خلال الشهر الماضي، في وقت كانت مصانع آسيوية عديدة قد بدأت تستفيد من انحسار التضخم واتساع هوامش الأرباح. في حال اندلاع صراع على نطاق أوسع في المنطقة، قد ترتفع تكاليف النفط الخام بشكل أكبر خلال الربع الجاري. كذلك، فإن أسعار الفائدة المرتفعة -أو تلك التي ترتفع أكثر- يُرجح أن تعيق أي خطط لتوسيع نشاط التصنيع.
وعانت معظم دول منطقة جنوب شرق آسيا –تملك القدرة عادة على الاعتماد على قوة أسواقها المحلية لتحقيق النمو- من الانكماش خلال تشرين الأول الماضي.
وتدهورت مؤشرات مديري المشتريات في كل من فيتنام وميانمار وتايلندا، بينما لم يطرأ تغير عليها في ماليزيا. وحدها إندونيسيا استطاعت التوسع خلال تشرين الأول الماضي مقارنة بالشهر السابق، على الرغم من أن معدل النمو جاء بوتيرة أبطأ.
كما أن التعافي غير المنتظم يبدو جلياً في الصين، إذ أظهر مسح “كايشين” الخاص تراجع مؤشر نشاط التصنيع إلى 49.5 نقطة في تشرين الأول الماضي من 50.6 نقطة في الشهر السابق. يعكس ذلك أيضاً مقياس رسمي آخر أظهر هذا الأسبوع انكماش نشاط المصانع خلال تشرين الأول، نظراً لامتداد العطلات الرسمية خلال الشهر، علاوة على الطلب الضعيف في السوق.
قال وانغ تشي، كبير خبراء الاقتصاد في ” كايشين إنسايت غروب” (Caixin Insight Group)، في بيان ترافق مع صدور بيانات “كايشين” التي أشارت إلى تراجع المعروض والتوظيف والطلب الخارجي: “تضررت ثقة شركات التصنيع خلال تشرين الأول، وبرزت بوادر بلوغ الاقتصاد الحضيض، لكن أساس التعافي لا يعتبر صلباً”.
مستقبل التعافي
ظهرت علامتان على أن الأسوأ قد يكون قد انتهى عبر بعض أنحاء المنطقة على الأقل، إذ يحاول النشاط والطلب التعافي.
سجلت تايوان الرائدة في مجال التجارة -شهدت انكماش مؤشر مديري المشتريات لأكثر من سنة- قراءة 47.6 نقطة خلال تشرين الأول الماضي، وتشير هذه القراءة التي تعتبر الأفضل في 7 أشهر، إلى أن تراجع النشاط الاقتصادي بات أقل حدة.
في غضون ذلك، ارتفعت صادرات كوريا الجنوبية 5.1% خلال تشرين الأول بالمقارنة مع مستوياتها قبل عام، ما يعد أول زيادة منذ أواخر العام الماضي، ويعطي إشارة على وجود مرونة نسبية في الطلب العالمي. وتوقعت شركات التصنيع أيضاً تحسن ثقة الشركات خلال الأشهر الـ12 المقبلة، مشيرة في مسح مؤشر مديري المشتريات إلى أن الطلب المتجدد سيشجع على إطلاق منتجات جديدة، وينشط المبيعات.