لهذه الأسباب.. اختلف موقف فرنسا تجاه انقلابَي النيجر والغابون
تعاملت فرنسا بهدوء مع انقلاب الغابون على عكس ما جرى في النيجر، ورغم إدانة الانقلاب والدعوة لاحترام نتائج الانتخابات، فإن باريس لم تحشد الأصوات الدولية والإقليمية للوقوف ضد سلطات الانقلاب، ولم تلوح بالتدخل العسكري.
في رد على تساؤلات بهذا الشأن، صرح الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الجمعة، بأن “الوضع في النيجر مختلف للغاية عما يحدث في الغابون”، وفق ما نقلته “رويترز”، من دون توضيحات لأسباب الاختلاف.
وفي السياق، قال الباحث المتخصّص في شؤون غرب إفريقيا، تشارلز أسيجبو، إن اختلاف التعامل الفرنسي مع الانقلابيْن، ليس موضع تحليل سياسي، بل هو حقيقة لها أسباب عدة، وهي ان باريس لا تخشى حتى الآن مِن قادة انقلاب الغابون؛ فهم لم يطالبوا بخروج قواتها، ولم يهدِّدوا مصالح شركاتها الموجودة في قطاعي المنغنير والنفط، وتحظى بمعاملة تفضيلية.
كما ان المعارضة الغابونية تبدو أكثر خطورة على مصالح باريس من الانقلابيين، وسبق لها التظاهر ضد زيارة ماكرون في اذار الماضي، كما خرج زعيم المعارضة ليصف الانقلاب بأنه “ثورة القصر” (في اعتقاد منه أن أسرة الرئيس تقف وراء الانقلاب لتتجنّب احتجاجات المعارضة على فوزه بالانتخابات، ثم تعود للحكم بطريقة أخرى).
غير ان الوضع في النيجر أكثر تهديدا، حيث هناك احتمال لتمدّد مجموعة “فاغنر” الروسية، كما أن القادة العسكريين في نيامي يمارسون أقسى درجات الضغط لإخراج القوات الفرنسية وحشد الشعب ضد باريس.
كما ان الوضع الصحي للرئيس الغابوني، علي بونغو، وتاريخ أسرته التي تحكم البلاد منذ 53 عاما، أحد عوامل ضعف ضغط فرنسا على قادة الانقلاب، فكيف لباريس أن تدافع عن شخص مصاب بجلطة دماغية ورث السلطة من أبيه، وهو الأمر الذي كان سيشكل إحراجا لباريس.
بدوره، يؤكّد الباحث في العلاقات الدولية، هاني الجمل، على نقطة تبرم المعارضة السياسية في الغابون من فرنسا؛ لأنها “دعمت عائلة بونغو التي سيطرت على مقاليد الحكم لمدة تلامس 53 عاما، وواصلت دعم بونغو رغم إصابته بجلطة دماغية وغيابه عن السلطة الفعلية، متجاهلة رغبات المعارضة في التغيير، والذي ظهر خلال محاولة الانقلاب الأولى عام 2019 لكنها لم تكلل بالنجاح”.
من ناحية أخرى، يحذّر الأكاديمي الفرنسي وأستاذ العلاقات الدولية، فرانك فارنيل، من وقوع انقلابات في دول أخرى وسط وغرب القارة، وهي المنطقة التي يصفها بـ”الهشّة”.
ويحدّد فارنيل بشكل خاص دول مثل الكاميرون والكونغو برازافيل، ومدغشقر وتشاد، قائلا إن بعضها تعاني الفساد وأخرى حكامها متقدمون في السن، وتحتاج إلى مراقبتها عن كثب، وإنه يجب على المجتمع الدولي أن يشارك بنشاط في المبادرات التي تعزز الحكم المسؤول وتقوي المؤسسات وتعزز التنمية في أنحاء القارة.