اقتصاد

بين العبقرية والحماقة… هكذا خسر أشهر علماء التاريخ ثروة ضخمة في البورصة

9 أيلول, 2023

لا يكفي التحلي بمعدلات الذكاء المرتفعة والتعليم العالي لصنع مستثمر ذكي، ففي عام 1998، خسر صندوق “لونغ تيرم كابيتال مانجمنت”، وهو صندوق حماية كانت تديره كتيبة من علماء الرياضيات والكمبيوتر واثنان من الاقتصاديين الحاصلين على جائزة نوبل، ما يزيد على ملياري دولار في غضون أسابيع فقط بسبب رهان على أن سوق السندات سوف تعود إلى طبيعتها، ولكن ظلت سوق السندات على خلاف مع طبيعتها بل ازدادت تحركاتها شذوذاً مما اضطر الصندوق لاقتراض قدر هائل من الأموال، وكاد انهياره يقوّض دعائم النظام المالي بأسره.

وفي ربيع عام 1720 كان “إسحاق نيوتن” يمتلك أسهماً في شركة “ساوث سي”، أكثر الأسهم الإنكليزية رواجاً، ولكن لشعوره بأن حركة السوق قد بدأت تخرج عن السيطرة، وصف الفيزيائي العظيم ذلك الموقف بقوله “إنني أستطيع حساب حركة الأجرام السماوية، ولكن لا يمكنني حساب جنون البشر”؛ لذلك قام نيوتن بالتخلص من أسهمه وحصل على ربح يصل إلى 100% بإجمالي 7000 جنيه إسترليني.

ولكن بعدها بعدة أشهر وبعد أن جرفه حماس السوق في تياره عاد “نيوتن” لشراء أسهم الشركة، ولكن بسعر أعلى مما جعله يخسر 20 ألف جنيه إسترليني (أي ما يعادل 3 ملايين دولار بأموال بداية الألفية)، وطوال حياته منع “نيوتن” أي شخص يتلفظ باسم “ساوث سي” في وجوده.

وبرغم الإجماع على عبقرية “نيوتن” ووصفه بأنه أكثر البشر ذكاءً في التاريخ القريب، إلا أنه لم يكن “مستثمراً ذكياً”. فعندما سمح لضجيج العامة بأن يعلو على صوت حكمته، فإن أعظم علماء العالم تصرف كالأحمق.

تأسست شركة بحر الجنوب عام 1711، كانت في المقام الأول خطة لإدارة ديون الحكومة البريطانية. وكان نيوتن من أوائل المستثمرين وحقق أرباحاً جيدة مع ارتفاع سعر أسهم بحر الجنوب على مدار العقد الأول من القرن الثامن عشر. ومع ذلك، في عام 1720، شهدت أسهم الشركة واحدة من أكثر الارتفاعات والانخفاضات الأسطورية في التاريخ المالي.

وكان الهدف الأساسي من تأسيس شركة بحر الجنوب عام 1711 هو التعامل مع مشكلة مالية ملحة. إذ كان لدى الحكومة البريطانية عدد كبير من الديون غير المدفوعة المتراكمة، إلى حد كبير من المقاولين الذين كانوا يزودون الجيش البريطاني خلال حرب الخلافة الإسبانية. وعرضت الحكومة على دائنيها أسهم بحر الجنوب، وهو منتج مماثل للأسهم في شركة حديثة. ولم يعد السهم بالسداد الكامل للأموال المستحقة للدائنين، لكنه وعدهم بدفع الفوائد بشكل منتظم.

تلقت شركة بحر الجنوب الأموال من الحكومة لدفع تلك الفائدة للدائنين. كما احتكرت الشركة أيضاً التجارة البريطانية مع الساحل الغربي للأميركتين وجزء من الساحل الشرقي لأميركا الجنوبية، ومن هنا جاء اسم “شركة بحر الجنوب”. واستفادت الشركة من بيع بعض البضائع البريطانية، والأهم من ذلك، من بيع الأفارقة المستعبدين. أغرى المشروع المستثمرين بوعدهم بأن الأرباح من التجارة في البحار الجنوبية ستضيف سخاءً إلى مدفوعات الفائدة الخاصة بهم.

وعلى الرغم من خسائر “نيوتن” الفادحة بسبب استثماره في شركة “ساوث سي”، والتي قدّرت بنحو 20 ألف جنيه إسترليني، إلا أنه عندما مات عام 1727، كانت ثروته تقدر بـ 30 ألف جنيه إسترليني، فضلاً عن دخله السنوي البالغ 3000 جنيه إسترليني والناتج عن راتبه كمدير صك العملة، ورئيس الجماعة الملكية البريطانية، واستثماراته في الأوراق المالية.

وكان عمر “نيوتن” في عام 1720 عندما انفجرت فقاعة “ساوث سي” 80 عاماً، ويعزو البعض خسائره إلى أنه كان قد تقدم في العمر بشكل كبير وحتى أن اكتشافاته العلمية كان قد مر عليها عقود، ولم تكن له أي أبحاث للعديد من السنوات بعد استقالته من جامعة “كامبريدج”.

المصدر: العربية

شارك الخبر: