اقتصاد

بعد الذهب.. هل يكون الفضة ملاذاً آمناً؟

11 أيلول, 2023

“طوابير طويلة أمام محال الذهب.. ازدحام واسع وتدافع من أجل شراء السبائك”.. مشاهد عرفتها مصر قبل شهور في ظل الخسائر المتتالية لقيمة العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي، وبما دفع المواطنين إلى اللجوء لوسائل التحوط التقليدية الأكثر أماناً بالنسبة لهم، وعلى رأسها “الذهب”.

بينما على الجانب الآخر لم تحظ فيه المعادن الأخرى، وأهمها الفضة، بنفس الإقبال كوسيلة تحوط، على اعتبار أنه عادة ما تقتصر ثقافة اقتناء الفضة عند الكثير من المصريين بأنها نوع من الحُلي والزينة، ورغم كونها معدن ذو قيمة اقتصادية ويدخل في عديد من الصناعات ويمكن أن يكون وسيلة للاستثمار والادخار على المدى الطويل، إلا أنه لم يحظ بشهرة المعدن الأصفر “الذهب” الذي يعد ملاذاً آمنا ووسيلة للتحوط دائماً، لا سيما في فترات الأزمات الاقتصادية.

وفيما تدفع الأوضاع الاقتصادية المتقلبة والضغوط التضخمية عالمياً، الأفراد نحو التفكير في سُبل مختلفة للتحوط، تعد المعادن ذات القيمة وسيلة لذلك، فعلى الرغم من أن الغالبية تميل إلى الذهب، إلا أن ارتفاع سعره في ظل انخفاض سعر الفضة قد يجعل الأخيرة خياراً بديلاً، بشكل خاص لأصحاب المدخرات البسيطة لتكون وسيلتهم للتحوط.. فما جدوى ذلك من الناحية الادخارية والاستثمارية؟
في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، تحدث محللون اقتصاديون عن هذا المعدن الذي عادة ما يسقط من الحسابات والخيارات الاستثمارية والادخارية بالنسبة للكثيرين، وشرحوا مدى جدوى إمكانية استخدامه كوسيلة تحوط وارتباط ذلك بالثقافة السائدة عن الفضة كحلي وليس كمخزن قيمة، على النحو التالي:

عوامل أساسية

في البداية، تؤكد خبيرة أسواق المال، الدكتورة حنان رمسيس، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن الفضة تعد وسيلة من وسائل التحوط على المدى الطويل، مستدلة على ذلك بإقبال البعض على شرائها بأشكالها المختلفة عند ارتفاع أسعار الذهب ووصوله إلى أسعار قياسية خلال الأشهر الماضية.

وأضافت أنه كان هناك اتجاه لدى بعض المتعاملين لشراء عقود آجلة من الفضة، لكنه لم يكن بنفس قيمة ومكانة الذهب -حيث من الصعوبة بمكان المقارنة بين المعدنين- غير أن ذلك يعكس حقيقة أن الفضة قد تكون بالنسبة للبعض وسيلة من وسائل الاستثمار على المدى الطويل وتدريجياً من الممكن أن تكون لها مكانة وقيمة بين الاستثمارات، لا سيما مع دخولها في عديد من الصناعات التكنولوجية.

إلا أن الثقافة الغالبة على المتعاملين الآن تصب في صالح تفضيل الذهب والعيارات الأكثر نقاوة عن الفضة، وأن المعدن الأبيض لم يصل إلى مكانة الأصفر لأنه غير مُجدي وليس لديه أي قدرة على منع تآكل المُدخرات، حال كان التحوط به في شكل سبائك كاملة أو مشغولات للزينة ففي كل الأحوال يمكن الاستفادة منه. فيما تشير رمسيس إلى أن بعض المتعاملين في الأسواق الأميركية على سبيل المثال يفضلون التعامل من خلال السبائك الفضية (..).
وأشارت في السياق نفسه إلى الارتفاعات التي سجلها مؤشر الفضة خلال السنوات الماضية بعد العام 2020، مشيرة إلى أن سعر الفضة يرتفع مع الوقت، ويمكن تحقيق مكاسب من خلاله على المدى الطويل، ارتباطاً بحالة الطلب على هذا المعدن بأشكالها المختلفة.

يدور سعر الفضة حالياً حول مستوى 24 دولاراً للأونصة في الوقت الحالي.
تقديرات البنك الدولي -التي نشرها في تشرين الأول من العام الماضي- كانت تشير إلى أن متوسط سعر هذا المعدن سوف يتداول عند مستوى الـ 21 دولار طيلة العام 2023 وسوف يبقى ثابتاً عند نفس المستوى في العام 2024.
يشكل هذا السعر تراجعاً بنسبة نحو 5 بالمئة منذ بداية العام، إلا أنه لا يزال عند أعلى مستوى مقارنة بمستويات ما قبل 2020.
وخلال فترة وباء كورونا صعد مؤشر أسعار الفضية مدفوعاً بزيادة الطلب، وقد وصل إلى مستوى 5 دولاراً في نهاية آب 2020.
وتقول خبيرة أسواق المال إن توجه البعض للاستثمار والتحوط بالفضة يرتبط ببعض العوامل التي تدعم هذا التوجه من بينها:

تغير ثقافة المتعاملين تجاه أهمية وقيمة المعدن ومدى جاذبيته الاستثمارية.
أسعار الذهب وتحركاتها، فإذا كان سعره قد وصل لنقاط تجعل المتعاملين ليس لديهم القدرة على شرائه يتجهون نحو شراء وسائل أخرى للتحوط، قد يكون من بينها الفضة، بينما حال انخفاض سعره يعودون لشرائه مرة أخرى.
قدرة سبائك الفضة على تحقيق أرباح وطفرات سعرية (في ظل دخوله في عديد من الصناعات).
مدى معرفة المتعاملين بالسوق واتجاهاتها على غرار معرفتهم بسوق الذهب واتجاهاتها.

شارك الخبر: