هل تقبل القوى السياسية بالطرح الفرنسي؟
كتب عمر البردان في “اللواء”:
يعكس عدم صدور أي بيان عن اجتماع المجموعة الخماسية في نيويورك على مستوى وزراء الخارجية، أن الأمور ما زالت معقدة، وأن تباينات واضحة لا زالت تؤخّر التوافق على خارطة الطريق التي يرجح أن تعتمدها المجموعة لإخراج لبنان من مأزقه الرئاسي، وإن أكد المجتمعون أن «السقف الزمني لانتخاب رئيس لا يجب أن يكون مفتوحًا».
وأشارت المعلومات الى أن اللجنة عرضت أسماء المرشّحين للرئاسة اللبنانية، من دون إبداء أي طرف ميلًا نحو اسم معيّن، في ظل حديث تم تسريبه عن وجود تباينات أميركية فرنسية داخل «الخماسية» بشأن سبل معالجة الأزمة الرئاسية في لبنان، ما جعل الأميركيين يشجعون الجهود القطرية أكثر من الفرنسية، لإيجاد حل للأزمة الرئاسية في لبنان، استناداً إلى تجارب الدوحة على هذا الصعيد.
وأكدت أوساط دبلوماسية خليجية أن «كلام أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الأمم المتحدة، يعبر بوضوح عن قلق بلاده إزاء مستقبل الأوضاع في لبنان، ما يفسر تكثيف الدوحة لجهودها من أجل إخراج لبنان من مأزقه، بالتشاور مع المملكة العربية السعودية و«الخماسية»، مشددة على أن وصول الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني إلى بيروت، أمس، يأتي انطلاقاً من دعم «الخماسية» لقطر من أجل إيجاد حل للأزمة الرئاسية في لبنان، سعياً لترجمة جهود بلاده للإسراع في انتخاب رئيس جديد للبنان»، توازياً مع سلسلة اتصالات عربية ودولية من أجل وضع قطار الحل في لبنان على سكته، وسط حرص خارجي على الإسراع في إنجاز الولادة الرئاسية، في مهلة أقصاها نهاية السنة.
وإزاء استمرار وجود عقبات تحول دون التوافق على رسم معالم التسوية المنتظرة، فإن هناك حاجة إضافية لمزيد من المشاورات بين ممثلي «الخماسية»، سعياً لتهيئة المناخات التي تسمح للحراك القطري أن يؤتي ثماره، بحيث يكون للبنان رئيس في وقت قريب. وأن يحظى بدعم داخلي وخارجي يمكِّنه من القيام بالدور المطلوب منه، في ظل الصعوبات التي تعترض مسيرة إنقاذ لبنان من أزماته. وهذا ما يركز عليه الحراك القطري الذي يعتبر أن وضع لبنان المأزوم، لا يتحمل رئيساً يمثل أحد الأطراف، وإنما لا بد من انتخاب رئيس توافقي قادر على جمع اللبنانيين، وأن يكون على مسافة واحدة من جميع الفرقاء.
وفي حين علمت «اللواء» أن «الثنائي» قابل بتحفظ كلام البطريرك مار بشارة بطرس الراعي من أستراليا بشأن عدم تأييده الحوار، وأنه يعتبر أن انتخاب الرئيس هو الحوار، فإن أوساط بكركي، لا تعتبر أن الحوار شرط لانتخاب الرئيس العتيد، لأن الدستور لا يقول بذلك، في حين اتهمت مصادر المعارضة، «الثنائي»، بأنه لم يتقبّل بعد خيار المرشح الثالث، باعتبار أنه لا يزال يراهن على إمكانية أن يكون لمرشحه سليمان فرنجية فرصة للوصول إلى قصر بعبدا. ولذلك فهو يُصرّ على الحوار، علّه ينجح في إقناع الآخرين بمشروعه، وهو أمر غير وارد على الإطلاق». لا بل أكثر من ذلك، فإن المصادر تعتبر أن ما قاله البطريرك الراعي من سيدني، يشكل تطوراً بارزاً في موقف البطريركية المارونية من الملف الرئاسية، بمعنى أنها لا تقبل بأي حوار حول الانتخابات الرئاسية، في إشارة ضمنية إلى رفضها دعوات رئيس البرلمان والموفد الفرنسي جان إيف لودريان.
وانطلاقاً مما تقدّم، فإن باريس مطالبة بقراءة مواقف البطريرك الراعي، كما تقول المصادر، قبل عودة الموفد لودريان إلى بيروت آخر الجاري، كي لا تبقى الأمور تراوح، طالما بقي «الثنائي» على موقفه، باعتباره الحوار معبراً أساسياً لانتخاب رئيس للجمهورية. ولا يبدو من خلال المواقف المعلنة، وبعدما رفع البطريرك السقف الاعتراضي على الحوار، فإن المعطيات المتوافرة لا تشير إلى أن فرص نجاح الحوار تبدو مرتفعة، طالما أن هناك قسماً كبيراً من القيادات السياسية يعارض هذا الحوار، ويدعو إلى تطبيق الدستور لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
والسؤال الذي يُطرح في ظل هذا الواقع الدقيق، ووسط انسداد مخارج الحلول، هل تقبل القوى السياسية بالطرح الفرنسي لعقد طاولة نقاش في قصر الصنوبر، عندما يعود الموفد لودريان إلى بيروت، ومن ثم يصار إلى عقد دورات متتالية لمجلس النواب، مع التعهد بعدم الانسحاب، حتى انتخاب الرئيس الجديد؟، أم أن حالة المراوحة ستبقى قائمة؟، ما يزيد في عمر الشغور، ويفتح الأبواب أمام تطورات قد لا تكون في الحسبان، في ظل تزايد المخاوف من تداعيات النزوح الكارثية التي تهدد لبنان بأفدح العواقب. وهو ما حذر منه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب في اللقاءات التي عقداها في نيويورك