تقرير لـ”The Guardian”: هل ستتحوّل الحرب بين حماس وإسرائيل عالمية؟
مع دخول الحرب بين حركة حماس وإسرائيل أسبوعها الثاني، لا يتعلق القلق الرئيسي للحكومات الغربية بمحنة الفلسطينيين في غزة، وإنما بالاحتمال المثير للقلق والمتمثل في نشوب صراع سريع الانتشار بين القوات الإسرائيلية والأميركية ضد إيران والمجموعات التابعة لها.
وبحسب صحيفة “The Guardian” البريطانية، “تشير العلامات الأخيرة المشؤومة إلى تدهور سريع، والأمر كله في يد إيران. في الواقع، إن القضيتين مترابطتان بشكل وثيق. أخبر القادة العرب أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي الزائر، أنه ما لم تتوقف الهجمات الإسرائيلية التي تتسبب في خسائر بشرية كبيرة في غزة، فإن الحرب قد تتصاعد بشكل لا يمكن السيطرة عليه. ومن جانبه، حذر وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، من أنه “إذا لم تتوقف الاعتداءات الصهيونية، فإن أيدي كافة الأطراف في المنطقة على الزناد”.”
ورأت الصحيفة أن “إسرائيل لن تتوقف. إن الهجوم البري الواسع النطاق والشديد الخطورة على شمال غزة أصبح وشيكًا، ومن المؤكد أن معظم القادة الغربيين يتمنون لو لم يحدث ذلك، لكن وسط الهزات الارتدادية المستمرة من يوم السبت الأسود، يشعر القادة بعدم القدرة على منع ذلك. التصعيد يولّد التصعيد، وتقول الولايات المتحدة إن قرارها بنشر مجموعة حاملة طائرات ثانية في شرق البحر الأبيض المتوسط يهدف إلى تعزيز أمن إسرائيل و”ردع أي دولة أو جهة غير حكومية” عن توسيع الصراع. في الواقع، إن هذه الصياغة الغامضة تخفي قلقاً بشأن احتمال حدوث تصادم مباشر مع إيران”.وتابعت الصحيفة، “إيران هي “الطرف الحكومي” الذي يتحكم وينسق بين “الجهات الفاعلة غير الحكومية”، من حماس وجماعة الجهاد الإسلامي الفلسطينية في غزة، إلى المجموعات التابعة لطهران في سوريا والعراق واليمن، وأكثرهم قوة حزب الله في لبنان. في الواقع، هذا ما يسميه المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي “محور المقاومة”. لا شك أن إيران تنظر إلى الانتشار الإضافي لحاملات الطائرات باعتباره تصعيدًا أميركيًا، ويبدو أنها تحذر وكلاءها من أن جبهات حرب جديدة قد تُفتح قريباً. وبالفعل، تتعرض إسرائيل بشكل يومي لهجمات محدودة من قبل حزب الله وتحذر من “دمار لبنان” إذا انضم الحزب إلى الحرب إلى جانب حماس”.
وأضافت الصحيفة، “تعد الضفة الغربية نقطة اشتعال محتملة أخرى وسط ارتفاع مستويات العنف في الأسبوع الماضي. وفي تصعيد إضافي للتوترات، تتهم إسرائيل إيران بنشر أسلحة جديدة في سوريا أو عبرها لإنشاء جبهة ثانية. إذاً، ما هي خطة إيران، على افتراض أن لديها واحدة؟ ماذا تريد؟ إن هذه الأسئلة تحمل مفتاح الحرب. ففي أعقاب 7 تشرين الأول مباشرة، سارع المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون إلى القول بأنه لا يوجد دليل، في الوقت الحاضر، يشير إلى تورط إيران المباشر، ربما تسرعوا في إصدار الموقف. وربما كانوا يحاولون تجنب المواجهة الكاملة في خضم ما يحصل”.
وبحسب الصحيفة، “تشير التقارير اللاحقة إلى أن مسؤولين إيرانيين كبار كانوا على اتصال وثيق مع حماس في الفترة التي سبقت الهجوم، ويقال إن الجنرال إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني المسؤول عن العمليات العسكرية السرية خارج الحدود الإقليمية، التقى مراراً وتكراراً بقادة حماس وحزب الله. ويُزعم أن أعضاء حماس ناقشوا خطتهم للقيام بعمليات توغل جوية وبرية وبحرية متزامنة في جنوب إسرائيل مع ضباط الحرس الثوري الإيراني في بيروت في 2 تشرين الأول، قبل خمسة أيام من الهجوم، وحصلوا على الضوء الأخضر. من جانبها، تصر حماس على أنها تصرفت بمحض إرادتها. أما إيران، فرحبت بالهجوم، إلا أنها نفت تورطها فيه”.
وتابعت الصحيفة، “طوال “حرب الظل” الطويلة مع إسرائيل، كانت إيران تعمل على مسافة بعيدة، من خلال وكلاء مثل الحوثيين في اليمن، لذلك من الصعب جدًا تصديق فكرة أن طهران، التي تمول وتدرب وتسلح حماس، لم تكن على علم ولم تشارك في التخطيط لعملية السبت الأسود الواسعة النطاق. لإيران دوافع قوية تدفعها إلى توجيه ضربة إلى إسرائيل الآن، فضلاً عن اعتراضها الأساسي على وجود الدولة اليهودية في حد ذاته، خاصة بسبب سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة”.
ورأت الصحيفة أنه “من الناحية الاستراتيجية، يبدو أن انشغال إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بأوكرانيا وميلها نحو آسيا هو بمثابة فرصة لطهران. إن الانسحاب من أفغانستان والعراق، وإعادة تأهيل النظام السوري، يعزز تصوراً مفاده أن الولايات المتحدة تفقد نفوذها واهتمامها بالشرق الأوسط. وتنبع النزعة العدائية المتزايدة لدى إيران أيضاً من تعزيز علاقاتها مع الصين، وخاصة مع روسيا، التي أصبحت الآن من كبار عملاء الأسلحة”.
وتابعت الصحيفة، “استشهد زعيم حماس، إسماعيل هنية، عندما حاول تبرير هجوم 7 تشرين الأول، بالتجاوزات الهجومية بالقرب من موقع المسجد الأقصى في القدس، والعنف المزمن الذي يمارسه المستوطنون اليهود والاستيلاء على الأراضي في الضفة الغربية، والحصار المفروض على غزة منذ 16 عاما. إلا أن زعماء إيران ليسوا مجانين إلى الحد الذي يجعلهم يدعمون دعوة هنية المتطرفة إلى الجهاد الدولي وشن حرب أوسع مع الغرب. وبعد الاضطرابات الأخيرة في الداخل، فإن خامنئي ليس من محبي الانتفاضات الشعبية، لكن كان لديه سبب عاجل آخر للتحرك”.
وبحسب الصحيفة، “إن الاتجاه نحو تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل هو لعنة بالنسبة لطهران، وهي تكره بشكل خاص الاحتمال للتوصل إلى اتفاق إسرائيلي سعودي مدعوم بضمانات أمنية أميركية. فمن شأن هذا التطبيع أن يؤدي إلى عزل طهران سياسيا واقتصاديا، وتقويض أحلامها في الهيمنة الإقليمية. لقد أدى هجوم 7 تشرين الأول إلى إعادة التوازن لصالح طهران، فالرأي العام في العالم العربي غاضب مما يجري في غزة، كما وقام السعوديون بتجميد الصفقة الإسرائيلية”.
ورأت الصحيفة أن “كل هذه العوامل تتضافر لتشير إلى أن إيران المتفائلة تشعر بأن الرياح تدعمها الآن، أما ما إذا كانت هذه الثقة الجديدة، إلى جانب الاستخفاف الخطير بالعزيمة الإسرائيلية والأميركية، سوف تحث طهران على رفع مستوى الرهان بشكل متهور في الأيام المقبلة هو السؤال المركزي الآن في هذه الأزمة الكبرى”.
وختمت الصحيفة، “نادراً ما تبدو المواجهة المباشرة بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة وإيران من جهة أخرى قريبة الحدوث. وكما يقول نتنياهو باستمرار، هذه مجرد البداية. إن الحرب مع حماس قد تكون على وشك أن تصبح عالمية”.