اخترق جدار غزة وقُتل لاحقاً… هذا ما كشفته كاميرا مثبتة على رأس أحد مسلحي حماس
تساؤلات كثيرة أثارتها عملية حماس المباغتة في اختراق ما أطلق عليه وزير الدفاع الإسرائيلي عام 2021 “الجدار الحديدي” بين غزة وإسرائيل وسط تقارير تحدثت عن عوامل وفرضيات، أبرزها “حملة تضليل” وتكتيكات عسكرية عدة.
معلومات جديدة تكشفت عن عشرة ملسحين اخترقوا السياج قادمين من غزة.. “كانوا يعرفون بالضبط كيفية العثور على مركز الاستخبارات الإسرائيلية، وكيفية الدخول إليه”.
فبحسب ما ذكرته “الشرق الأوسط”، بعد عبور المسلحين العشرة إلى إسرائيل توجهوا شرقاً على متن 5 دراجات نارية، وكان مسلحان على متن كل دراجة يطلقان النار بينما كانوا يتقدمون.
وبعد 10 أميال انحرفوا عن الطريق إلى منطقة من الغابات لينزلوا خارج بوابة غير مأهولة إلى قاعدة عسكرية. ثم فجّروا الحاجز بعبوة ناسفة صغيرة ودخلوا القاعدة وتوقفوا لالتقاط صورة جماعية، ثم أطلقوا النار على جندي إسرائيلي أعزل كان يرتدي قميصاً، فقتلوه.
لوهلة، بدا المهاجمون غير متأكدين من وجهتهم التالية. ثم أخرج أحدهم شيئاً من جيبه: خريطة مرمزة بالألوان للمجمع.
وتتابع “الشرق الأوسط”، أنه بعدما أعيد توجيه العسكريين، وجدوا باباً غير مغلق لمبنى محصن. بمجرد دخولهم، دخلوا غرفة مليئة بالحواسيب – مركز الاستخبارات العسكرية. وتحت سرير في الغرفة، وجدوا جنديين يحتميان. وأطلق المسلحون النار عليهما فقتلوهما.
وسُجل هذا التسلسل بكاميرا مثبتة على رأس مسلح قُتل لاحقاً. راجعت صحيفة “نيويورك تايمز” اللقطات، ثم تحققت من الأحداث عبر مقابلات مع مسؤولين إسرائيليين، والتحقق من شريط فيديو للجيش الإسرائيلي عن الهجوم.
إنهم يقدمون تفاصيل مخيفة حول كيفية تمكن “حماس”، التي تسيطر على قطاع غزة، من مفاجأة أقوى جيش في الشرق الأوسط يوم السبت الماضي، والتفوق عليه. لقد اقتحمت “حماس” الحدود واجتاحت أكثر من 30 ميلاً مربعاً، واحتجزت أكثر من 150 رهينة، وقتلت أكثر من 1300 شخص في أكثر الأيام دموية بالنسبة لإسرائيل في تاريخها الممتد 75 عاماً.
مع التخطيط الدقيق والوعي غير العادي بأسرار إسرائيل ونقاط ضعفها، طغت “حماس” وحلفاؤها على طول جبهة إسرائيل مع غزة بعد الفجر بقليل، مما صدم الإسرائيليين الذين لطالما اعتبروا تفوق جيشهم عقيدة.
باستخدام الطائرات المسيّرة، دمرت “حماس” أبراج المراقبة والاتصالات الرئيسية على طول الحدود مع غزة، وفرضت نقاطاً عمياء واسعة على الجيش الإسرائيلي.
وقال مسؤولون إن “حماس” فتحت باستخدام المتفجرات والجرارات فجوات في الحواجز الحدودية، مما سمح لـ200 مهاجم بالدخول في الموجة الأولى، و1800 آخرين في وقت لاحق من اليوم نفسه. وبالدراجات النارية والشاحنات الصغيرة، اقتحم المهاجمون إسرائيل، واجتاحوا ما لا يقل عن 8 قواعد عسكرية، وشنوا هجمات ضد المدنيين في أكثر من 15 قرية ومدينة.
تُظهر وثائق التخطيط لدى “حماس”، ومقاطع الفيديو للهجوم، والمقابلات مع مسؤولي الأمن، أنه كان لديها فهم متطور بشكل مدهش لكيفية عمل الجيش الإسرائيلي، ومكان تمركز وحدات محددة، وحتى الوقت اللازم لوصول التعزيزات.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه بمجرد انتهاء الحرب، سوف يفتح تحقيقاً في كيفية تمكن “حماس” من اختراق دفاعاته بمثل هذه السهولة. لكن سواء أهملت القوات المسلحة حماية أسرارها أو تسلل الجواسيس إليها، أثارت هذه الاكتشافات قلق المسؤولين والمحللين الذين تساءلوا كيف يمكن للجيش الإسرائيلي – المشهور بجمع المعلومات الاستخباراتية – الكشف عن غير قصد عن الكثير من المعلومات عن عملياته.
كانت الساعة 7:20 صباحاً. وكان المئات من مهاجمي “حماس” يحملون بنادق وقاذفات صواريخ محمولة على الكتف ويرتدون عصابات رأس خضراء، ويتدفقون عبر حقول القرية.
كان ذلك جزءاً من هجوم منسق قامت فيه فرق من المهاجمين، من خلال الوثائق والفيديو، بتعيين أهداف محددة. وبينما اجتاح بعضهم القواعد العسكرية، اندفع آخرون بالدخول إلى مناطق سكنية، واختطاف المدنيين.
على طول الحدود، كان مسلحو “حماس” قد اجتاحوا بالفعل معظم، إن لم يكن جميع، قواعد الحدود الإسرائيلية.
أظهرت لقطات من كاميرات محمولة على رأس المهاجمين، بما في ذلك شريط الفيديو الذي يصوّر الغارة على مركز الاستخبارات، أن مسلحي “حماس” – من لواء النخبة المدرب تدريباً عالياً – يُحطمون حواجز عدة قواعد في الضوء الأول من الصباح.
مع تعطل الكثير من أنظمة الاتصالات والمراقبة، لم يتمكن الإسرائيليون في كثير من الأحيان من رؤية قوات نخبة “حماس” قادمة. وقد وجدوا صعوبة في طلب المساعدة والحصول على استجابة. وفي كثير من الحالات، لم يتمكنوا من حماية أنفسهم، ناهيكم عن القرى المدنية المحيطة.
وأظهرت وثيقة تخطيط لـ”حماس” – عثر عليها المستجيبون الإسرائيليون في إحدى القرى – أن المهاجمين كانوا منظمين في وحدات محددة جيداً ذات أهداف وخطط قتالية واضحة. أوضحت الوثيقة أن إحدى الفصائل عينت ملّاحين وسائقين، بالإضافة إلى وحدات من الهاون في المؤخرة؛ لتوفير غطاء للمهاجمين. كان لدى المجموعة هدف محدد – الكيبوتز – وتم تكليف المهاجمين باقتحام القرية من زوايا محددة. وكانت لديهم تقديرات لعدد القوات الإسرائيلية المتمركزة في المواقع القريبة، وعدد المركبات التي تحت تصرفهم، والمدة التي تستغرقها قوات الإغاثة الإسرائيلية للوصول إليهم.
في مكان آخر، نصب مهاجمون آخرون كميناً للتعزيزات العسكرية الإسرائيلية عند مفارق الطرق الرئيسية، طبقاً لأربعة من كبار الضباط والمسؤولين. وكان لدى بعض الوحدات تعليمات محددة للقبض على الإسرائيليين لاستخدامهم ورقةَ مساومة في عمليات تبادل الأسرى مع إسرائيل في المستقبل. وجاء في الوثيقة: “خذوا الجنود والمدنيين أسرى ورهائن للتفاوض معهم”.
كان مركز الاستخبارات بالقرب من غزة من أول الأماكن التي استعادت إسرائيل السيطرة عليها. في وقت متأخر من الصباح، وصل الجنود وجنود الاحتياط من وحدات متنوعة إلى القاعدة من اتجاهات مختلفة، ليتغلبوا على 10 مسلحين من غزة والذين صوروا هجومهم القاتل على شريط فيديو. التقطت الكاميرا المثبتة على رأس قائد “حماس” لحظة إطلاق النار عليه وقتله. تسقط الكاميرا وترتد على الأرض. (العربية)