لا رئيس في أيلول… ماذا عن تشرين؟
كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
إذا كانت الدعوة إلى الحوار هي أبرز ما ركزت عليه لقاءات الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت، فإن الاستجابة لها لا تزال تنتظر ولعل ما سُرِّب عن دخول الملف الرئاسي مرحلة من البحث عن أسماء جديدة يستحق التوقف عنده، أي أن ورقتي دعم كُلٍّ من رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد ازعور لم تعد قائمتين، وهذا يقود إلى نتيجة واحدة: بدء ظهور أسماء مرشحة إلى العلن في المرحلة التالية سواء دخلت فرنسا على خطها أو من خلال موفدين آخرين. لن يتم تعليق السعي الفرنسي لانتخاب رئيس جديد للبلاد وهذا أمر مُسلَّمٌ به، قد تكون هناك استراحة قصيرة لكن ستبقى فرنسا اللاعب الرئيسي في الإستحقاق الرئاسي. ما بعد زيارة لودريان ستتضح المشهدية بشأن مصير الحوار وما إذا كان سيعقد بشكل ثنائي أو ثلاثي أو غير ذلك، كما أن الملف الرئاسي سيكون على موعد مع انطلاقة حركة اتصالات عنوانها طرح خيارات جديدة بالنسبة إلى الأسماء إلا إذا أخفت النوايا أمراً ما.
والمؤكد أيضا أن الحوار ستعقبه جلسات انتخاب كما هو متفق عليه، لكن المشكلة تكمن في التفاهم على هذا الحوار وموعده وجدوله وشكله، لكنه الحل الاقرب بالنسبة إلى افرقاء كثيرين.
وفي المعلومات المتوافرة لـ«اللواء» أن ما من معطيات تؤشر إلى ان زيارة لودريان ستحدث خرقا أساسيا وما تمكن من انجازه هو إستماعه إلى الأفرقاء الذين التقى بهم ونقل جوا معينا وتبادل الآراء ولكن ما من نتيجة تم التوصل إليها.
وفي هذا السياق تشير مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» إلى أنه قلص الفوارق بين الأفرقاء لجهة تحديد المواقف، وبالتالي حدد كل طرف موقفه والصورة أصبحت واضحة وأن هناك صعوبات تواجه الاسمين التقليديين أي فرنحية وازعور وهناك شبه استحالة في تأمين أكثرية الثلثين من أجل النصاب بفعل توازنات المجلس النيابي، مؤكدة أن هناك انطباعا خرج به المعنيون ويفيد أن هناك صعوبة في إبقاء الأمور مقتصرة على هذين الاسمين أي مرشح لفريق الممانعة ومرشح لفريق المعارضة.
وتشدد هذه المصادر على أن المحصلة الأقرب إلى المنطق هي أن يصبح الخيار الثالث هو الأصح أو الأكثر بحثا في المرحلة المقبلة وفي هذا المجال هناك أسماء ستطرح من قبل الأفرقاء لكن ما من أكثرية تضمن فوز هذا الخيار، فهو يتطلب توافقا محليا على الاسم ودعما دوليا لهذا التوافق، وهذان الشرطان الاساسيان دونهما صعوبة وهي تتصل بالتوافق المحلي لأن ما من اسم يحظى بهذا التوافق ويستطيع أن يؤمن غالبية الثلثين للنصاب، لا اسم قائد الجيش العماد جوزف عون يحظى بذلك حتى الآن على الاقل، ولا أي اسم يطرح من فريق الممانعة أو أية أسماء تطرح من افرقاء آخرين.
وتفيد أن المسألة تستغرق وقتا وهذا يعني أن شهر أيلول سيمر مرور الكرام وليس معروفا إذا كان سينسحب ذلك على شهر تشرين الأول بفعل استحالة قيام توافق محلي على اسم، كما ان هناك صعوبة في تحقيق الشرط الثاني أي الدعم الدولي، وتعتبر أن اجتماعات نيويورك على هامش أعمال الجمعية العمومية قد تحرك الملف لكن ليس مضمونا أنها تحرك التوافق، ولذلك كل فريق يطرح الموضوع، أما حوار رئيس مجلس النواب نبيه بري فمن الواضح أنه سيكون حوارا غير مكتمل الحضور، بسبب مقاطعة افرقاء، وقد يعقد بمن حضر وربما يساعد ولكنه لن يشكل الحل.
وبالنسبة إلى الدعم الدولي، فلا بد من قيام توافق بين الدول الأساسية وليس الدول الخمس فحسب والتي تملك توجها واحدا، فهناك إيران وهنا لا بد من الإشارة الى العلاقات الإيرانية – الأميركية والعلاقات السعودية – الإيرانية لأن أي دعم خارجي يتطلب توافقا دوليا حوله، وما لم يحصل توافق بين هذه الدول على الخيار الذي يعد الأقوى لدى اللبنانيين فإن ما من تقدم يسجل على المدى القريب، ولذلك ما حققته زيارة لودريان هي تضييق الخيارات، وصار معروفا أن هناك فريقا أساسيا يرفض السير بفرنجية، كما أن هناك فريقا أساسيا آخر لن يسير بأزعور، وبالتالي من الصعوبة بمكان انتخاب أحد منهما،ولا بد من أن تتوحد الجهود للخيار الثالث، وفي هذا المجال اسم قائد الجيش موجود لكن ما من توافق داخلي حوله بسبب اعتراض التيار الوطني الحر وبعض الأفرقاء الذين يتحدثون عن كفاءة العماد عون في قيادة الجيش، لكن الرئاسة شيء وقيادة الجيش شيء آخر بالنسبة لهم، وبالتالي فإن أسماء أمثال الوزير السابق زياد بارود وجورج خوري والياس البيسري وناجي البستاني تملك حظوظا متشابهة، إنما ليس معروفا على من يرسو الخيار، فالمواصفات المطلوبة لرئيس الجمهورية أي الا يكون طرفا كما الا يشكل نقزة لأي فريق وغير ذلك من مواصفات يتم وضعها للخيار الثالث تنطبق على كل هؤلاء وانما بنسب متفاوتة.
وتعتبر أن المسألة قد تستغرق وقتا ولن يشهد الشهر الحالي انتخاب رئيس للبلاد في حين أنه في شهر تشرين الأول المقبل لا بد من ترقب المسار الخارجي ومدى قيام تقارب في وجهات النظر، لأن لودريان عمل على تضييق الخيارات وبالتالي سيحصل تشاور بين أعضاء اللجنة الخماسية لمعرفة التوجه، ومعلوم أنه بالنسبة إلى القطريين والأميركيين فإن لقائد الجيش حصة كبيرة من الدعم، وفي المقابل هناك أطراف آخرون لا تسير بهذا المشروع وهناك المحظور الدستوري بشأن انتخاب رئيس من الموظفين والبعض يتحدث عن تجاوز هذا المحظور كما حصل أيام الرئيس ميشال سليمان، لكن الأمر ليس بالسهولة نفسها وفق ما تقول هذه المصادر وتشير إلى أنه لا بد من رؤية مفاعيل التأثير الخارجي على الساحة المحلية ولكنها ليست بالقوة ذاتها التي كانت سائدة عندما طرح اسم الرئيس سليمان، والوضع مختلف في الوقت الراهن.
وتختم المصادر قائلة: لا يكمن القول أن مهمة لودريان نجحت أو أنها فشلت، لأنه في الاساس لم يحضر لفرض حل أو للتسويق لهذا المرشح أو ذاك، وهو حضر إلى لبنان لتقريب المسافات والمتباعدين أو على الاقل الحصول على مواقف نهائية تقريبا من الطروحات الموجودة وهذا ما حصل عليه، في حين أنه لا بد من معرفة كيفية معالجة النتائج وإن لم تكن هناك حظوظ لرئيس تيار المردة كيف يمكن إقناعه أن حظوظه تراجعت وأن يتقبل إخلاء الساحة طورا كي لا يُحرج حليفه حزب الله،وكذلك كيف يمكن إقناع المعارضة أن لم تكن هناك حظوظ لمرشحها أي ازعور بالبحث عن مرشح آخر وهنا يمكن توقع حركة اتصالات بين الداخل والخارج خلال الشهر المقبل. فإذا خرجت بنتيجة يمكن أن ينتخب رئيس جديد في تشرين الأول المقبل واذا بقيت وجهات النظر متباعدة فيتأجل الأمر شهرا إضافيا.