الـ”New York Times”: تأثيرات متعددة لهجوم حماس وهذه الدول ستتأثر بالحرب
الهجوم الأخير الذي شنته حركة حماس على إسرائيل ليس كسابقاته، فموجات الصدمة التي ستطلقها هذه الحرب لن تدفع إسرائيل والفلسطينيين في غزة إلى الفوضى فحسب، بل ستطال تردداتها أيضًا أوكرانيا والمملكة العربية السعودية، وعلى الأرجح إيران.
وبحسب صحيفة “New York Times” الأميركية، “فإن أي حرب طويلة الأمد بين إسرائيل وحماس يمكن أن تحوّل المزيد من المعدات العسكرية الأميركية التي تحتاجها كييف إلى تل أبيب، وستجعل صفقة التطبيع السعودية- الإسرائيلية المقترحة مستحيلة، أقله في الوقت الحالي. وإذا تبين أن إيران هي من شجعت هجوم حماس لإحباط الصفقة الإسرائيلية السعودية، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة التوترات بين إسرائيل وإيران ووكيل طهران في لبنان، حزب الله، من جهة، وكذلك بين المملكة العربية السعودية وإيران من جهة ثانية. إذاً، ما نشهده حالياً يشكل لحظة خطيرة على جبهات متعددة”.
وتابعت الصحيفة، “رأى العديد من المحللين الإسرائيليين، من بينهم ناحوم برنيع، صحفي مخضرم في صحيفة يديعوت، أن ما حدث مؤخراً هو بمثابة كارثة، وذهب الأمر ببعضهم الى اعتبارها أسوأ من هجوم حرب تشرين المفاجئ من مصر وسوريا، والذي حدث قبل 50 عاما. وفي حديث مع كاتب المقال، قال ناحوم، إن الجيش الإسرائيلي تعرض للإذلال، “ففي عام 1973، تعرضنا لهجوم من قبل أكبر جيش عربي، مصر”. أما اليوم، فقد تم غزو إسرائيل في 22 موقعًا خارج قطاع غزة من قبل قوة عسكرية فلسطينية. ومع ذلك، فإن هذه القوة الصغيرة لم تدخل إسرائيل فحسب، إنما تغلبت على قوات الحدود، وتمكنت من احتجاز رهائن ونقلهم إلى داخل غزة عبر الحدود عينها التي أنفقت فيها إسرائيل ما يقرب من مليار دولار لإقامة جدار كان من المفترض أن يكون غير قابل للاختراق فعليًا. إن ما حدث يشكل ضربة صادمة لقدرات الردع الإسرائيلية”.
وأضافت الصحيفة، “ثانياً، أشار ناحوم إلى أن إسرائيل لطالما افتخرت بقدرة أجهزتها الاستخباراتية على اختراق حماس والمسلحين الفلسطينيين في الضفة الغربية والحصول على إنذارات مبكرة. إلا أنه وخلال الأسابيع القليلة الماضية، كانت حماس تجري ما بدا وكأنه مناورات تدريبية لهذا النوع من الهجوم على طول حدود غزة، مباشرة أمام أعين الجيش الإسرائيلي. ولكن يبدو أن المخابرات الإسرائيلية فسرت هذه التحركات على أنها مجرد محاولة من حماس للعبث مع قادة الجيش الإسرائيلي وإثارة قلق قادته، ولم تعتبرها كمقدمة لهجوم. يبدو أن المخابرات الإسرائيلية اعتقدت أن حماس في حاجة ماسة إلى المزيد من المساعدة المالية من قطر، التي منحتها أكثر من مليار دولار كمساعدات منذ عام 2012. وقال ناحوم: “اعتقدت المخابرات الإسرائيلية أن حماس كانت تقوم بتدريبات فقط وأنها لن تجرؤ على القيام بهذه الخطوة. إنما تبين أن هذا الاعتقاد لم يكن في مكانه”. وعوضاً عن ذلك، شنت حماس غزوًا معقدًا ومتطورًا بشكل لا يصدق من البر والبحر”.
ورأت الصحيفة أن “الخطوة التي أظهرت مدى ضعف إسرائيل هي تمكن حماس من احتجاز عدد من الإسرائيليين ونقلهم إلى غزة. وفي الوقت نفسه، احتجز المقاتلون الفلسطينيون مجموعات من الإسرائيليين كرهائن في بلدتي بئيري وأوفاكيم الحدوديتين، لكن القوات الخاصة الإسرائيلية أطلقت سراحهم في نهاية المطاف. إن ما حدث سيشكل مشكلة كبيرة بالنسبة لإسرائيل. ففي ولايته السابقة، في عام 2011، قام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمقايضة 1027 سجيناً فلسطينياً مقابل استعادة جندي إسرائيلي واحد، غلعاد شاليط، من حماس في غزة. وأشار ناحوم إلى أنه قد يُطلب من نتنياهو إخلاء كل السجون الإسرائيلية من الفلسطينيين إذا كانت حماس تحتجز كبار السن والأطفال في غزة. ووعد نتنياهو يوم السبت بتوجيه ضربة ساحقة لحماس في غزة، ولكن ماذا لو كانت حماس تحتجز مدنيين إسرائيليين يمكن استخدامهم كدروع بشرية؟ وقال ناحوم: “كل ما سيقدم الجيش في غزة على فعله في المستقبل سيتطلب منهم أن يأخذوا في الاعتبار التأثير الذي يمكن أن يحدثه على حياة الرهائن المدنيين”.”
وسألت الصحيفة، “لماذا شنت حماس هذه الحرب الآن؟ يتعين على المرء أن يتساءل عما إذا كان ذلك نيابة عن الشعب الفلسطيني أم بناء على طلب من إيران، المورد المهم للمال والسلاح لحماس، للمساعدة في منع التطبيع الناشئ للعلاقات بين المملكة العربية السعودية، منافس إيران، وإسرائيل. إن مثل هذه الصفقة ستفيد أيضًا السلطة الفلسطينية الأكثر اعتدالًا في الضفة الغربية وذلك من خلال تقديم ضخ ضخم من الأموال من المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى فرض قيود على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ونتيجة لهذا فإن زعماء الضفة الغربية ربما اكتسبوا دفعة من الشرعية المطلوبة بشدة من جانب الجماهير الفلسطينية، الأمر الذي يهدد شرعية حماس”.
ورأت الصحيفة أن “هذا الاتفاق الأميركي – السعودي – الإسرائيلي كان من الممكن أيضًا أن يكون بمثابة زلزال دبلوماسي كان سيتطلب على الأرجح من نتنياهو التخلص من الأعضاء الأكثر تطرفًا في حكومته في مقابل تشكيل تحالف بين الدولة اليهودية ودول الخليج الفارسي التي يقودها السنّة ضد إيران. إنما، وفي أعقاب هجوم حماس، أصبحت هذه الصفقة الآن في حالة جمود عميق”.
وبحسب الصحيفة، “من شأن هذا الصراع أن يطال أيضاً أوكرانيا، التي تتعامل حالياً مع الهزات داخل الحكومة الأميركية. فقد خلقت الإطاحة برئيس مجلس النواب، كيفين مكارثي، فوضى سياسية أدت، في الوقت الحالي، إلى عدم الموافقة على المزيد من المساعدات الأميركية لأوكرانيا. إذا كانت إسرائيل على وشك غزو غزة والشروع في حرب طويلة، فسوف يتعين على أوكرانيا أن تقلق بشأن المنافسة مع تل أبيب على صواريخ باتريوت، فضلاً عن قذائف المدفعية عيار 155 ملم وغيرها من الأسلحة الأساسية، التي تحتاج أوكرانيا بشدة إلى المزيد منها، تماماً مثل إسرائيل”.