طريق غزة لا تمرّ بـ “ستاربكس” أو “مكدونالدز”
أهمية بيروت في تنوعها، وهذا التنوع تفتقده أكثر من عاصمة ومدينة، وبالتأكيد كانوا يصفقون في تل أبيب حين رأوا مشاهد الشغب أمام الجامعة الأميركية في بيروت وأمام مقاهي “ستاربكس” ومطاعم “ماكدونالدز”، وهل هناك خدمةً تُقدّم للإسرائيلي أكثر من هذه الخدمة؟
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
الدكتور جورج حبش، من الرعيل الأوّل في الثورة الفلسطينية، أمين عام الجبهة الشعبية، وكان يلقّب بـ “حكيم الثورة ” هو خريج الجامعة الأميركية في بيروت.
الدكتور قسطنطين زريق، من أهم المؤرخين، وأبرز المحاضرين في الجامعة الأميركية، وهو فلسطيني الأصل، لكنه رفد الجامعة بغزارة إنتاجه وأفكاره.
يصعب تعداد الأدمغة الفلسطينية التي بثّت دم العِلم والفكر في عروق الجامعة الأميركية في بيروت، التي تعرّض فيها مسؤولون أكاديميون للخطف والتي تعرّضت مبانيها للتفجير في أكثر من محطة في الحرب اللبنانية، ومع ذلك بقيت ثابتة وصامدة في موقعها، وأثناء الحرب جرت محاولة لاستحداث فرع لها في الأشرفية، نجحت المحاولة لكن سرعان ما عاد الفرع إلى الأصل.
مَن يحاول اليوم ضرب الجامعة الأميركية في بيروت؟ هل هي مصادفة وعفوية أعمال الشغب والتكسير على مدخلها؟ هل يعرف المشاغبون والمخرِّبون، ومَن وراءهم، ماذا يعني ضرب الجامعة الأميركية؟ هل يريدون تحويل بيروت الى قندهار؟ إذا لم يتبرّأ مَن يقفون وراء أولئك الذين قاموا بأعمال شغب وتكسير ، على مدخل الجامعة الاميركية ، فهذا يعني ان التحرك أبعد من فشة خلق.
وما يُقال عن الجامعة الاميركية في بيروت ، يقال عن مقاهي “ستاربكس” في بيروت وصيدا ، هل يعرف الذين هاجموا تلك المقاهي ان مالكها عربي تناصر بلاده القضية الفلسطينية، بالمال وفي المحافل الدولية اكثر من الفلسطينيين انفسهم؟ هل الذين هاجموا مقاهي “ستاربكس” يشاهدون الطلاب الذين يجلسون في تلك المقاهي و” لابتوباتهم” امامهم حيث يُنجزون دروسهم ومشاريعهم الجامعية؟ حتى هذه الامكنة التي تشكِّل متنفسًا للطلاب يريد الغوغائيون أن يقفلونها؟ والأعمال التخريبية بين الضبيه ومفرق عوكر، هل توصِل إلى غزة؟ إحراق غاليري ومحاولة إحراق le mall، ما المغزى منها؟
التحقيقات لدى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، بدأت، وهناك خيوط ظهرت وأسماء يجري تعقبها لتوقيفها، ولاسيّما الذين أحرقوا غاليري الحاج عند مفترق عوكر والذين حطموا الزجاج والأبواب في ستارباكس، تُركِّز التحقيقات على ما إذا كان ما حصل عملًا فرديًا أو أنّ الذين قاموا به “مدفوعون” من جهات لها مصلحة في توتير الأجواء وإحداث عمليات شغب وفوضى تستفيد منها تلك الجهات لخلق بيئة تسهِّل القيام بأي شيء.
احتمالات العمل الفردي والعمل المخطط له، تكاد وفق التحقيقات أن تكون متساوية، ويقول مرجع أمني: حين تنتهي التحقيقات ستُعلَن لأنّه لا يجوز أن تبقى تلك الأعمال تحت جُنح الغموض، لأنّ الغموض في تلك الحال يؤدي إلى مزيدٍ من فقدان الثقة وبما تبقى منها، في هذا البلد.
أهمية بيروت في تنوعها، وهذا التنوع تفتقده أكثر من عاصمة ومدينة، وبالتأكيد كانوا يصفقون في تل أبيب حين رأوا مشاهد الشغب أمام الجامعة الأميركية في بيروت وأمام مقاهي “ستاربكس” ومطاعم “ماكدونالدز”، وهل هناك خدمةً تُقدّم للإسرائيلي أكثر من هذه الخدمة؟
على التحقيقات ألا تغفل هذه النقطة.